على مدى ثلاثة وسبعين عاماً منذ إعلان قيام الكيان الإسرائيلي، واحتلال الأراضي العربية في القدس وغيرها، و”إسرائيل” تعمل بكل ما تمتلك من قوة ومن أساليب وما زرعته أيادٍ خفية لها داخل الحكومات والأنظمة العربية على إغلاق الطريق لعودة القدس والأراضي العربية المحتلّة إلى الحضن العربي، ولكنها اليوم أصبحت الطريق مفتوحه ومعبدة أكثر من ذي قبل.
بعد أن وصلت الشعوب العربية إلى ما وصلته إليه اليوم من تفكك وتمزق وتفرق، وما يحدث في هذه البلدان من حروب وقتال ودمار، وبعدما تفرق الفلسطينيون فيما بينهم وأصبحوا فرقاً وجماعاتٍ مختلفة ومتفرقة، وبعد الانبطاح والارتهان الذي وصلت إليه الأنظمة العربية لـ”إسرائيل” وأمريكا والغرب، وبعدما أعلنت بعض الأنظمة العربية التطبيع والاعتراف بدولة “إسرائيل” على الأراضي العربية، وبعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعد إعلان صفقة القرن جاءت معركة سيف القدس، نسفت وحطمت كلما بنته إسرائيل، وأفشلت كلما سعت إلى تحقيقه إسرائيل، وإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل عام ١٩٤٨م.
إن معركة سيف القدس جاءت مختلفة عن سابقاتها من المعارك التي دارت بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية، فالانتفاضات السابقة كان أبناء فلسطين لا يملكون سوى الحجارة وبعض البنادق، واليوم أصبحت المقاومة الفلسطينية تمتلك الصواريخ والطيران المسيّر (الدرون)، وأصبحت المقاومة تقصف تل أبيب، وعسقلان، وعكا، وسيديروت، وتهدّد “إسرائيل” بالرد بالمثل، بل وأصبحت شعوب العالم تتضامن مع الشعب الفلسطيني، وأصبح العالم يفاوض المقاومة الفلسطينية أن تتوقف عن قصف إسرائيل.
فمعركة سيف القدس، وحي الشيخ جراح كشفت أن “إسرائيل” فشلت عن إبعاد عرب ٤٨ عن فلسطين وقضيته، وعن هُــوِيَّته الفلسطينية، وقوميته العربية.
المعركة اليوم حطمت أُسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، سيف القدس كشفت ضعف القبة الحديدية التي فشلت في التصدي للصواريخ الفلسطينية.
معركة سيف القدس كسرت حاجز الخوف الذي قد كان بدأ يدخل إلى قلوب الفلسطينيين، فازدادوا قوةً وشجاعةً إلى قوتهم وشجاعتهم، سيف القدس وحدت الفصائل الفلسطينية إن لم يكن سياسيًّا فعسكريًّا.
فالبعبع “إسرائيل” الذي ظل الإعلام العالمي والعربي يخوف به الشعوب العربية سقط من أول مواجهة حقيقية مع المقاومة الفلسطينية، وأسقطت هيبة “إسرائيل” ومكانتها لدى سكانها، الذين كانوا يظنون أن “إسرائيل” آمن دولة في العالم، وأنها ستكون قبلة لمن لم يجد الأمن والأمان في بلده.
بعد كلما عملته “إسرائيل” طيلة السبعة العقود الماضية سقط في سبعه أَيَّـام، وأن “إسرائيل” لولا الأنظمة العربية لما بقت محتلّة للأراضي العربية، ولولا الأموال العربية ما استطاعت “إسرائيل” الهيمنة والتحكم على الاقتصاد العربي بل والعالمي.
اليوم بعد كلما كشفته سيف القدس أصبحت الطريق إلى القدس ممهدة ومعبدة، وأصبحت الفرصة سانحة أكثر من ذي قبل إلى التحَرّك لتحرير القدس وكل الأراضي العربية المحتلّة.
وحان الوقت لتوحيد الفصائل والحركات الفلسطينية، وحان الوقت لتوحيد محور المقاومة وتوسعه ليشمل أكبر عدد من الدول العربية والإسلامية.