عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
الإعصار الثالث
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: سنتين و 10 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 04 فبراير-شباط 2022 07:04 م


لم يدرك عرب الصحراء أن اليمن ظل عصيا على كل مشاريع الاستعمار منذ دقيانوس إلى زمن البعير والناقة والصحراء، كما لم يدرك قادة الخليج حجم الكارثة التي تنتظرهم إذا ما استمروا في عدوانهم وحصارهم لهذا البلد العزيز والكريم والشهم، قد أرسل أهل اليمن رسائلهم التحذيرية الأولى ثم الثانية وها هي الثالثة قد قرعت أبوابهم ولكنهم قوم لا يعقلون .
لم يكن الكثير من الناس يدرك حقيقة أمر الإمارات حتى جاءتهم رسائل أهل اليمن، فكشفت عنهم الغطاء فبصرهم اليوم حديد، إذْ عرفوا أن النهضة التي عليها الإمارات لم تكن بسبب رؤية محمد بن راشد ولا بسبب التنظير الذي يخالف السياق العام والواقع، بل بسبب التماهي الكلي مع المشروع الصهيوني، حيث كانت الإمارات جزء لا يتجزأ من المشروع الصهيوني الذي ظل يبحث عن منطقة آمنة في المنطقة العربية حتى تكون محور الارتكاز للمركزية الاقتصادية في المنطقة العربية برمتها، فهم على إدراك تام بحالة التوتر الذي لم ولن يستقر في فلسطين، ولذلك بحثوا عن مكان آمن يكون بؤرة التحكم في الاقتصاد فكانت الإمارات وتحديدا إمارة أبو ظبي ودبي هما الإطار الجغرافي الذي وجدت الصهيونية ضالتها فيهما .
ظل الشائع أن هناك نهضة حضارية في الإمارات ولم يفكر أحد لماذا تلك النهضة في دبي وأبو ظبي دون باقي الإمارات الأربع الأخرى ؟ اليوم يكشف الإعصار اليمني الأول والثاني والثالث عن الحقيقة بكل جلاء ووضوح، فلم يعد الأمر سرا بعد أن كشف الإعصار الحجاب وفضح الهالة التي كانت تحجب الرؤية .
الإمارات كانت جزءاً مفصليا من المشروع الصهيوني، فهم يسعون من خلال فرض الاحتلال على أرض فلسطين إلى مركزية سياسية وعسكرية وكانوا على علم أن فلسطين لن تكون آمنة بسبب الاضطراب وعدم الاستقرار وحركة المقاومة الإسلامية التي تعمل على استعادة الأرض والخروج من مشروع الاحتلال الصهيوني، فكانت الإمارات هي البديل الآمن للمشروع الصهيوني الذي يتخذ من الزي العربي جدارا يستر ما وراءه من أهداف ونوايا، ولذلك سارعوا بكل قدراتهم وإمكانياتهم إلى تعطيل المشاريع الاقتصادية التي تهدد دبي، ووقفوا ضدها فتحركوا في القرن الأفريقي وفي عدن، أي على ضفتي البحر الأحمر فكان النشاط الصهيوني متوازيا مع النشاط الإماراتي أو الذي يتخذ من الإمارات وجها بديلا حتى لا ينكشف الغطاء، وظل الأمر على ذلك المنوال حتى أخذ التطبيع مساره في الخارطة العربية، فوجدت الصهيونية قدرا من الاطمئنان بعد أن حدث الانقسام في الصف العربي كي تجاهر بالنوايا وتعلن عن نفسها بكل وضوح وعلانية، ففي كل مكان تتواجد فيه الإمارات في اليمن نجد إسرائيل بعد سويعات تعلن عن تواجدها فيه .
اليوم الصهيونية تعمل جاهدة على تنمية مشروع الانهيار القيمي والأخلاقي عن طريق التطبيقات الاجتماعية والسينما والفنون والآداب ومن خلال السيطرة على الموجهات الثقافية في المنطقة العربية من خلال استنساخ البرامج العالمية التفاعلية في العالم والترويج في الوسط الاجتماعي والثقافي العربي، وهذه الاستراتيجية بدأتها منذ وقت مبكر حتى وصلت غايتها اليوم في إحداث حالة الانقسام في الرأي العام العربي وفي تفكيك عرى الوحدة العربية، وفي التحكم بمساراتها، فالمهرجانات الفنية والثقافية ومشاريع الترفيه ومهرجانات الفنون في عموم العواصم العربية تهدف كلها إلى غايات وأهداف واحدة وذات تواشج، تتمثل تلك الأهداف في خلق جيل رخو خال من قيم الشهامة والرجولة، وساذج، ونماذج ذلك أكثر وضوحا في المجتمع العراقي الذي وقع تحت طائلة الاستهداف منذ سقوط بغداد عام 2003م، حيث نشطت الصهيونية عن طريق غطاء الاحتلال الأمريكي للعراق في حركة الاغتيالات للعلماء، وأصحاب الفكر والرأي، وتماهت الجماعات الإرهابية في تنفيذ الأجندات الصهيونية في اغتيال رموز التنوير والحرية والاستقلال، فكان من نتائج ذلك ما نشاهده اليوم في منصات التواصل الاجتماعي من ميوعة وحفلات للناشئة يندى لها الجبين، ومثل ذلك كان يحدث في دبي وأبو ظبي وهو اليوم يسير بخطى الواثق في المجتمع السعودي .
لم تكن مصر بعيدة عن هذا النشاط، فقد ظهرت عدة مؤشرات في الزمن الماضي لكن هذا النشاط كان أكثر وضوحا بعد مهرجان الجونة السينمائي وهو اليوم يثير سؤالا في الوسط الفني والثقافي المصري بعد فيلم ” أصدقاء ولا أعز ” وبعد تنبه نقابة المهن الموسيقية لموجة الغناء الهابط الذي يجد رواجا منقطع النظير في منصات التواصل الاجتماعي ويستهدف من خلاله جيل الناشئة في عموم الوطن العربي، والعجيب أن الجوهري والرصين لا يجد تفاعلا في حين نرى رواجا لكل ما هو هابط وضد القيم الإسلامية والأخلاق العربية.
المعركة مع الصهيونية العالمية عميقة ولن تقف عند حدود النشاط العسكري وفرض ثنائية الهيمنة والخضوع على المجتمعات العربية والإسلامية، وعلى الحكومات، وتحقيق المركزية السياسية والاقتصادية، بل تتجاوز ذلك إلى التأثير على البناء الثقافي وتعطيل القدرات الذهنية والأخلاقية وتسطيح الوعي العربي حتى يتقبل جيل الناشئة القضايا كمسلمات غير قابلة للنقاش .
نحن أمام حالة عصية نشبت أظفارها منذ عقود طويلة من الاستهداف والسياسات الاستراتيجية، ولا بد من تكثيف الجهود حتى نتمكن من المقاومة ومن القدرة على التحكم في مقاليد المستقبل، ولن ننجح في ذلك إلا ببذل الجهود المضاعفة في التحرك على مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحضارية، بحيث نخلق البدائل التي تحفظ التوازن للمجتمع في عالم متموج وغير مستقر.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالكريم محمد الوشلي
رجب جمعة مولد شعب
عبدالكريم محمد الوشلي
د.أشرف الكبسي
الدفاع المدني.. عجل الله فرجه!
د.أشرف الكبسي
عبدالملك سام
من المجنون والأحمق؟!
عبدالملك سام
صلاح الشامي
صناعة التغيرات ودور دولة الكيان
صلاح الشامي
عبدالفتاح حيدرة
عملية"إعصار اليمن" الثالثة تكشف ملامح المعارك الأخيرة
عبدالفتاح حيدرة
عبدالفتاح علي البنوس
السعودية والإمارات وحقوق الإنسان
عبدالفتاح علي البنوس
المزيد