قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ الله وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّيْنَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَن الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَاب) الأوامر الإلهية صريحة في ضرورة التعاون والتكاتف بين المسلمين للعمل بما يخدم الأُمَّــة وتأتي التوجيهات من الله سبحانه وتعالى لتؤكّـد بأن التعاون هو جزء من الدين كما هو الجهاد في سبيل الله فقال تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَـمُونَ) ولأن التعاون هو جهاد بما يقدمه المسلم من ماله وما يقدمه من جهدٍ في سبيل تقديم خدمةٍ لمجتمعه وأمته ورفع المعاناة عنهم فهو بذلك يحفظ للأُمَّـة عزتها ويقوي شأنها وما يهدف إليه الجهاد إلا تعزيز قوة الدين المتمثل بقوة المسلمين وعزتهم فالمجاهدين في كُـلّ ميادين الجهاد هم خدام للدين وحماة للمسلمين يبتغون رضوان الله بتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى، فكل مبادر في أي عملٍ جماعي يخدم المسلمين هو في معركة تنعكس نتائجها القوية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني للأُمَّـة فتكون الأُمَّــة قوية في اقتصادها نتيجة التعاون القائم بين أفراد المجتمع المسلم وتتعزز بقوتها كُـلّ الجبهات الأُخرى فالمبادرات والتعاون يعد جبهة لا تقل أهميّة عن الجبهة العسكرية وهي الرادف القوي لجبهة القتال وكل من حشد للعمل التعاوني مثله مثل من يحشد للعمل الجهادي في معارك الشرف؛ لأَنَّ الهدف واحد والغاية موحدة هي تنفيذ التوجيهات الإلهية للوصول إلى الهدف الذي يرتضيه الله سبحانه وتعالى للأُمَّـة وهو تحقيق عزة وكرامة للأُمَّـة الذي بدوره يخدم الدين ويحمي عرين المسلمين.
إن اتباع وتنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى لا يقتصر في أداء طقوسنا الدينية المعروفة، بل إن الدين ومفاعيله تتمثل إلى جانب تلك العبادات في تجسيد أوامر الله في شقها العملي الجهادي كونه جزءًا لا يتجزأ من الدين وهو المترجم للسلوك والمحك الحقيقي الذي يتبين من خلاله مدى استعداد المسلم للتضحية بالمال والنفس والجهد في سبيل خدمة المجتمع المسلم، فكل أوامر الله سبحانه وتعالى تدعونا وتحثنا على أن نكون أقوياء أعزاء وهذا لا يحدث إلَّا إذَا تعاونَّا وتكاتفنا في كُـلّ جبهاتنا العسكرية والاقتصادية والخدمية.