رغم ما تمتلكُه اليمنُ من ثروات ومقومات اقتصادية كثيرة ومتعددة إلا أنها ظلت دولةً فقيرةً تنتظرُ المِنَحَ والمساعدات من الدول الخارجية، والقروض من البنك وصندوق النقد الدوليين وهو ما زاد من فقر الشعب اليمني حتى تم تصنيفُه من أفقر بلدان العالم.
لم يشفع للمواطن اليمني كُـلّ هذه المقومات وكلّ هذه الثروات، لم ينعم بخيراتها، فلا تنمية اقتصادية، ولا بنية تحتية متوفرة، ولا منتجات زراعية كافية، كان الاعتماد على المنتجات المستوردة من قمح وحبوب وبقوليات وكلّ المواد الغذائية التي يحتاجها الإنسان، كذلك شحة في المستشفيات وخَاصَّة التخصصية وانعدام الأدوية المحلية، كان أغلب المرضى اليمنيين يسافرون إلى دول الخارج لتلقي العلاجات، والسبب انعدامها في اليمن.
فكل هذا وأكثر هو السائد وهو الحقيقة وهذا هو واقع ما كنا نعيشه قبل ثورة 21 سبتمبر رغم أنه فترة طويلة وفترة استقرار كان يمكن أن تجعل من اليمن بلداً غنياً ينافس كبريات الدول.
فجاءت ثورة 21 سبتمبر لتغير واقعنا الاقتصادي والتنموي، كهدفٍ من أهدافها، وتعمل على بناء الإنسان وتغيير تفكيره ووعيه الذي ظلل بفعل الغزو الفكري الذي عمد إليه الأعداء، فبناء الإنسان هو أَسَاس البناء والتنمية.
فالتغيير في الواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطن اليمني هو ما نطمح إليه وما تسعى القيادة الثورية والسياسية لتحقيقه رغم الحرب والعدوان والحصار الاقتصادي، إلا أننا لمسنا تغيراً ولو بسيطاً في الواقع الاقتصادي من خلال التوجّـه الجاد للقيادة نحو الزراعة واستغلالها في تحقيق الاكتفاء الذاتي ومنها زراعة القمح والحبوب، من قبل لم نكن نسمع القيادة تتكلم عن زراعة الجوف، وتهامة، وأنه لا بُـدَّ من تخفيض فاتورة الاستيراد، وضروري زراعة القمح والحبوب في اليمن، ولكن اليوم بدأ المواطن يفكر في تحقيق الاكتفاء الذاتي يتكلم عن زراعة القمح والحبوب وعن التحَرّك واستغلال مواسم الأمطار لحصاد المياه، كذلك بدأ وضع الخطط والدراسات معتمدة اعتماداً كليًّا على الموارد الذاتية للبلاد، لا ينتظرون مساعدات ولا يفكرون في القروض الخارجية، بدأ التفكير في استغلال الثروات الموجودة، والاعتماد على الزراعة والثروة السمكية في دعم الاقتصاد الوطني، والتحول نحو الاقتصاد المقاوم والاقتصاد المجتمعي، هذا كله يعد في حَــدّ ذاته منجزاً كبيراً، وعظيماً، فالتنمية الاقتصادية لن تتحقّق في عشيةٍ وضحاها، لا بُـدَّ أنها ستتعرض للكثير من العراقيل، والكثير من الصعوبات والعوائق، وسيحاربها الخارج وأعداء ثورة 21 سبتمبر الموجودين في الداخل والمحسوبين على الوطن، ولكن هذا لن يثنينا لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة ينعم بخيراتها ويلمس أثرها الفقير والمسكين والمستضعف، وهذا سيتحقّق بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل دماء الشهداء الأحرار الذين بذلوا دمائهم دفاعاً عن الدين والوطن وليعيش أبناء الشعب اليمني في عزة وحرية وكرامة.