إذا كان الشهداء جميعا أحياء عند ربهم، فإن الشهداء العلماء حين يستشهدون يكونون أحياء عند ربهم ويبقون أحياء في وطنهم وبين شعبهم وأمتهم أيضا بما خلفوا من إرث علمي نافع، يكون بمثابة خارطة الطريق صوب الأفضل، كل في المجال الذي يتناوله علمه.
ومع حلول الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد البروفيسور أحمد عبدالرحمن شرف الدين – سلام الله عليه – وإسهاما في إشاعة جانب من إرثه العلمي المهم ، ونحو فهم أفضل لإدارة الدولة، ليسود التنظيم الإداري كافة وحدات الدولة من قمة الهرم وحتى قاعدته، بما يكفل غياب الأخطاء والعشوائية والارتجال، فإننا أسرة الشهيد قد ارتأينا أن نحيي الذكرى هذا العام بنمط مغاير وذلك من خلال إحياء جانب من تركته العلمية الزاخرة، وذلك بتسيير قافلة إلى الجبهة الإدارية، تحتوي على 500 كتاب من مرجعه القانوني الهام الموسوم ب “الوجيز في أحكام القانون الإداري اليمني” الذي يعد مرجعا لا غنى عنه لقيادات الدولة الذين يتبوءون مراکز عليا، على أمل الإفادة منه عمليا في الوصول بإدارة الدولة إلى أرقى مستوى.
ويمكن إدراك أهمية هذا الكتاب – الذي لا يزال يدرس في عدد من الجامعات اليمنية حتى اليوم – من خلال التعرف على موضوعاته، حيث يتكون الكتاب من قسمين:
الأول عن تنظيم الإدارة العامة، الأشخاص الاعتبارية العامة، وأصول التنظيم الإداري، والنظام الإداري في اليمن، وكذلك عن وظائف الإدارة، والضبط الإداري ، والمرافق العامة.
والثاني عن وسائل السلطة الإدارية، وأعمال الإدارة، وامتيازات الإدارة العامة، وأموال الدولة والأشخاص العامة الأخرى، والموظفين العموميين. والقسمان مسبوقان بباب تمهيدي يتضمن أساسيات في القانون الإداري.
إننا على قناعة بأن استشعار قيادات الدولة مدى فداحة خسارة الوطن بفقد الدور الذي كان يمكن للشهيد البروفيسور أن يؤديه في الجبهة الإدارية – خاصة في مواجهة هذا العدوان والحصار – سيمثل دافعا لها لفهم الموضوعات الذي يتناولها كتابه هذا وتجسيدها في الواقع العملي، وفي ذلك ما يؤكد أن الشهيد البروفيسور حي عند ربه وحي بين أبناء شعبه يقف إلى جانبهم ويعين قيادتهم بعلمه الكبير القيم الذي خلفه.
نحن تقدمنا بهذا الإهداء إلى الجبهة الإدارية التي لم يلتفت اليها الكثير إلا بالنقد رغم أهمية دورها في مواجهة التحديات الكبيرة جراء العدوان والحصار، استشعارا لمسؤوليتنا بأهمية أداء النصيحة لقيادات الدولة بما خلفه الشهيد البروفيسور من إرث علمي قيّم في جانب الإدارة العامة، وهو يدفعنا أيضا إلى التذكير بأهمية التفتيش على نوابغ اليمن وعقولها، فهي زاخرة بهم وولنا في تجربة الشهيد خير مثال، فقد ظل وهو الوطني الكفء النزيه مقصيا طوال ثلاثة عقود منذ أن أصبح مدرسا بالجامعة عام 1984م ولم تتح له الفرصة الأكبر لخدمة وطنه خارج الجامعة سوى في السنوات الأخيرة من عمره عندما أسهم في التحضير لمؤتمر الحوار الوطني وشارك مشاركة فاعلة فيه بتقديم خلاصة فكره لوضع اليمن على الطريق الصحيحة.
إن الحاجة تكبر لمثل هذه العقول خلال الظروف الاستثنائية، وهنا لا بد للجبهة الإدارية من التفتيش عن هؤلاء واستيعابهم تجاوبا مع دعوات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله حول إنشاء شراكة حكومية مجتمعية، وذلك من خلال آلية ملموسة في الواقع تفتح الأبواب أمام ذوي العلم والمعرفة في القريب العاجل.
نعم إن الظروف الاستثنائية قد لا يلتزم فيها بالقانون بحذافيره لكن لا يمكن غض النظر عن كون الدستور والقانون قد نظما إدارة الدولة لتلك الظروف ذاتها، والواقع يشهد بأنه كلما التزم بالقانون كان بالإمكان تفادي الكثير من الأخطاء والمشاكل سؤاء في الظروف العادية أو الاستثنائية.
كما تدفعنا الذكرى وتجربة صاحبها وكتابه هذا أن نوصي بإشراك أهل الاختصاص الوطنيين في توجيه سفينة الوطن لاختصار المسافة نحو بر الأمان.
أختم بالشكر والتقدير للجبهة الإدارية سائلا الله تعالى أن ينفعها بهذا الكتاب، وأن يوفق قادتها ورجالها المخلصين في كل الأعمال.