في نهاية الحرب العالمية الثانية وعلى إثر الهجوم الأمريكي الذري على مدينتَي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، أعلن الإمبراطور الياباني استسلام بلاده اليابان غير المشروط.
ليس؛ لأَنَّه طبعاً قد فقد السيطرة مثلاً أو؛ لأَنَّ جيشه يومها قد أحيط به أَو انهار ولم يعد قادراً على القتال، بل على العكس من ذلك فقد ظل جيشه متماسكاً وقوياً ومجهزاً بأحدث وأقوى أنواع الأسلحة والعتاد حتى آخر لحظة، ولكن؛ لأَنَّه أدرك جيِّدًا أن بلاده في هذه اللحظة قد وصلت إلى درجة أَو نقطة عدم التحمل!
لذلك أعلن وبكل شجاعة استسلام بلاده!
فثبات الجيوش في الحروب وكما هو معروف مرهونٌ ومرتبطٌ دائماً بمدى قدرة بلدانها وأنظمتها على الاستمرار والتحمل وليس بمدى تجهيزاتها وعتادها وعدتها فحسب!
كذلك هي دولة الإمارات اليوم.
تمتلك من أحدث وأقوى الأسلحة والتجهيزات العسكرية ما لا تمتلكه دولٌ كبرى بعينها وبما يؤهلها إلى اجتياح واحتلال نصف الكرة الأرضية، إلا أن هذا ومع ذلك يظل في اعتقادي لا معنى أَو قيمة له إذَا ما قسنا ذلك مع مدى وقدرة هذه الدولة على التحمل، فالإمارات -وكما هو معروف- عند الحديث عن بروز أَو ظهور أي مخاطر أَو مؤثرات أجنبية طارئة وقاهرة من الدول الأقل مقدرةً على التحمل على مستوى العالم وذلك طبعاً لاعتباراتٍ ديموغرافية وجغرافية واقتصادية وسياسية يعرفها الجميع ولا يسع المجال لذكرها الآن!
فإذا كان مُجَـرّد صاروخ بالستي واحد أَو اثنين يحطان رحالهما فجأةً في مدينة (دبي) كفيلين بأن يحدثا في الإمارات ما لم تحدثه قنبلتا هيروشيما وناجازاكي في اليابان، فهذا يعني أننا أمام دولةٍ هشة ولا تملك القدرة الكافية على التحمل التي تتناسب وحجم إمْكَاناتها وقدراتها العسكرية والاقتصادية الضخمة.
وبالتالي فَـإنَّ من مصلحة دولة الإمارات اليوم في عدوانها على اليمن وفي ظل هذا التصعيد والتصعيد المضاد أن تنزل من على الشجرة الآن وتترجل عن صهوة غرورها وغطرستها قليلًا حتى لا تجد نفسها في لحظةٍ وأمام ضربات اليمنيين المتصاعدة قد وصلت سريعاً إلى نقطة عدم التحمل وفقدت السيطرة على الوضع وقرّرت مضطرةً في آخر المطاف إعلان استسلامها وهزيمتها.. أَو كما فعل اليابانيون ذات يوم.
فهل يعي الإماراتيون هذا الأمر؟!
أم ماذا يا تُرى؟!