لم نتفاجأ عندما نرى حجم الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي في اليمن طيلة الستة الأعوام من العدوان، ولم نصب بالذهول ونحن نحاول قراءة مبلغ الخسارة المالية التي تكبدها هذا القطاع من قبل طيران وصواريخ وحصار تحالف الشر والعدوان والتي تجاوزت (111) مليار دولار.
تحالف العدوان عندما بدأ بشنّ عدوانه على اليمن خطط لقتل وَتدمير كُـلّ شيء في اليمن الإنسان وَالشجر والحجر، جاء ليهلكَ الحرثَ والنسل، كُـلّ عملياته الجوية تستهدف الإنسان وغذائه وما له صلة بحياة الإنسان، قصف المزارع، والمباني والمنشآت الزراعية، ضرب السدود والحواجز المائية وشبكات الري، دمّـر الأسواق الزراعية، قتل المزارع في مزرعته، قتل الأبقار والأغنام والماعز والجمال في مراعيها والخيول في اصطبلاتها، قتل الدواجن في مزارعها والبيض في فقّاساتها، قتل النحل في خلاياها، حتى الحمير -عزَّكم الله- لم تسلم من طيران تحالف العدوان السعودي الأمريكي.
هذا التحالف لا يملك ذرةً من أخلاق المحاربين وليس في قاموسه مَـا هو هدفٌ عسكري ومَـا هو مدني محرم ضربه وقصفه بالطيران، عدو مجرم إرهابي.
العدوّ عندما استهداف القطاع الزراعي يعرف أن هذا القطاع واستمراره في العطاء يعني استمرار وديمومة الحياة للإنسان اليمني؛ لأَنَّه يعرف أن الشعب اليمني معتمد اعتماداً كليًّا على الزراعة، بل إن هذا الشعب وعبر العصور كانت الزراعة هي العمود الفقري لقيام الحضارات اليمنية القديمة.
ويعرف كذلك أن استمرار القطاع الزراعي في العطاء والإنتاج يعني إفشال الحرب الاقتصادية التي يراهن عليها في إخضاع وإذلال واستسلام الشعب اليمني؛ ولذلك نال هذا القطاع من حقد وجرم التحالف ما لم ينله أي قطاع آخر.
كل مواطن يمني تضرر بشكل أَو بآخر جراء خسارة وأضرار القطاع الزراعي، والذي ما زال هذا القطاع الهام والحيوي يخسر وينزف إلى ساعة كتابة هذا المقال وسيستمر حتى وقف العدوان ورفع الحصار وسيظل يخسر حتى إلى ما بعد توقف العدوان بسنوات؛ لأَنَّ هناك -كما قال التقرير الصادر عن وزارة الزراعة والري- أضراراً غير منظورة والتي لن تظهر إلَّا بعد عشرات السنين وستتضرر منها الأجيال القادمة وهي الأضرار التي ستصيب البيئة التربة، المياه، والشجرة)؛ بسَببِ الاستخدام المفرط للأسلحة البيولوجية والكيماوية المحرَّمة التي استخدمها تحالف العدوان في قصف اليمن.
ولكن السؤال المهم هو: ماذا علينا أن نعمل حتى نعوِّضَ هذه الخسائر وأن نعيد القطاع الزراعي ليؤديَ دوره في النهوض بالاقتصاد الوطني وكسر الحصار وإفشال مخطّطات العدوان؟
بعدما عرفنا حجمَ الخسائر والأضرار التي تكبدها القطاع الزراعي؛ بسَببِ الحرب والعدوان علينا أن لا نصاب بالإحباط، بل يجب علينا أن نحول التحديات إلى فُرَصٍ، علينا أن نتحول من الاحتياج الذي أراده لنا العدوّ إلى الإنتاج، علينا أن نستفيد من الدروس التي تعلمناها خلال سنوات العدوان. فعلينا أن ننطلق جميعاً نحو البناء والعطاء، نحو زراعة الأرض، وأن ننطلق لدعم الجبهة الزراعية، فالكل معنيٌّ بالعمل، ولا يوجد أي عذر أَو مبرّر لأحد، وأن يكون تفكيرنا خارج الصندوق، الكل معني بحمل المعول والمفرس والمحراث من عند أكبر مسؤول في الدولة إلى عند أصغر مواطن في الشعب اليمن، حتى نعيش ونأكل من خيرات بلادنا، نعيش أحراراً نمتلك سيادتنا وقرارنا السياسي ما لم سنظل عبيداً وخُدَّاماً لدول الاستكبار العالمي.