ما لبث صوت العدالة ان علا قليلاً في محكمة العدل الدولية حتى سارعت واشنطن لارتكاب جريمةٍ جديدةٍ بحق أهالي غزة المحاصرين لا تقل في فضاعتها عن جرائم الإبادة الجماعية التي ادين بها كيان الاحتلال..
خلق بيئةٍ مميتةٍ وغير صالحةٍ للعيش في القطاع تمهيداً لإفراغه من سكانه وصولاً لاستيطانه في مراحل لاحقة يمثل أبرز اهداف واشنطن وتل ابيب بعيداً عن أكاذيب القضاء على حماس وأوهام استعادة الأسرى الاسرائيليين..
هذا المخطط الصهيو امريكي المجرم اثبت صوابية موقف القيادة اليمنية التي كانت واضحةً وصادقة وعملية في جعل الهدف الرئيسي المعلن للعمليات اليمنية في البحر الأحمر هو احباط هذه المؤامرة وضربها بالوسائل التي تتناسب مع خبثها واتساع دائرتها..
في هذا التوقيت الحرج الذي تعلن فيه المنظمات الأممية والإنسانية عن ان كل أهالي غزة معرضون لخطر الموت جوعاً أو عطشاً او بالأوبئة والامراض تسعى واشنطن لقطع يد المساعدات التي تحصل عليها “الاونروا”..
لم تكتفي الولايات المتحدة بهذه الجريمة بل حرضت كل حلفائها الغربيين وضغطت عليهم للقيام بإيقاف المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المنظمة الإنسانية الأكبر داخل القطاع..
أراد الامريكان عبر هذا الفعل الاجرامي المدروس إيصال رسالة للعالم الحر بأسره أنه حتى لو أدينت إسرائيل أمام مؤسسات العدالة والمحافل الدولية فإن ذاك لن يثني واشنطن عن المضي قدماً في دعم تل ابيب والشراكة معها في الجرائم النازية الممنهجة بحق الفلسطينيين..
الادعاءات الامريكية بممارسة واشنطن الضغوط على شريكها الإسرائيلي للسماح لمزيد من المساعدات بالوصول الى أهالي القطاع المحاصرين يتنافى مع هذه الجريمة التي تعكس الشراكة الأمريكية الغربية مع ما تفعله قوات الاحتلال..
من لم تقتله غارات العدو الصهيوني ورصاصاته طيلة أربعة اشهرٍ يسعى الامريكان وصهاينة الغرب الى الاجهاز عليه بالحصار والجوع والبرد في استكمالٍ لما يقوم به جيش الاحتلال في حربه النازية بحق أهل غزة..
هذا التصرف الاجرامي لا يعني ان واشنطن لم تكن شريكةً في حصار غزة وقتل أهلها ومنع المساعدات الإنسانية عنهم فهي تقوم بدورها الاجرامي على كل الأصعدة بما في ذلك اجهاض كل القرارات الأممية والدولية الداعية لإيصال امدادات الغذاء والدواء والوقود اللازم للقطاع ومستشفياته..
تحرك الامريكان بمعية من يسمون انفسهم بأصدقاء الذين تسارعوا لقطع المساعدات عن الـ”اونروا” وفي هذا التوقيت يفضح مزاعمهم بالسعي لمساعدة الفلسطينيين ويكذب ادعاءاتهم بعدم الشراكة المباشرة في حرب الإبادة الجماعية بحق أهالي القطاع..
في الوقت الذي بدت فيه ملامح فشل تل ابيب التام في تحقيق ايٍّ من أهدافها المعلنة مضت واشنطن في تنفيذ تحركاتٍ مبرمجة تستهدف تحقيق أهم اهداف هذه الحرب النازية عبر تشديد الحصار المميت الذي يتمنون ان يفضي الى تهجير أهالي القطاع..
الادعاءات الإسرائيلية بتورط عددٍ من موظفي الـ”اونروا” في هجمات السابع من أكتوبر لا يبرر على الاطلاق قطع المساعدات عن المنظمة التي تتولى تنسيق وايصال المساعدات وتوزيعها على اكثر من مليون ومائتي فلسطيني..
ليس ذاك فحسب بل ان كل مقرات ومدارس المنظمة الانسانية الأكبر في القطاع أضحت مراكز رئيسية لإيواء مئات الآلاف من النازحين الهاربين من القصف العشوائي وتهديد الموت برداً وسط امطار الشتاء وصقيعه..
التحرك الأمريكي لم يخرج عن المخطط المعد سلفاً والذي شاركت واشنطن في رسم ملامحه النازية فتعطيل عمل الـ”اونروا” سيسهم في خلق بيئةٍ مميتةٍ يتقاسمها مربع الجوع والبرد والمرض وانعدام المأوى..
مخطط تفريغ قطاع غزة من سكانه تتقاسم ادواره كلٌّ من تل ابيب وواشنطن وكل من يدعمهما في هذه الحرب النازية..
يتولى جيش الاحتلال قتل اكبر عددٍ من فلسطينيي القطاع وتدمير بيوتهم وتهجيرهم فيما يقوم الامريكان والبريطانيون ومن يسمون انفسهم بأصدقاء إسرائيل بقطع المساعدات ومنع وصول الماء والغذاء والدواء الى داخل القطاع ناهيك عن اجهاض أي اجماع دولي للضغط على اسرائيل..
تدرك الولايات المتحدة ان الحرب الاسرائيلية على غزة لابد ان يوضع لها حدّ سواءً كان عسكرياً أو تفاوضياً أو حتى بإعلان الفشل والانكسار لذا فهي تمضي قدماً في محاولة فرض البيئة التي تحقق أولى اهداف هذه الحرب النازية المتمثلة في توفير بيئة مناسبة لإعادة احتلال القطاع واستيطانه..
قطع يد المساعدات الإغاثية عن اهالي القطاع ووضع العراقيل امام أي جهودٍ لإعادة اعماره سيمثل رأس الحربة الامريكية في أي مرحلة مقبلة تتضمن إيقاف الحرب او قيام جولة جديدة من التهدئة الطويلة نسيباً..
لقد فشل جيش الاحتلال في تحقيق اهم أهداف حربه النازية في اجبار سكان غزة على مغادرة القطاع لكنه ينفذ وبشراكة امريكية بريطانية كاملة مؤامرة خلق بيئة يفترض ان يستحيل معها العيش في القطاع المدمر كليّاً..
على الرغم من الامريكان يجب ان يتواجدوا في قفص الاتهام امام محكمة العدل الدولية لتحمل مسئولياتهم عن عمليات الابادة الجماعية التي اقترفوها بحق الكثير من الشعوب إلاّ اننا نؤمن بوجوب ان يحصل ذلك اليوم وحصراً بسبب حرب الابادة العنصرية في غزة ودون تراخٍ او تأخير ..
يجب ان يتداعى كل احرار العالم للزج بالولايات المتحدة الراعي الأول للإرهاب العالمي لكي تقف أمام محاكم العدالة الدولية والمحافل الأممية..
يجب ان تفتح كل ملفات الاجرام الأمريكي الممنهج بدءاً بالمذبحة النووية في هيروشيما وناجازاكي مروراً بجرائم الإبادة بحق الشعب الفيتنامي وتكرار ذاك المسلسل الاجرامي بصورة ابشع في افغانستان والعراق واليمن وصولاً لحرب الإبادة النازية بحق سكان غزة وكل شعب فلسطين.
نقلا عن : السياسية