أمريكا الشيطان الأكبر، وبالتعاون مع بريطانيا، اتّكأت على حدود “سايكس ـ بيكو” الطائفية والمذهبية والقومية والإثنية والمناطقية، وبدأت بتحريك الناس على هذا الأساس ضد بعضها البعض، لتتناحر وتتقاتل وتتحول إلى بؤَر ملتهبة متذابحة وفقيرة تستجدي الحماية الخارجيه من أجل البقاء.
عندما تقول منطقة الشرق الأوسط أو غرب آسيا كأنّك تقول طاولة شطرنج، اللاعبون الأساسيون حولها: الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل”، بينما باقي القِوَى ليست إلّا تفاصيل في المعركة وأعوان لهم لا أكثر ولا أقل.
في خِضَم اللغة السياسية الأمريكية القذرة التي تديرها واشنطن على كامل الجغرافيا الإقليمية، وتحديداً المنطقة العربية دائماً ما يتم تنفيذ تفاصيلها كما تريدها هي، وكما تهوى “تل أبيب”، ولكن بأسماء وعناوين مختلفة عن سابقاتها.
نقدم مثالاً على ذلك، اليَمَن الذي يعيش منذ أشهر تهدئة مفروضة صَبَّت نتائجها لمصلحة قِوَىَ العدوان بِاستراحة يحتاجها الغرب أكثر مما تحتاجها صنعاء، بُغية عدم تعريض استخراج النفط، وتوريد الطاقة من منطقة الخليج للخطر، ولعدم إشاحة الوجه عن روسيا وأوكرانيا.
إذن هي تهدئة مفروضة وليست هدنة مُوَقعَة بشروط حكومة صنعاء، وإلا كان من المفروض العودة إلى ساحات القتال فور انتهاء الهدنة الثانية، ورفض السعودية الِانصياع لشروط الثالثة، ودخولنا إلى تهدئة بخدعة المفاوضات التي لم تسفر عن حلول للأزمة والحصار.
هنا استطاع الأمريكي بدهائهِ أن يفرض هذه التهدئة علينا من دون أن يقبل بوقف شامل لإطلاق النار بشروط حكومة صنعاء، ربما لشعورهِ بحاجة الشعب اليمني إليها أكثر من دُوَل الخليج المعتدية، ولذلك قرر عدم الِالتزام بفك الحصار وإعادة الإعمار، وبناءً عليه فإنّه نجح بفرض تهدئة ليست لصالحنا، ويستطيع أن يحرك جبهات القتال، وينهي التهدئة متى يشاء.
السؤال: لماذا لا نبادر نحن وننهي التهدئة، لنجبرهم على توقيع اتفاق مُلزم بفك الحصار عن المطارات والموانئ اليمنية؟!
في سوريا أيضاً، الجيش الأمريكي يسيطر معنوياً على مساحات شاسعة ينتشر عليها فعلياً مسلحو تنظيم “قسد” والمنظمات الإرهابية الأخرى، وهيَ تؤمِّن لهم الغطاء والحماية وتسيِّر الدوريات بين القرى.
أمريكا هذه، بالتعاون مع بريطانيا، اتّكأت على حدود “سايكس ـ بيكو” الطائفية والمذهبية والقومية والإثنية والمناطقية، وبدأت بتحريك الناس على هذا الأساس ضد بعضها البعض، لتتناحر وتتقاتل وتتحول إلى بؤَر ملتهبة متذابحة وفقيرة تستجدي الحماية الخارجيه من أجل البقاء.
في أي بلد من بلداننا العربية، تعيش إثنيات وقوميات وأديان مختلفة ومذاهب مختلفة، لا تجمعها المواطنة ولا الهوية الوطنية ولا العروبة، بينما في الغرب كلِّهِ، وتحديداً في أمريكا يعيش ما يقارب الـ400 إثنية وقومية وطائفة، تحت سقف القانون الأمريكي من دون أيّ خلاف.
هنا يجب أن نسأل أنفسنا سؤالاً: لماذا ما يُطبَق عندهم بالقانون ممنوع علينا في منطقتنا؟!
لماذا يُحاكَمُ المواطنُ الأمريكي إذا تحدثَ أو أخلَ بالأمن، باسمِ القوميةِ أو الإثنية أو الطائفية، بينما سفارات واشنطن تزرع الفِتَن في مناطقنا، باسم الدين والمذهب، وتحرِّض القوميات على الانفصال والِاستقلال؟!
إذن أمريكا الشيطان الأكبر، وبريطانيا الخبيثة، وذيولها من الأوروبيين وحكام الخليج العبري، هم سبب مصائب الأمة العربية وشعوبها، وهم الذين دمّروا ثقافتنا المحترمة العريقة، وأدخلوا علينا ثقافة المثليين الشاذين، وعبروا بواسطة التكنولوجيا، الى كل منزل، لا بل إلى كل فراش.
حكام العرب دكتاتوريون عملاء للخارج ومأجورون، لتنفيذ مشاريع الحكومة الصهيونية العميقة؛ ومن فمهم ندينهم:
لقد قال محمد بن سلمان، في مقابلة متلفزة منذ أشهر، عندما وَجّهتْ له صحافيةْ سؤالاً، حول ما يقومون به في المملكة، من انفتاح. فرد عليها قائلاً: “نحن لم نتغيَّر، إنما عُدنا كما كُنّا”، في إشارة إلى أجداده: عمرو بن ود العامري ومرحب ملك خيبر.
القادم على الجميع لا يبشر بالخير، والِانفجار في المنطقة قابَ قوسين أو أدنىَ، وعلينا أن نهيِّئ أنفسنا، إما للنصر أو الشهادة.
كاتب لبناني
* نقلا عن : لا ميديا