طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
في الماضي كان الإعلام صوتاً أولاً ثم صورة، أما اليوم فثمة انقلاب متسلسل ومتسارع في هذا المجال من مجالات المعرفة البشرية، فصار الإعلام صورة أولاً ثم صوتاً. وربما كان العرب من أكثر الشعوب إحساساً بوطأة هذا الانقلاب، فهم ظاهرة صوتية، كما يقال، أي أن المعرفة المباشرة لديهم تبدأ بحاسة السمع، هكذا كانت حالهم منذ شعراء المعلقات، ومنذ عصر المحدثين وقراء الحكايات وسمار الليالي، فالكلمات والأخيلة تتغلغل في عقولهم وتتسرب إلى أفئدتهم من الأذن أولاً، حتى أن المؤذن اكتسب كنيته من الأذن وصورته المشهورة أنه يضع كفيه خلف أذنيه ثم يرفع الأذان.
إن الصورة بلا ريب هي الأقرب إلى البداهة والحس المباشر، فالانطباع البصري الأولي يسبق العمليات العقلية ويمهد لها بالتأكيد. ولأن الصورة على هذه المكانة من الخطورة فقد تمكنت السينما الغربية وخاصة هوليوود من توظيف الصورة للسيطرة على عقول الجماهير،
فالمشاهد خلال جلسة مريحة يستطيع أن يستعرض تاريخ أمة أو تفاصيل معركة حربية أو تطور حياة بطل تاريخي أو سيرة عظيم أو حتى مجرد قصة حب عاطفية يمكن أن تقع لأي فرد منا، ويقتنع بما يراه ويتفاعل مع تفاصيله إلى درجة أن البعض يوقن أن ما شاهده على الشاشة هو الحقيقة لا غيرها.
وبالتأكيد إن ما يجري على الشاشة يختلف عما يحدث على أرض الواقع، حيث الجريمة والانحلال الأخلاقي والتمييز العنصري فإن هوليوود تسعى بكل ثقلها إلى إعادة الاعتبار للقيم المفقودة في مجتمع انغمس حتى أذنيه بكل أشكال الرذيلة. وهنا لا يمكن أن ننسى (أصولية) هوليوود على الشاشة كما في الواقع هي مع اليهود ضد العالم كله وضد مقاومة النظام الامبريالي.
* نقلا عن : لا ميديا