لنقل: إنهم كانوا أبرياء ومعذورين..
لنقل: إنهم كانوا (مخدوعين) أَو (مُضَلَّلين) أَو (مُغَيَّبين) عن حقيقة ما يجري.
لنقل: إنهم كانوا (سُكارى) مثلاً أَو (مسطولين) أَو (غائبين) عن الوعي تماماً.
لنقل: إنهم كانوا (مسحورين) وَ(مغلوبين) على أمرهم.
لنقل: إنهم كانوا في (غيبوبة) تامة أَو في حالة انقطاعٍ كاملٍ عن العالم كله طوال سنوات العدوان الثمان الماضية..
لكن اليوم، وبعد أن علموا وتأكّـد لهم يقيناً أن ما يسمى بـ(التحالف) لم يأتِ إلى اليمن فعلاً؛ مِن أجلِهم ولا كرماً لعيونهم..
بعد أن رأوا رأي العين كيف أن هذا التحالف لا يقيم لهم وزناً أَو يعلي لهم شأناً.
بعد أن تبين لهم أن أهدافَ هذا التحالف في اليمن قد جاءت مختلفةً تماماً وبعيدةً كُـلَّ البُعد عما كانوا يرجونه منه..
بعد أن اتضح لهم أنهم لم يكونوا بالنسبة لهم سوى مُجَـرّد بيادق وأدوات وأوراق (كوتشينة).
وبعد أن ثبت لهم أنهم محتجزون لديهم هناك وليسوا ضيوفاً كما كانوا يظنون، وأنهم أنفسهم مستهدفون قبل غيرهم..
بعد أن تأكّـد وتبين واتضح لهم كُـلّ ذلك، ماذا نقول؟!
هل نقول: إنهم كانوا أبرياء أَو مخدوعين أَو مسطولين أَو مسحورين أَو…؟!
أم نقول: إنهم كانوا أغبياء وسذجاً وبلا عقول؟!
أم نقول: إنهم كانوا واعين ومدركين لما يجري ويصدق على لسان حالهم القول:
قصف الحبيب مثل أكل الزبيب؟!
أم ماذا نقول…؟!
ماذا نقول ونحن نراهم لا يزالون كما هم، ماضين ومُصرِّين على البوح والإفصاح بعكس كُـلّ ما تأكّـد وتبين واتضح لهم تماماً، بل ومصممين على الاستمرار في الترويج والتسويق له؟!
يُقصفون ويُقتلون، ومع ذلك، تجدهم في كُـلّ مرة يردّدون ويهتفون: شكراً سلمان.. شكراً إمارات الخير!
حتى الناجين منهم.. نراهم يخرجون من تحت الأنقاض وهم يهتفون: شكراً سلمان.. شكراً إمارات الخير!
حتى لو أمطروا عليهم حجارةٌ من سجيل أَو أنزلوا عليهم كسفاً من السماء، لما منعهم ذلك من أن يخرجوا ويهتفوا:
شكراً سلمان.. شكراً إمارات الخير!
فكأنما عقولهم وألسنتهم لم تبرمج إلا على هذه العبارة فقط!
يعني نحن أمام فصيلٍ نادرٍ من البشر وحالات استثنائية من الاستغباء والاستحمام التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا!
لا والمصيبة أنهم ورغم ذلك كله ما انفكوا يرفعون شعاراتِ (الوطن) وَ(الوطنية) ويتحدثون عن (شرعية) وعن (عزة) وَ(كرامة) وَ(سيادة) وَ(استقلال) وعن خطر (فارسي) (مجوسيٍ) محدق.. وكذلك عن ضياع هُــوِيَّة وثقافة وحضارة وَ..، ولن ترى الدنيا على أرضي وصيا!
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا؟!
نعم.. يقولونها ويردّدونها هكذا بكل (اطمئنان) وَ(ثقة) كما لو أنهم هم أنفسهم من يقود هذا التحالف ويسيّرونه، لا هو من يقودهم ويسيّرهم ويتحكم بهم وفي أمرهم ومصيرهم كيف يشاء!
هل رأى التاريخُ أسخفَ وأغبى من هؤلاء؟!
يعلمون أنهم يقادون إلى حَيثُ يكرهون ومع ذلك تراهم لا يمانعون من الانقياد والانصياع سمعاً وطاعةً لمن يريد بهم الهلاك!
فلماذا.. ومن أجل من كُـلّ هذا؟!
مع أن طريق العودة ما يزال مفتوحاً أمامهم!
فلماذا يصرون على سلك طريقٍ آخر؟!
أهو انتحار مثلاً؟! أم ماذا يا تُرى؟
يعني لو كانوا يحملون ذرةً من عزةٍ وكرامة وإباء، لقلنا: ربما تأخذهم العزة بالإثم.
لكنهم لا يحملون!
ولو كانوا يحملون ذرةً من عقل، لقلنا: ربما يكفرون عن خطيئتهم بحق وطنهم وشعبهم بقتل أنفسهم انتحاراً!
لكنهم لا يحملون أيضاً! فلماذا يسلكون طريق انتحار محتومٍ إذن؟!
بصراحة.. لا أدري، فقد غُلب معهم حماري!