تخيلوا معي قليلًا.. ماذا لو أن (الله سبحانه وتعالى) لم يكن قد بعث سيدنا محمد -عليه وعلى آله الصلاة والتسليم- إلا في زماننا هذا مثلاً؟
ماذا لو أن موعد بعثته المباركة والشريفة كان مثلاً في عامنا هذا 2022م وليس في عام 610 للميلاد؟!
برأيكم، هل كان سيجد فينا نحن عرب اليوم من السمات والصفات والأخلاق ما يشجعه على القول: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”؟
من وين يا حسرة؟
هذا طبعاً بعد أن نستثني ما لا يزال عالقاً فينا من بعض أخلاق الإسلام الباقية التي لم يأت عليها الدور بعد للاندثار.
فقط أعطوني موقفاً واحداً سجله زعيمٌ أَو قائدٌ عربي أَو حتى شيخ قبيلة عربية اليوم كموقف (هاني بن مسعود الشيباني) الذي آثر على نفسه هو وقبيلته مواجهة جيش الفرس الجرار على أن يسلم (لكسرى) وديعة النعمان أَو ما استأمنه عليه (النعمان بن المنذر) ذات يوم.
اعطوني حرباً واحدةً خاضها العرب اليوم نخوةً وحميةً وغيرةً كحرب أَو معركة (ذي قار)!
اعطوني حلفاً عربياً اليوم انتصر لمظلومٍ أَو مستضعفٍ كحلف الفضول!
اعطوني مجتمعاً عربياً اليوم يتغنى:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
إني امرؤٌ سمح الخليقة ماجدٌ
لا أتبع النفس اللجوج هواها.
الكل اليوم للأسف صار ينشد:
يا (جارة الوادي) طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراكِ
الكل اليوم أصبح يغني:
يا (جارة الأيك) أَيَّـام الهوى ذهبت
كالحلم آها لأيام الهوى آها.
حتى أبو سفيان بن حرب وقد كان من أشد الناس عداوةً وكرهاً للنبي -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله- حين مثل أمام هرقل عظيم الروم أبت أخلاقه العربية أن يكذب على سيدنا محمد -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله- أَو يقول فيه ما ليس فيه!
نعم..
كان العرب في الجاهلية قبائل وعشائر كافرة ومشركة، متفرقة ومتناحرة، لكنهم، ومع ذلك، كانوا أهل حمية ونخوة وأصحاب مبادئ وقيم وأخلاق.
أما العرب اليوم فهم في الغالب شعوبٌ مسلمةٌ وموحّدة، لكنهم، ومع ذلك، يبدون بلا حمية ولا نخوة ولا مبادئ أَو قيم أَو أخلاق إلا ما رحم ربي.
فقط تخيلوا.. لو أن (الله سبحانه وتعالى) فعلاً لم يكن قد بعث سيدنا محمدٍ -عليه وعلى آله الصلاة والتسليم-..
برأيكم، هل كان (الله سبحانه وتعالى) سيبعث في عرب اليوم رسولاً منهم ليتمم به مكارم أخلاق وقيم لم تعد أصلاً موجودة لديهم؟
قطعاً لا.. وألف لا..
والله أعلم.