يسلط العالم كُلُّهُ الضوء على ما جرى ويجري في بلادنا طيلة سنوات الحرب التي يوشك عامها السابع على الانقضاء لكن العرب وحدهم هم من لا يتحدثون عن ذلك او يتحاشون الخوض فيها.
كلما عملت قوى العدوان وداعميها على اطالة امد الحرب كلما كثّف الاعلام الامريكي والغربي والدولي من الحديث عن امراء الحرب السعوديين والاماراتيين وتوصيفهم بأنهم مجرمي حربٍ وقتلةٍ دوليين لكن اعلام الدول العربية لا سيما الرسمي منه نأى وينأى بنفسه عن الخوض في غمار هذه المأساة التي صنعتها أيدي اشقاءٍ عرب..
العرب وحدهم من لم يعد يبدو ان جرائم هذه الحرب الظالمة تحرك فيهم ساكناً من انسانية او قومية او غيرةً على العقيدة..
في عهودٍ مضت كان قادة العرب الذين وصفناهم بالديكتاتوريين يراجعون بعضهم البعض فيما يخص الحروب بين الدول العربية فيما بينها لكن اليوم لم يعد لهذا وجودٌ لا في قاموس القادة ولا الحكومات.. وقد تخرج العبرة من بين ثنايانا بمرارة فنقول ولا حتى في قاموس الشعوب العربية..
شعبٌ عربيٌّ مسلمٌ هو أصل العرب ولم يروا من اليمنيين إلا الخير ولم يكن هناك من قضيةٍ عربيةٍ إلّا كان اليمنيون السبّاقون للتضامن معها بل والتضحية من أجلها إن تطلّب الأمر لكنهم اليوم يتركون ليواجهوا مصيرهم لوحدهم أمام عدوٍّ تبرأت منه كل القيم والأخلاق والمبادئ الانسانية والشيم العربية والعقيدة الاسلامية..
الصمت المخزي للعرب قادةً وشعوباً على هذه الحرب العدوانية التي يشنها علينا أعراب الخليج على طول أمدها يجعلنا نتساءل بمرارةٍ “هل لا يزال هناك عرب..!”
من يتابع إعلام الغرب والشرق وحتى الإعلام الأمريكي فإنه يجد نوعاً من تسليط الضوء على المأساة الانسانية في بلادنا التي صنعتها أيدي من لا يزالون يسمون انفسهم عرباً..
بل أبعد من ذلك تذهب افتتاحيات العديد من الصحف الأمريكية والغربية والتقارير التلفزيونية والإذاعية لتلك البلدان إلى إدانة تحالف عدوان الشر وتتهم عواصم بلادها بالتواطؤ مع السعودي والإماراتي في حربه غير المبررة على بلادنا..
وأبعد من ذلك تجد تصريحات العديد من المشرعين الأمريكان والأوروبيين وهم ينقدون حكومات بلادهم ويتهمونها بالشراكة الكاملة في هذه الحرب اللا أنسانية واللا أخلاقية..
الاعلام العربي هو الوحيد المخدر الذي وإن تطرق لمآلات الحرب في بلادنا فإنه لا يشير باصابع الاتهام الى دول تحالف العدوان وعواصم الشر وامراء الحرب السعوديين والاماراتيين ويكتفي بحديثٍ سطحيٍّ عن الجانب الانساني دون التعمق في مسبباته وظروفه..
بل إن الاعلام العربي في تغطيته لآثار الحرب في بلادنا واحداثها اليومية ينقل عناوين ومانشتات وتقارير اعلام العدوان وقصصه المفبركة فقط دون النظر حتى لمآسي ضحايا هذه الحرب الملعونة
قبل أيامٍ طالبت نائبة المانية بفتح مطار صنعاء وإنهاء الحصار المفروض على اليمن..
ونقل موقع قناة “دويتش فيله” عن “زاكلين ناستيك” أن الأمر لم يعد يقتصر على الحصار المفروض على الشعب اليمني ولكن هناك جرائم ترتكب بحق المسافرين من مدن الشمال عبر مطار عدن..
وقالت النائبة في البرلمان الألماني أن ميناء هامبورج في بلادها على سبيل المثال لا الحصر يقوم بتصدير ثلاث حاويات محملة بالأسلحة بشكل اسبوعي إلى دول الخليج على الرغم من جرائم الحرب التي يرتكبونها في بلادنا..
هذا الصوت الألماني الحر ليس شاذاً فهناك العديد من الأصوات الحرة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكل الدول الغربية تطالب بإيقاف الحرب السعودية الاماراتية على بلادنا ورفع الحصار الفوري عنها..
نوابٌ في برلمانات بلادهم ومنظمات مجتمع مدني وسياسيين واعلاميين وخبراء اقتصاديين بل ومواطنين بسطاء.. الجميع صار يندد بهذا العدوان ومجرمي الحرب فيه ولو بصورة رمزية..
وحدهم العرب حكوماتٍ واعلامٍ ونخبٍ وشعوب من وضعوا ضمائرهم في ثلاجات الموتى ونسوا ان هذه الحرب المجرمة تشن من قبل مجموعة من دويلات الاعراب على بلدٍ جارٍ هو أصل العرب..
ابعد من ذلك يذهب العديد من اعضاء الكونجرس الأمريكي والبرلمانات الأوربية الى ضرورة معاقبة السعودي والإماراتي على جرائم الحرب التي يرتكبونها في بلادنا..
ليس المقام هنا لذكر اسماء وتوجهات وجنسيات وتخصصات المناهضين لهذا العدوان من دولٍ وأفراد ومنظمات وحكومات لكن الصوت الوحيد المفقود في هذه السلسلة الرمزية وغير المؤثرة هو الصوت العربي الحر فلم نسمع أن برلماناً عربياً صوّت لأي قرار بشأن ايقاف هذه الحرب الملعونة ولم نرى تجمعاً لبرلمانيين عرب يطالبون بوقف الحرب علينا أو على الأقل رفع الحصار المفروض على كاهل هذا الشعب العظيم..
سبع سنين من الحرب السعودية الإماراتية المجرمة أظهرت أن العرب قادةً وشعوب صاروا مخدّرين خارجين عن إطار الاحداث الوجودية المزلزلة في مستقبل الأمة بل وغير راغبين في الاسهام في ان يكونوا جزءاً من تاريخها ولو بكلمة حق..
حتى على مستوى الإعلام فإن الإعلام الأمريكي والغربي هو الذي يتناول هذه الحرب ويسلط الضوء على الجرائم المرتكبة فيها ويطالب في أكثر من مناسبةٍ بمحاسبة القتلة ورفع الحصار المفروض على اليمن..
أما الإعلام العربي فهو الإعلام الدولي والاقليمي الوحيد الذي يقف شاهد زورٍ على أكبر جريمة حرب ترتكب في التاريخ بحق شعبٍ بأكمله وأمةٍ بأسرها بأيدٍ عربية وتحت يافطة تحالفٍ شريرٍ يدعي انه عربيّ..
من واشنطن الى لندن الى باريس الى روما الى اوتاوا الى مدريد وبرلين وكل عواصم الغرب صار الاعلام الغربي والمنظمات المدنية والاوساط المجتمعية في مجملها متصيدةً لجرائم العدوان في بلادنا ومناهضةٌ لها..
لم يعد هناك وسية إعلامٍ غربيةٍ لم تشر بأصبع الاتهام الى المحمدين ابن سلمان وابن زايد بشأن جرائم الحرب التي ترتكبها انظمتهم في بلادنا بل وتوصفهم بالقتلة وتصوّرهم بأبشع الصور..
وحده الإعلام العربي لا يزال يثني على هذين القاتلين ويضع صور أمراء الحرب السعوديين والإماراتيين في صدور صفحات اعلامه الرسمي..
قد يكون هذا الصمت المخزي مفروضٌ على الاعلام العربي لكن تسليط الضوء على مآسي الحرب وكوارثها والمطالبة برفع المعاناة عن ضحاياها على الأقل هي واجبً انسانيٌ لا مبرر على الاطلاق للسكوت عنه..
لا ندافع اطلاقاً عن الغرب بحكوماته ومجتمعاته ومنظماته واعلامه ونخبه فهم اُس العدوانه وأساسه وشريانه للاستمرار لكننا ننشد موقفاً عربياً وإن رمزياً فقط ونتمنى ان يأتي ولو متأخراً جداً..
مرارةٌ تجعلنا نكرر تساؤلنا المنطقي المؤلم والمشروع “هل لا يزال هناك عربٌ يشعرون بما يفعله الأعراب في بلاد أصل العرب”..!
تساؤلٌ يبدو السكوت عنه خيرٌ من الإجابة المُرَّة الدامية عليه..!”
* نقلا عن : السياسية