المعركة التي قهرت المستحيلات وصنعت المعجزات وجمعت بين الشيء وضده، وكشفت الحقائق وغربلت الإنسانية المزيفة من الإنسانية الفطرية السليمة، وفضحت الاستبداد والطغيان الذي تدلعه أمريكا وتلقبه بالديمقراطية، وأماطت اللثام عن العبودية والأطماع الاستعمارية التي تروج لها الولايات المتحدة الأمريكية باسم الحرية، وأسقطت القناع الذي كانت تضعه المملكة المتحدة البريطانية على وجه ملكتها العجوز ليغطي ويحجب رغبتها في احتلال الجمهورية اليمنية، والمعركة التي سفكت مخزون أرامكو وهزت عرش مملكة الأسرة السعودية وحطمت الأنياب والمخالب الصهيونية التي وضعتها "إسرائيل" في أطراف عيال زايد للفتك بشعب الإيمان والحكمة، إنها المعركة التي يخوضها الشعب اليمني الصامد منذ ست سنوات في مواجهة الطواغيت والعملاء والمرتزقة والجماعات "الإرهابية"، وهي المعركة التي لا نظير لها على الإطلاق في هذا العالم، بل هي المعركة الفريدة من نوعها والتي جعلت معظم دول المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة يكشفون عن حقيقة توجهاتهم ومخططاتهم الشيطانية تجاه اليمن وبقية شعوب المنطقة.
ليس من العدل أن يتم النظر إلى مضمون ومحتوى ونتائج ومعطيات ست سنوات من المعركة الشاملة والصمود اليماني في مواجهة دول تحالف العدوان من زاوية الأرقام الزمنية والإحصائيات العددية لما حصل خلال هذه السنوات من إجرام وتدمير وقتل وحصار وعمليات عسكرية وغير ذلك مما يتم إعداده من قبل المعنيين، رغم أنه مهم وضروري؛ ولكن هناك ما هو أهم بكثير من هذا كله والذي يتمثل في المخزون الجهادي والنفسي الإيماني والمعنوي للشعب اليمني الصامد وهو يتصدى للهجمة العدوانية الشاملة، الذي تنامى وكبر مع مر السنين رغم الظروف الاستثنائية التي يعاصرها ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها، وكذلك الحال فيما يتعلق بالتغييرات الكبيرة والمهمة التي حصلت واختلفت عن بعضها خلال السنوات الست من عام لآخر، ومنها موازين المعركة والمعادلات العسكرية وتنامي القدرات التسليحية للجيش واللجان الشعبية التي وصلت إلى مستوى مذهل ومثير للدهشة في زمن قياسي واستثنائي، وكذلك التغيرات الميدانية لجغرافيا الجبهات العسكرية المشتعلة وكيف استطاع الشعب اليمني أن يتحدى الزمان والظروف والصعاب ويصنع بعون الله الإنجازات والانتصارات ويحرر مناطق شاسعة من الأراضي اليمنية من الاحتلال والارتزاق، وكذلك نتائج الحقائق التي كشفتها أحداث الصراع إلى مستوى أنها فرزت وغربلت الخبيث من الطيب وأظهرت نوايا ومخططات الأعداء وجعلت الآلاف ممن كانوا في صف العدو يراجعون حساباتهم ويعودون إلى صف الوطن، وغير ذلك من الأمور المهمة التي يتم نسيانها والغفلة عنها رغم أهميتها.
لم تتوقف المعركة الشاملة التي يخوضها الشعب اليمني الصامد في مواجهة دول تحالف العدوان ليوم واحد منذ 26 مارس عام 2015 وحتى اليوم، وهذا يعني أنها تعد من أطول وأعنف المعارك في تاريخ الحروب والصراعات على مر الزمان. ولو جئنا لنتحدث عن الأحداث والمتغيرات التي حصلت خلال الأعوام الستة التي مرت من عمر العدوان الأمريكي السعودي البريطاني الإماراتي على اليمن سنجد أن كل يوم وكل شهر وكل عام كان مختلفاً تماماً عن الآخر من حيث المستجدات المتسارعة التي حصلت في إطار المعركة الشاملة التي يخوضها الشعب اليمني الصامد في مواجهة دول تحالف العدوان عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وسياسياً وإعلامياً وهكذا في بقية مجالات الصراع، معركة استثنائية بكل المقاييس، من حيث الزمان والأسلحة الحديثة والمتطورة والجوانب والأساليب المختلفة المستخدمة في الصراع وفارق الإمكانيات والقدرات والتغطية الإعلامية بين الحقيقة والتضليل الإعلامي والسياسي والقوات البشرية المتعددة والجرائم الوحشية والعمليات العسكرية النوعية الميدانية والصاروخية والجوية وغير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره بالتفصيل، ولكن المعطيات الموثقة تثبت أن هذه المعركة التي يخوضها الشعب اليمني هي من أقوى المعارك البشرية على مر التاريخ وأكثرها غرابة من حيث المعطيات والمضامين والمتغيرات.
هذه المعركة الطويلة التي تخللها العديد من المبادرات السياسية الإعلامية باسم السلام والحل، وتخللها العديد من جلسات الحوار والمفاوضات كجانب من جوانب الصراع وليس الحل، هي اليوم في مرحلة غير مسبوقة وقابلة للاشتعال أكثر ولن يطفئ نيرانها سوى موقف عملي دولي وأممي جاد يعمل على وقف العدوان وفك الحصار، وما حصل خلال السنوات الست الماضية فيه الكثير من الدروس والعبر لدول العدوان ومرتزقتها، وكل المحاولات التي جربها المعتدون ومنها الجرائم والدمار والحصار والمكر والخداع وغير ذلك كلها فشلت أمام صمود وثبات وعزيمة الشعب اليمني الصامد الذي يعتمد على الله ويثق به ويستمد منه العون وهو تعالى على نصر هذا الشعب لقدير.