|
كي لا نقع في شباكهم
بقلم/ صلاح الشامي
نشر منذ: سنة و 10 أشهر و 23 يوماً الخميس 29 ديسمبر-كانون الأول 2022 08:15 م
ما الذي يلزمنا لتعزيز قوتنا غير تعزيز الجبهة الداخلية، العدوان جَرَّبَنا، وجَرَّبَ نفسه معنا في ثمان سنوات، ولم يصل إلى شيء مما أعلن سعيه إليه، فعمد إلى محاولة كسر الإرادة بالحصار، وتفتيت الجبهة الداخلية .
بينما يستلقي أو يضطجع بعض المسؤولين مُصغين – بوقارٍ – إلى ما يحسبون أنهم يُحسنون صنعه، ولا يُدركون عواقب ما يفعلونه بأيديهم، إن هم سلّموا بالمعطيات التي بين أيديهم، ولو كانت من المُسَلَّمات.
قالها الشهيد القائد- رضوان الله عليه، بأن العرب سطحيون، ونحن من العرب ..
فأولئك الذين يُديرون اللعبة العالمية للسيطرة، لهم باعٌ طويل في التآمر الخبيث، ويعلمون كيف بالحرب الناعمة يديرون صراع العقول .. واعترافٌ كهذا لا يجعلنا نستسلم، بل يدفعنا للمعرفة والمقاومة .. ينير بصائرنا لكي نتفادى الوقوع في شباكهم التي ينصبونها لنا في كل زاوية وركن، ويدفعوننا دفعاً للسير باتجاهها والوقوع فيها.
التغييرات الوظيفية، تجاهل الكفاءات، نكران الجهود، الإقالات والتوجيهات الإنفعالية، وغيرها من القرارات المنفعلة، المتفاعلة مع التقارير السرية، أو المنقادة للإرتجال غير المبصر، أو المتأثرة بالمحسوبيات والمجاملات،،، كل ذلك يمثل الآفة التي بدأت تستشري، كالسرطان، داخل مرافق وأجهزة الدولة، الآفة التي لن تؤدي إلا إلى الفشل، وتسليم الدولة – تدريجياً – إلى الأيدي العابثة في الداخل، التي تعمل للخارج بكل كفاءة وإخلاص .. لنستيقظ يوماً على انقلاب من وضعنا ثقتنا فيهم، بعد أن نكون قد أقصينا جُلَّ الشرفاء والكفاءات، من معظم أجهزة الدولة.
أعلم أن كلامي هذا لن يعجب الكثيرين ممن يحكمهم النزق، ولكن العقلاء يتوافقون معي تماماً على أن مستقبل اليمن بأكمله يعتمد على من نعطيهم ثقتنا، وننصبهم بأيدينا في المناصب التي تمس المواطن بشكلٍ مباشر، ولا أبالغ إن قلت إن كل مسؤول يعتمد على ما يصله من تقارير عن من يعملون تحت إدارته، ولا يباشر عملية الإشراف والتقييم بنفسه، لن يصل إلى اتخاذ قرارات صائبة – في الغالب – تجاه من يُمَكِّنُهم من الوصول إلى المناصب المناسبة لقدراتهم وكفاءاتهم، وبالتالي سنصل إلى بناء هيكلي مفرغ المحتوى، عديم الجدوى، يسهل على العدو اختراقه، إن لم يكن العدو نفسه من أراد بالفعل تمكينه والوصول به إلى تلك الأماكن، ليبدأ (عاصفته) الثانية.
بعد أن فشلت أمريكا في غزو العراق بداية التسعينيات من القرن العشرين، فرضت حصاراً على العراق لأكثر من عشر سنوات، خلاله عملت على شراء القادة العسكريين، لتحييدهم عن مواجهة الجيش الأمريكي وجيش التحالف العسكري الدولي خلال الغزو الثاني عام 2003، وانتهى الأمر باحتلال العراق خلال أسبوعين فقط من المواجهات، فهل كانت جيوش التحالف قادرة على احتلال العراق قبل الحصار، وقبل إفراغ المحتوى بالتجنيد والتحييد وشراء الذمم .
إنها اللعبة التي تجيدها أمريكا، فهل نحن متيقظون لها، أم تُرانا نحسب أننا نحسن صنعاً بتجاهل التحذيرات، والسير مع التخديرات والطمأنات والطبطبات، حتى نقع في مطبات الغزو السري الناعم والمجهول، الذي يستشري كل يوم، بينما نحن نشعر بالعافية.
تحكيم العقل، وإعمال البصيرة، والحكم على المسؤول من خلال عمله، لا سلوكه الشخصي، هو ما يهمنا في التقييم الوظيفي، أما لو تكامل الشخص عملاً وأخلاقاً فذلك أقصى ما نريد .. فلماذا تُقصى الكفاءات، ولا يُلتفت إليها، وتصعد الوجاهات، ولا يُلتفتُ إلى ما تعيثه في مناصبها.
ومتى يحصل الحاملون للكفاءات على أعمالٍ حصدها الحالمون بالمناصب ؟
متى سنكفُّ عن تخوين الأمين، واستئمان الخائن؟
متى سنصلح أنفسنا، ليصلح الله ما بنا من مشاكلَ وإشكالاتٍ وتنازعاتٍ على جيفةٍ مُنتنةٍ، اسمها (الدنيا)، ونوجه اهتماماتنا لانتشال الفقراء من جوعهم وتطفلهم على موائد الأغنياء. |
|
|