عندما يكونُ أيُّ كيان مادي سواءٌ أكان فرداً أَو جماعةً أَو دولةً أَو حتى أُمَّـة من القوة بمكان بحيث يعرف الخصم بأن العدوان عليها أَو استفزازها يعد مخاطرةً تترتب عليه خسائر كبيرة على المعتدي حتماً لا يستطيع أحد أن يعتدي أَو حتى يفكر في العدوان على هذه الأُمَّــة القوية.
بعكس الحال عندما تكون هذه الكيانات ضعيفة أَو متناحرة فتكون عرضة للاعتداء عليها والتجاوز في عدوانهم إلى حَــدّ الإساءة بمقدساتهم وكتابهم المقدس المرتبط به هُــوِيَّتهم وانتمائهم الديني (القرآن الكريم) فعندما يتجاوز الأعداء في عدوانهم ويمعنون في استفزازهم إلى أن تصل إساءاتهم لحد المساس بأقدس مقدسات المسلمين فهو مؤشر خطير يبين لنا ما وصل إليه حال الأُمَّــة من هوان إلى الحد الذي هان عليهم الإساءة إلى الله وإلى رسول الله -صلى الله عليه وآله- وإلى القرآن الكريم بينما، في حين لم يهن عليهم رَدُّ المجاهدين في فلسطين على أحداث جنين التي راح ضحيتها عشرة الشهداء فأصبح الرد عملية إرهابية بينما قتل الشعب الفلسطيني ليس إرهاباً، أليس هذا مؤشراً بل ومشجِّعاً أكثر لأعداء الله بأن يتطاولوا في الإساءة ويتجاوزوا في العدوان على أُمَّـة الإسلام، لم يعد لمقدسات المسلمين تلك القدسية لدى بعض حكام العرب والمسلمين التي توحي لأعداء الإسلام بأن المساس بها أَو الإساءة لها أمر يستوجب الرد الذي يعكس أهميّة هذه المقدسات.
الأدهى من ذاك بأننا نسمع من يقدم العزاء والمواساة لقتلى الكيان الصهيوني الذي انتهك وأساء لقدسية القدس الشريف كما أساء المجرم في السويد للقرآن الكريم، فهل هناك من مؤشر أكبر ودليل أوضح من هذا الهبوط الذي وصل إليه بعض المسلمين، لن ننتظر من أعداء الأُمَّــة غير الكثير من الإساءة والعدوان على المسلمين ومقدساتهم.
إنهم يسعون إلى إماتة هذه القدسية في نفوس ووجدان المسلمين حتى يسهل عليهم ترك مبادئ الدين وهدى نبينا محمد -صلى الله عليه وآله- وقد أكّـد على هذا البُعد الذي يبتغيه أعداء الله من وراء إساءاتهم لكتاب الله ورسوله، السيد القائد عبد الملك عندما قال -يحفظه الله- (يسعون لفصل الناس وإبعادهم عن الأنبياء والرسل في العلاقات الإيمانية بهم كقادة وقُدوة وعن كتاب الله وتعليماته كمنهج للحياة)، فهم لا يهمهم إحراقُ المصحف بقدر ما يهمهم إحراق مضامينه الدينية.