تزامناً مع الوقت الذي عاد به الحديث الإعلامي لقوى العدوان عن نيتها السيطرة على ميناء الحديدة(( يصل عبر ميناء الحديدة أكثر من 70 % من واردات الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى اليمن ويقع قرب مضيق باب المندب، الذي يمر عبره نحو أربعة ملايين برميل من النفط يوميا)) والزجّ بقوات كبيرة مجهّزة ومسلحة بشكل كامل، في محاولة للسيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي “الهام” ويتزامن هذا الحديث لقوى العدوان، مع ضربات جوية كثيفة تشنّها هذه القوى على مواقع عدة في محيط العاصمة صنعاء ومدينتي الحديدة وصعدة. وتزامناً مع كلّ هذا وذاك، يراقب العالم ككلّ وكعادته صامتاً، مسار الحرب الشعواء السعودية الامريكية بغطاء «الناتو الخليجي » على اليمن، خصوصاً بعدما جرى بالساعات الماضية بمحيط مدينة الحديدة.
هذه التطورات بمجموعها، تؤكد أنّ مسار هذه الحرب العدوانية، خصوصاً مع حديث قوى العدوان عن استعدادات تجريها وتنفذها لإعلان ساعة الصفر لانطلاق معركة ميناء الحديدة، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، هذه المعارك بمجموعها تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة، قد تسقط قوى العدوان بمسار دموي قد يمتدّ لسنوات عدة.
اليوم، من الواضح أنّ مسار وتداعيات معركة ميناء الحديدة ،ستكون لها تأثيرات سلبية جداً على قوى العدوان، فهذه القوى ما زالت مصرّة على الغرق بشكل أعمق في المستنقع اليمني، فالنظام السعودي تحديداً والمنغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها في الإقليم، بدءاً من الحرب على الدولة السورية وليس نهاية بالحرب العدوانية على اليمن، بدوره، يعلم حقيقة هزيمته في ميادين عدة في الآونة الأخيرة، لكنه في الوقت نفسه، لا يريد أن يتلقى هزيمة جديدة. وقد تكرّرت هزائمه أخيراً في ميادين عدة، ليس أولها ولا آخرها الميدان السوري.
من كلّ هذا، نستنتج أنّ السعوديين ومعهم قوى العدوان، سيستمرّون في معركتهم العدوانية على اليمن، مرتكزين على الدعم الأميركي البريطاني والغطاء السياسي من بعض الأنظمة العربية اللا محدود لهم، بهذه الحرب العدوانية التدميرية على اليمن، ومع ذلك الأمريكان، كما السعوديون، يعلمون جيداً حجم خسائر النظام السعودي، في مختلف جبهات الصراع التي يشترك فيها السعوديون في المنطقة، والسعوديون بدورهم، يعلمون جيداً، معنى أن يفتحوا جبهة جديدة وصراعاً جديدا في ميناء الحديدةً، ويعلمون ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات المستقبلية التي ستفرزها هذه الحرب على اليمن كل اليمن . وبالأحرى، هم يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي في هذه المعركة، على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً. ومع كلّ هذا وذاك، قرّر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة، علهم يستطيعون أن يحققوا انتصاراً حتى وإنْ كان إعلامياً، لعلّ هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل، بعد سلسلة الهزائم المدوّية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.
اليوم، لا يمكن، بأيّ حال من الأحوال، إنكار حقيقة أنّ تصعيد قوى العدوان حربها على اليمن، ستكون له، بشكل عام، تداعيات خطيرة على مستقبل استقرار المنطقة الهش والمضطرب، بشكل عام. ويأتي كلّ ذلك التصعيد، في الوقت الذي تزداد فيه المطالبات الإقليمية والدولية لوضع حلول عاجلة وإيجاد مسار تسويات للأزمة اليمنية ومعظم ملفات الإقليم العالقة.
ختاماً، من الواضح أنّ قوى العدوان تحاول من خلال تصعيد مسار حربها على اليمن، أن تحقق تغييراً كاملاً ومطلقاً في شروط التفاوض المقبلة بين جميع قوى الإقليم، من خلال السعي إلى السيطرة واحتلال المزيد من المدن والمحافظات اليمنية. والواضح أنّ المرحلة المقبلة ستحمل بين طياتها الكثير من التكهّنات والتساؤلات، بل واحتمال المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، فالمعركة لها أبعاد عدة مستقبلية ومرحلية ولا يمكن لأحد أن يتنبّأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسار ونتائج المعركة تخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً. واحتمالات تطور هذا الصراع في اليمن، إلى حرب إقليمية كبرى .