عادت مملكةُ الشر إلى قصف صنعاء في سابقة دالةٍ على قلق نفسي وتوتر وانكسار، فالحرب التي تديرها في ربوع اليمن جاءت بنتائجَ عكسية لم تكن تتوقعها، وتشعر السعوديّة اليوم أنها وقعت في فَــخٍّ كبير ظنت القوةَ المالية والعتادَ العسكري قادرَين على حسم المعركة، لكنها نامت على لحظة وهم لم تصحُ منها إلا على حقيقة مرة وقاهرة، وهي فقدانها لكل مقومات البقاء.
بالأمس القريب قصفت مصنعا للمواد البلاستيكية وهو سلوك معهود منها طوال زمن العدوان الذي بدأ في 2015م، وفي ظنها أن ذلك كفيل بترميم ما تصدع في أذهان الرأي العام بعودة ما فقدته من قيمة ومن معنى طوال زمن عدوانها على اليمن، وهي تسير في عَمَهِ الطغيان الذي لن تُحمد عقباه لا اليوم ولا غداً.
كنا وما زلنا نؤمن بعدالة قضيتنا، نسير في مسارنا على هدى من القرآن، يعمر قلوبنا الإيمان المطلق بنصر الله لنا من خلال وعده لنا بالنصر في محكم الذكر المبين، لذلك لم نعد نخشى الطائرات ولا الصواريخ، فقد أصبحت بالنسبة لأهل اليمن عادةً واعتياداً منذ ناصبتنا مملكة الشر العداء المطلق، وأفصح الخطاب السياسي والعسكري والسلوك العام عن ذلك.
اليوم نشعر بالقوة وبالثقة بالله وبالقيادة الثورية والقيادة السياسية أكثر من ذي قبل، فالكثير من الذين سارعوا للتعاون مع الغزاة والطغاة زالت الغشاوة من على أعينهم وعادوا إلى حضن الوطن وحملوا بنادقهم وتوجّـهوا إلى الجبهات؛ دفاعاً عن الأرض والعرض، وفي ذلك بيان لقوم يعقلون لو كانوا يعقلون.
لا يكاد يمر على الناس شهر من الزمان إلا ونسمع عن صفقات أسلحة تقوم مملكة الشراء بشرائها من الدول الصناعية الكبرى وتدفع بتلك الأسلحة لقتل أهل اليمن، وفي المقابل وعلى مدى سبعة أعوام أَو تزيد لم نسمع أن الجيش واللجان الشعبيّة الذين يخوضون معركة الذود والكرامة عن الأرض والعرض، ويثقون بوعد الله بنصرهم وقدرته عليه، قد اشتروا قطعة واحدة، بل كاد الحصار أن يخنقهم في أسباب وجودهم وفي قوتهم وعلاجهم، ويبدو أن قادة مملكة الشر لم يقفوا عند هذه الخصيصة الربانية ولم يتأملوا القرآن ملياً حتى يفكروا في ذلك، فقد قال الله قولاً سديداً لقوم يفقهون ويعقلون، بَيْدَ أن قادة مملكة الشر لا يفقهون ولا يعقلون ولا يؤمنون بقول الله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) آية 36 سورة الحج، فالقوة المادية والعسكرية وتحالف الكون كله يصبح هباء بلا معنى وبلا قيمة عند وعد الله للمظلومين بالنصر، وفي هذا الوعد تكمن المعجزات التي يقوم بها الجيش واللجان الشعبيّة في عموم الجبهات، وفي جبهات الحدود بالذات، إذ أن المتأمل للمشاهد التي يبثها الإعلام الحربي يدرك أن الله قذف في قلوب الذين كفروا بقدرته ولم يؤمنوا بآياته الرعب، وقد كانت المشاهد واضحة البيان لمن ألقى السمع أَو كان بصيرا.
كان الأجدر بقادة مملكة الشر أن يقفوا لحظات قصيرة لتقييم مسار المعركة فيما مضى من عمر العدوان على اليمن، ويستعيدوا ذاكرتهم في تقييم مسار المعركة حتى ينقذوا أنفسهم من عناصر الفناء التي يسعون إليها بأنفسهم، فقادة مملكة الشر يهدمون ملكهم اليوم بأيدهم وأيدي المؤمنين وهم لا يشعرون.
ولعل ما يحدُثُ في مملكة الشر من هدم للقيم والمبادئ ومن خدش للحياء ومن مروق من الدين عبر ما يسمى بهيئة الترفيه دليل على مصداقية أحكام الله في كتابه الكريم وهو كتابٌ اتخذه أهلُ اليمن منهاجاً ودليلاً ونوراً يهتدون به في معركتهم الوجودية مع قوى الشر العالمي، فالهدم الذي يقومُ به قادة مملكة الشر يسير اليوم في مسارَين حدّدهما اللهُ في كتابه العزيز: مسار المؤمنين من الجيش واللجان الشعبيّة، ومسارهم أنفسهم عبر طرق الهدم التي تقوم بها هيئةُ الترفيه، وفي ذلك عظات لقوم يفقهون، فقابلُ أَيَّـام مملكة الشر لن يكونَ كغابر أيامها فقد تكسّرت الصورة النمطية في أذهان المسلمين، وبدأت عواملُ الفناء تدُبُّ في جسد كيان الشر والعاقبة للمؤمنين.