19 عاماً مرت منذ استشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، منذ بدأت الحرب الأولى على المشروع القرآني التي انتهت باستشهاد الشهيد القائد – رضوان الله عليه – وأكثر من عشرين عاما من انطلاق المشروع أيضا، ومنذ الحرب الأولى وإلى الحروب المستعرة التي تلتها – وهي مستمرة إلى يومنا هذا – يزداد الناس بصيرة ووعياً تجاه الأحداث، والإيمان بالمشروع العظيم، وبحتمية انتصاره.
بدأ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، التحرك بالمشروع القرآني نهاية العام 2001م، آنذاك وفي تلك المنطقة الجغرافية المحدودة في أقصى الشمال، هتف عدد محدود من الناس بعد الشهيد القائد رضوان الله عليه، “الله أكبر –الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود- النصر للإسلام..، واليوم يهتف الملايين هذا الشعار وفي ساحات الأمة كلها.
وما هي إلا أشهر حتى بدأت السلطة العميلة وبتوجيهات من الإدارة الأمريكية تستهدف المشروع بسجن المكبرين وزجهم في سجونها وفي زنازينها، حتى وصل عدد المسجونين إلى أكثر من 5 آلاف، حسب إحصائيات نشرت حينها في بعض الصحف، تصاعد الاستهداف واستشرت وتائره بطرق وأساليب شتى، السجن للمكبرين، إزالة الملصقات، التنكيل بالمنتمين، حتى قررت أمريكا شن الحرب العسكرية، واستدعت علي عبدالله صالح إلى قمة الثمان في جورجيا، وهناك جرى التخطيط للحرب والتوجيه ببدئها، وهناك جرى الحشد دوليا للحرب تحت غطاء تلك القمة.
بدأت الحرب الأولى على الشهيد القائد بعد تحركه بالمشروع القرآني بعامين ونصف فقط، إذ لم يمهلوه الكثير من الوقت، وقد أراد الأمريكيون والسلطة العميلة – ومن معهم من التبكير بالحرب الأولى – سحق المشروع وحسم أمره في نطاق جغرافي محدود، لقد أرادوا هذا، والله أراد أن يمتد المشروع إلى ساحات الأمة كلها، والله يفعل ما يريد.
بدأت الحرب على الشهيد القائد بإشراف ومشاركة أمريكية مباشرة، فحشدوا للحرب قوات ضاربة من الألوية العسكرية للجيش والأمن، ومن البشمركة، علاوة على المشاركة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة، ومشاركة دول خليجية وغربية، وهذا الأمر موثق والحديث عنه له مقام آخر.
كان الحشد العسكري في الحرب الأولى هو الأكبر حشدا وعتادا وعدة على مستوى كل حروب السلطة العميلة، فقد شاركت طائرات الميج والمروحيات وغيرها في الحرب، الصواريخ والمدافع والدبابات والمجنزرات، وقدم الأمريكيون الخرائط الجوية للحرب والإحداثيات، انفجرت الحرب على مران من جهات عديدة، من الملاحيظ- من جهة صعدة أيضا، نزلت القوات الخاصة، والمدرعات والمشاة وقوات مكافحة الإرهاب، القصف الناري على المنطقة كان كثيفا ومن كل الاتجاهات، فقد استهدفوا بالقوة النارية الغاشمة كل مظاهر الحياة وقصفوا كل حي يتحرك في تلك المنطقة الصغيرة، لقد أرادوا سحق كل شيء، سحق المشروع، وسحق كل من يتحرك به، بل وسحق المنطقة بأكملها.
بموازاة ذلك كانت الحرب الإعلامية الدعائية تسند الجبروت العسكري، واحتشد الإعلام اليمني والخليجي والأمريكي وحتى الصهيوني.. أظهرت الصحف الصهيونية اهتماما لافتا وتغطيات مكثفة للحرب في أيامها الأولى حسب اطلاعنا على ملخصات للرصد الإعلامي تعود لشهر يونيو 2004م، بوق واحد وموحد ضد المشروع والشهيد القائد، سلام الله عليه، بالتشويه والدعايات والتحريض والتبرير للحرب.
في المقابل لم يكن عدد المجاهدين يوازي عدد لواء عسكري واحد من عشرات الألوية التي احتشدت عليهم، ولم يكن لديهم لا تدريب ولا لديهم الإمكانيات المادية واللوجستية، كانوا بلا إمكانيات في الجانب العسكري، وفي الجانب الإعلامي لم يكن إلا صوت الشهيد القائد – رضوان الله عليه – الذي تصدى للحملة الإعلامية الشرسة وتمكن من كسرها بتصريحات لبعض الصحف الوطنية والقنوات الخارجية، وتمكن من إسقاط تلك الحملات الدعائية الرهيبة.
كان رأس مال المجاهدين في تلك الحرب هو الرصيد الإيماني الكبير، الإيمان بالله، والتوكل عليه، والثقة في قوته وعظمته، وفي ما تلاها الثبات على المشروع أيضا، وعلى هذا كبرت المسيرة وامتد المشروع وعظم أثره في واقع الناس وفي ساحات الأمة حتى بات اليوم يمتد إلى خارج الحدود.
حين تمكن الأعداء من تصفية قائد المشروع السيد حسين رضوان الله عليه، في الحرب الأولى، ظنوا أنهم بذلك قد تمكنوا من المشروع برمته، بل وأخفوا جثمانه حيث لا يخطر على بال أحد، فوضعوه وراء القضبان والأسوار المغلقة ليخفوا أي أثر له، وما هي إلا سنوات حتى ظهر جثمانه الطاهر تشيعه الملايين من البشر، في صورة قالت الكثير ودللت على الكثير من الأبعاد الإلهية.
الأحداث والتحولات والمآلات منذ ذلك اليوم، وإلى ساعتنا الحاضرة، لا تؤكد إلا عظمة المشروع وحكمة التحرك به، فقد صنع الوعي تجاه الأحداث واستبقها بتحصين الساحة، وكشف مآلاتها ونتائجها قبل سنين، والسؤال اليوم: كيف يمكن أن يكون واقعنا لو لم يكن ذلك المشروع؟!.
التحولات والنقلات التي مر بها هذا المشروع حتى وصل اليوم إلى هذا المستوى من الحجم والتأثير والحضور الواسع الممتد إلى الساحة الإسلامية كلها، تشير إلى أنه مشروع مكتوب له النصر والغلبة، فهو من القرآن، كما أشار لذلك السيد القائد حفظه الله في خطابه بالمناسبة السنوية للشهيد القائد.
لقد أراد الأعداء سحق المشروع وحسم أمره في نطاق جغرافي محدود، فها هو يمتد إلى كل محافظات البلاد بل وإلى خارج الحدود، لقد أرادوا تغييب الشهيد القائد ووضع جثمانه وراء الأسوار الخرسانية المسلحة، فها هو يمتد حضورا ووعيا إلى خارج الحدود.
تنقل الأعداء من الحرب إلى الحرب، ومن الجبهة إلى الأخرى، وفشلوا وخرج هذا المشروع من كل حرب يواجهها أقوى وأعظم قوة بفضل الله وقوته، وفي استذكار كل ذلك ما يعالج كل مشاكلنا النفسية، ويقوي ويعزز من انتمائنا وارتباطنا بهذا المشروع العظيم وقادته.
إن الإنجازات كبيرة وعظيمة ومتعددة الأبعاد، ويكفي أن هذه المسيرة باتت أمل المستضعفين، ويكفي أن أعداء الأمة يحسبون حساب هذا المشروع في المعارك الكبرى، بين الحرب الأولى على مران.. وبين صواريخ قدس- وذو الفقار- وكرار، والمسيّرات إلى أبو ظبي وما بعد بعد دبي، مسيرة طويلة، يجب الوقوف عندها بالتذكر والاستذكار، وإن كنا نعجز عن توثيق المسارات والتحولات لأنها كبيرة وهائلة، إلا أنه يجب أن نستذكرها كل لحظة وحين، ونتزود منها اليقين والإيمان والثبات.
لقد صنعت التضحية والثبات على المشروع وسنوات من الصبر والتحمل والمعاناة فجر أمة كادت أن تسحق أمام الأعداء، وصنعت مشروعا يمتد اليوم إلى ساحات الأمة كلها، لقد باتت الصواريخ المجنحة والباليستية والطائرات، تهدد الكيان الصهيوني وعملاءه في عقرهم، وصارت المعركة أوسع والمشروع أعظم، بقوة الله وفضله..والقادم فيه الكثير من النقلات والتحولات إن شاء الله.