من عند الكبار إلى عند الفقير، كل واحد يريد يتقرب عند ذلك، الضابط يريد يتقرب للوزير، والوزير يريد يتقرب للرئيس، والرئيس يريد يتقرب، ما يزال هناك تقربات وتنتهي إلى البيت الأبيض، تقربات، كل واحد يحاول يتقرب، يتقرب، يتقرب، الفقير ذلك الإنسان العادي يحاول يتقرب من ذلك التاجر، والتاجر تراه يحاول يتقرب من ذلك المسؤول، وذلك الضابط، وذلك. فالناس كلهم في الدنيا كل يحاول أن يكون قريبًا من فلان، لكن هنا قارن أن أكون قريبًا من فلان وأدخل في باطل هذه غلطة كبيرة.
ما هناك مانع أن أكون قريبًا من فلان، أي أن يراني فلان قريبًا منه. مع أنه في مقامات الأعمال الصالحة، في الأعمال الصالحة نفسها، هذا المجال غير مسموح به، تعتبر مرائيًا بأعمالك، لو أنني أنطلق في أعمال صالحة من أجل ماذا؟ أن يقربني فلان منه! هذا رياء، ما يقبل هذا، ما يقبل إطلاقًا.
لأن فكرة التقرب في الدنيا هي لاغية أساسًا من أصلها؛ لأنه يا إما أن يكون تقربًا بباطل، تقرب من إنسان على باطل، هذه كلها وبال عليك، أو أن تكون أنت في اتجاه صحيح، أنت ومن تفكر أن تتقرب منه، فعند ما تنطلق في الأعمال الصالحة لتتقرب منه فأنت مرائي، أليست القضية مصفَّر عليها أساسًا في الدنيا؟ الموضوع هذا بكله مصفَّر عليه في الدنيا.
أن يكون الإنسان هنا في الدنيا يحاول أن يتقرب من الآخرين قد يكون هناك عدة عوامل تدفعك إلى التفكير في هذا: فيما إذا أنت إنسان عندك مطامع مادية، عندك طموحات مادية، وأنت تفكر في الحصول على المال، أن تكسب مصالح بأي طريقة، فأنت تتقرب إلى الجهة الفلانية، أو الشخص الفلاني، أنت ترى أن من وراء التقرب إليه ستحصل على أموال.
أو أنت صاحب أموال أنت ترى بأنه من خلال التقرب إلى الضابط الفلاني، أو المسؤول الفلاني، أو الشيخ الفلاني يسلَم حقنا، وما يجي علينا شيء، هذه واحدة، وهي ثاني عامل من العوامل.
أو تكون شخص لك مواقف من آخرين، وتشدك حماقتك بأن ماذا؟ أن أحاول أن أتشفى من الآخرين بأن أتقرب من آخرين، من كبار، أراهم أمامي كبارًا، من أجل في الوسط أستطيع أن أوجد نكاية بالأشخاص الذين أنا حاقد عليهم، أو مختلف معهم.
هذه كلها لا تعتبر مبررات إطلاقًا، لا تعتبر مبررات أبدًا بأن تتقرب من أهل باطل، أو من إنسان مجرم، سواء من أجل أن تحصل على مال، أو من أجل أن يسلم لك مالك، أو من أجل أن تحصل بواسطته على ماذا؟ على أن تتشفى من غرماء معك.
اصطلح أنت مع غرمائك مباشرة، وشريعة الله واضحة في كل ما تختلفوا فيه، {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (الشورى: 10) والحل قائم في شرع الله بدون ما تحتاج تتقرب عند فلان، ولا تحتاج تدخل في باطل، ولا تحتاج تقترف باطل. فيرتكب الإنسان عدة أغلاط: تتقرب إلى إنسان مجرم، هذه جريمة، ثم أظلم آخرين؛ لأني أختلف معهم، جريمة ثانية.
أنا مختلف معك كيفما كان اختلافنا ليس اختلافنا بالشكل الذي لا يوجد له حل في الشريعة الإسلامية، أتصالح معك، نرجع إلى حكم الله فيما اختلفنا فيه، نرجع إلى تفاهم، إلى حوار؛ لنعرف من هو الظالم منا، من هو المظلوم، من هو المخطئ، من هو المصيب، يكون هناك من يحسم القضية بيننا وانتهى الموضوع، لا تحتاج أنت أن تبحث لك عن ظهر، ولا أحتاج أنا أن أبحث لي عن ظهر – كما يقولون – .
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
آيات من سورة الواقعة
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 10 رمضان 1423هـ
اليمن – صعدة
* نقلا عن : موقع أنصار الله