العدوان على شعبنا اليمني هو أتى في هذا السياق: استهداف هذا الشعب؛ لأنه شعبٌ أراد التحرر، أراد أن يكون متخلِّصاً من التبعية لأعداء الأمة، أراد أن يتحرر مما أسموه هم رسمياً بالوصاية، كان هناك وصاية معلنة على هذا الشعب، في بعض الحالات تستعمر بعض الشعوب لكن بأساليب مخادعة، وبصورة غير معلنة، تستعمر بشكل سياسي،
بشكل عملي، بأسلوب معين، تنفذ فيها الهيمنة الأمريكية- تتحكم بالسياسات والمواقف- إلى الداخل، ينفذ إليها الإسرائيلي ويتحكم بالسياسات والمواقف من الداخل. أمَّا عندنا في اليمن فما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، كان هناك وصاية خارجية على رأسها أمريكا، وأمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، أمريكا هي حيث تكون إسرائيل،
هي تضمن مصالح إسرائيل، هي تعمل لمصلحة إسرائيل، في أولوية أولوياتها: تمكين إسرائيل في المنطقة، السيطرة الإسرائيلية في المنطقة، التفوق الإسرائيلي في المنطقة، أن تكون إسرائيل هي الذي يقود هذا المجتمع الذي يطلقون عليه عبارة: الشرق الأوسط، كان هناك وصاية معلنة على هذا الشعب، وصاية شاملة، ووصاية سيئة، الأوصياء فيها ليسوا من ذوي الرحمة بهذا الشعب، والله لا الأمريكي ولا الإسرائيلي ولا غيرهم من أولئك الأوصياء يمكن أن نقول عنهم أنهم رحماء أو أمناء في وصايتهم على هذا الشعب.
مسألة أن يكون هناك وصاية خارجية على هذا الشعب، هي بحد ذاتها تقدِّم صورة سيئة جدًّا عن هذا الشعب، هي احتقار، هي امتهان لهذا الشعب، هي استغلال، هي استعباد، هي إهانة، هي إهانة، والذين رضوا بتلك الوصاية، وروَّجوا لها، ومكَّنوها،
ثم وقفوا معها عندما اتجه شعبنا اليمني ليرفض هذه الوصاية، وهذا الاستعباد، وهذا الشكل من أشكال السيطرة التامة عليه، اتجهوا هم مع الخارجي، اليمن ثار ليتحرر من هذه الوصاية، بعد تحرره من هذه الوصاية وثورته هذه، اتجه الآخرون بعدوان عليه، وقف البعض ممن أيَّدوا تلك الوصاية، واتجهوا لتمكينها في هذا البلد على هذا الشعب، ليحاربوا مع الأجنبي، ولذلك حربنا منذ بداية العدوان وإلى اليوم هي حرب دفاع في مواجهة معتدين، حربهم علينا كانت في ذلك السياق الذي أرادوا فيه أن يكونوا مسيطرين علينا، وأن يكونوا متحكمين بنا، وأن يكونوا متغلبين علينا، ومستحوذين علينا، ومتحكمين بنا في مسيرة حياتنا.
نحن شعبٌ هويته إيمانية، نحن شعبٌ نريد أن نبني مسيرة حياتنا على هذا الأساس، بناءً على هذا الانتماء الإيماني، ونريد أن نتحرر من الهيمنة الأمريكية، ومن هيمنة أدوات أمريكا، لا نريد أن نكون تحت الوصاية السعودية، ولا تحت الوصاية الإماراتية…
ولا تحت وصاية أي بلد خارجي، ولا تحت وصاية الأمريكي والإسرائيلي ولا وصاية من يواليهم، نحن أحرار، نحن شعبٌ هويته الإيمانية تفرض عليه وفق انتمائه الإيماني أن يكون شعباً حراً، يسعى لتحقيق الاستقلال بناءً على هذا الانتماء، يسعى لبناء حضارته بناءً على هذا الانتماء، يسعى لأن يكون متحرراً حتى في ثقافته، حتى في نمط حياته، لا يعيش حالة التبعية العمياء التي تبعده عن القيم والأخلاق القرآنية والإيمانية. فمشكلتنا اليوم في التصدي لهذا العدوان، لأعدائنا في التحالف، هي حرب معهم؛ لعدوانهم علينا في سعيهم على الاستمرار في السيطرة والوصاية علينا.
ثم عندما نخوض هذه المعركة في أي محافظة من المحافظات التي قاموا باحتلالها، نحن نخوضها في هذا السياق، معركتنا في مأرب، أو معركتنا في الجوف، أو معركتنا في تعز، أو معركتنا في البيضاء أو معركتنا في شبوة… أو معركتنا في أي محافظة من المحافظات، معركتنا التي جرت في الساحل، في الحدود…
في كل الاتجاهات، هي تصدٍ لهذا المعتدي الذي حارب شعبنا؛ لأنه يريد السيطرة عليه، والوصاية عليه، ليس لدينا مشكلة كشعب يمني في معركتنا في مأرب، أو في معركتنا في أي محافظة مع أبناء المحافظة، أبناء المحافظة هم جزءٌ من هذا الشعب، هم جزءٌ من هذه الهوية، الذي ينحرف منهم ويلتحق بالأجنبي، كما فعله البعض في مأرب وليس الكل، أكثر أهل مأرب هم شرفاء، وهم أحرار، وهم ضمن هذا النسيج المجتمعي، يحسون بانتمائهم إلى هذا الشعب، إلى هذه الهوية الإيمانية، قلة قليلة منهم التحقوا بصف العدوان، يقاتلون تحت إمرة ضابط سعودي يقودهم، يحاولون أن تبقى السيطرة السعودية تحت الإدارة الأمريكية، في إطار الولاء لإسرائيل، والتطبيع مع إسرائيل، مسيطرة على تلك المحافظة، كما هو حال أي مناطق أخرى يسيطر عليها العدو اليوم.
بينما الواقع في بقية المحافظات المتحررة، والحرة والتي لم يتمكن أيضاً الأعداء من احتلالها؛ يشهد أن الجو الذي يعيشه أبناء هذا الشعب هو جو أخوي، تربطهم هذه الهوية الإيمانية الجامعة بأسمى وأقدس الروابط، هم يتجهون كشعب موحد، له موقف واحد، توجه واحد، هدف واحد: صد هذا العدوان، ضمان الحرية والاستقلال، والعيش بكرامة، رفض هذه الوصاية الخارجية، وهذه الهيمنة والسيطرة من جانب أعداء هذا البلد المتآمرين على هذا البلد، الذين لهم أطماع تدفعهم إلى السيطرة على هذا البلد، وأهداف وأجندة خطيرة ومدمِّرة لهذا البلد.
الاتجاه التكفيري هو اتجاه خرج وانسلخ عن هوية هذا الشعب الإيماني، ولا يؤمن بالأصالة الإيمانية لهذا البلد، فيما الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” يقول: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية)، وفيما لهذا الشعب امتداده الأصيل الإيماني عبر مسار التاريخ وصولاً إلى رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، ينظر البعض إلى هذا التاريخ الإيماني بكله والامتداد الإيماني بكله نظرة سلبية تكفيرية، ويعتبر أبناء هذا البلد كفَّاراً، إلَّا من يلتحق بالمذهب الوهابي التكفيري النجدي، ويتناسون ما قال الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” عن قرن الشيطان، عن أين موطن قرن الشيطان، أين ينطلق قرن الشيطان، أين منبع الفتنة، هم يعتبرون أنه فقط من له ولاء لقرن الشيطان، من له ولاء تكفيري، من له ولاء وهابي هو مؤمن، ويكفِّرون بقية أبناء هذا البلد.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد عبدالملك الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب 1442هـ
* نقلا عن : موقع أنصار الله