تتعدد القضايا وتتراكم الملفات وتزيد المشاكل وتتنوع أسبابها ويتحول بعضها إلى نزاعات وخصومات وإشكالات تخلق بيئة غير مستقرة ، يرافق كل ذلك تحديات وضغوط اقتصادية خانقة سببها العدوان والحصار الإجرامي ، اليوم ونحن نعيش في ظل الهدنة المؤقتة نجد هذه القضايا مضاعفة ، ولربما وصل البعض إلى حالة من التوهان والتشتت والإحباط ، وهي حالة طبيعية تترافق مع اشتداد حمم الأزمات وخاصة المعيشية ، لكن الخروج من هذه الحالة هو بوصلة العمل في سياق الأولويات التي وضعها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يوم أمس «التصدي للعدوان كأولى الأولويات ، الحفاظ على الاستقرار والتماسك الداخلي ، تصحيح وضع مؤسسات الدولة».
لا ينبغي الانصراف عن أولوياتنا الكبرى والمصيرية إلى التفاصيل ، لا ينبغي الابتعاد عن الأهم إلى الأقل منه أهمية ، لا ينبغي التشتت في الجهود خارج هذه الأولويات ، البقاء خارج هذه الرؤية والضرورات المصيرية التي حددها قائد الثورة للأداء والمسؤولية في هذه المرحلة لن يوصل إلى نتيجة ، السيد- حفظه الله- وضع لنا رؤية واستراتيجية وأولويات نبني عليها كل تحركنا وأدائنا ، نضبط بها كل أعمالنا في أي موقع كان من مواقع المسؤولية.
الأولويات التي وضعها السيد- حفظه الله- يوم أمس شاملة وانطلقت من التقييم للواقع ، ومن الضرورات المصيرية التي تفرضها طبيعة المواجهة والحرب المفروضة على اليمن ، وطبيعة المؤامرات الكبرى التي تحيكها دول العدوان وأحلافها على اليمن والحصار أيضاً الهادف لخنق الشعب اليمني وتركيعه ، ومن التقديرات الموضوعية والحقيقية لمخاطر الانصراف عن هذه الأولويات الكبرى إلى هوامش القضايا ، وهي وضع للنقاط على الحروف لمعالجة الوضع وللأداء وللمسؤولية في هذه المرحلة.
التصدي للعدوان هي الأولوية وهي القضية الكبرى التي لا يجب أن نغفل عنها وبقدر ما أراد قائد الثورة إعادة بوصلة المسؤوليات بقدر ما أراد التذكير بهذه القضية كأولوية استراتيجية ، ومن باب التذكير أيضاً يجب إعادة إنعاش الذاكرة الجمعية لليمنيين بما فعله العدوان من جرائم بشعة ومروعة ومن حصار وتجويع وتدمير وقصف وتحالفات عسكرية وسلاح فتاك ومدمر ومحرم وبما حشد من الإرهابيين ومن المرتزقة ومن المأجورين وبما ادعى من أكاذيب وأضاليل في تبرير حربه المسعورة على اليمن ، وبما يفعل من نهب وسرقات للثروة الوطنية وبما يحتل من أراض ومناطق ومحافظات وجزر يمنية ينهب منها حتى كنوزها الطبيعية. هذا التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي المدعوم صهيونياً وغربياً لم يأت كفاعل خير مع اليمنيين ، بل جاء ليقتل ويحاصر ويجوِّع كل اليمنيين ، ويدمِّر كل منشآتهم وبُناهم ومعائشهم ، ويحتل كل اليمن ويبسط سيطرته عليه ، وينهب الثروات ويسرقها مستخدماً المرتزقة كأدوات مأجورة لتحقيق أهدافه ، ولم يأت كفاعل خير مع أحد ضد أحد بل جاء ليحقق أهدافه ومؤامراته ، والانصراف عن مواجهته إلى قضايا أخرى يعني ترك مصيرنا للمجهول وترك بلادنا وحريتنا واستقلالنا لعدو مجرم حقير ومنحط. رؤية السيد- حفظه الله- كما هي في اليوم الأول للعدوان على اليمن ، الاستنفار والتعبئة في مواجهة هذا العدوان التحالفي ، والانطلاق من هذه المرتكزات الصلبة والقوية والواضحة ، لا شك أنها ستحقق النصر لنا إن شاء الله وبعونه ، وما تحقق خلال سنوات الحرب الثمان خير شاهد على ذلك ، والمطلوب هو المواصلة في خوض المعركة ووفق أولوياتها ومقتضياتها وقد حددها السيد حفظه الله بوضوح.
الأيام الصعبة تمضي وكذلك السنون القاسية والروح الوطنية للشعب اليمني ستبقى قوةً كامنة حيّة تنتفض لتثبت حضورها ومشروعيتها وجماهيريتها على امتداد الزمان والمكان ، شعبنا اليوم وهو يقف صامداً وشامخاً يعيش مع المعاناة، الأمل والثقة والصبر المقرون بقيم الحرية والإباء ، لم تغب عن روحه إرادة الانتصار والاستقلال والحرية فذلك حق مكفول سيتحقق بعون الله ، وما هو مؤكد أن العدوان يستخدم الضغوط ومعاودتها على اليمنيين، لكنه في الحقيقة قد وصل إلى نقطة مسدودة ويقين بعدم جدوى عدوانه وحربه وحصاره ، ونحن على موعد مع نصر قريب إن شاء الله.