نقترب من اكتمال العام الثامن منذ بدأ العدوان الإجرامي على اليمن في 26 مارس 2015م ، إذ تكتمل بعد أيام ثمانية أعوام من بداية العدوان ويبدأ العام التاسع ، فيما لا تزال الحرب الإجرامية على اليمن مستمرة مع خفض تصعيد مؤقت ، والحصار الإجرامي ما زال مفروضاً على الشعب اليمني ، ويبدو أن العام التاسع سيكون حاسماً حرباً أو سلماً.
ثمانية أعوام مرت إذن منذ أعلن السفير السعودي لدى أمريكا ومن واشنطن انطلاق الحرب التحالفية الإجرامية على الشعب اليمني ، الحقائق التي شاهدها العالم على طول المدة الزمنية للحرب العدوانية ، كشفت بأن كل ما قاله تحالف العدوان وأعلنه وروَّجه من أهداف وعناوين كانت مجرد دعايات كاذبة ، وكشفت أن الحقيقة واحدة “حرب تحالفت فيها أمريكا وبريطانيا ودول غربية مع السعودية والإمارات والمرتزقة والمأجورين على الشعب اليمني ، بهدف احتلال اليمن وبهدف إخضاع الشعب اليمني”.
وقد كانت الحرب على اليمن منذ اللحظة الأولى لانطلاقها حرباً أمريكية الأهداف والإرادة ، وسعودية إماراتية التنفيذ والتمويل ، وقد جاء الإعلان عن الحرب الإجرامية من واشنطن بواسطة السفير السعودي آنذاك عادل الجبير الذي أخبر العالم بانطلاق أولى العمليات العسكرية باسم “عاصفة الحزم” ، ليعقبه بعد لحظات بيان من البيت الأبيض يؤكد دعم إدارة أوباما للحرب التحالفية ، وتقديم أمريكا الدعم اللوجستي والاستخباراتي والإعلان عن تأسيس خلية التخطيط المشتركة لتحالف الحرب والعدوان.
تحالفت عشرون دولة في الحرب على الشعب اليمني ، علاوة على جيوش ومرتزقة ومأجورين من بلدان عديدة تم استئجارهم وإرسالهم للقتال في اليمن ، لا أحد يمكنه أن يتذكر كل شيء ، لكن العاصفة التي بدأت بإحراق اليمن وما فيها من الأخضر واليابس بواسطة الصواريخ والذخائر والقنابل والأسلحة الفتاكة والمدمرة الأمريكية والغربية ، وأشعلت كل قرى ومدن اليمن بالقصف الجوي ، قد انقلبت رأسا على عقب.
أثناء وبُعيد إطلاق الحرب الإجرامية على اليمن في مارس/آذار 2015، ما فتئت دول تحالف العدوان وعلى رأسها أمريكا والسعودية تروّج بأن العاصفة عملية عسكرية ستحسم الأمر لصالحهم في غضون أسابيع قليلة إلى شهرين على أكثر تقدير، لكنها امتدت لسنوات وها نحن نطوي عامها الثامن ، وقد استحالت الأهداف التي أعلنها تحالف العدوان وارتدت الحرب على أعماقه ، وانكشفت الحقائق بما خلفته الحرب الإجرامية من مئات الآلاف من الشهداء والجرحى ، وبما أحدثته من المآسي والموت والإبادات الجماعية ، وقد وُصِفَتْ بأسوأ المجاعات الإنسانية في التاريخ.
في افتتاح قمة جامعة الدول العربية الـ 26 في شرم الشيخ، زعم الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز بأن الحرب على اليمن ستستمر حتى تصبح اليمن آمنة مستقرة، وفي تبرير الحرب العدوانية ، عمدت مملكة العدوان السعودية إلى الإشارة بأنَّ أفعالها جاءت استجابة لنداء “الرئيس المعترف به دولياً، عبد ربه منصور هادي” ، غير أنها قامت باعتقال هادي نفسه وزجَّت به في السجون وتحت إقامة جبرية ، ونصبت بديلاً عنه شخصاً آخر من مرتزقتها المعروفين.
وفي جانب من الحملة الدعائية للحرب العدوانية على الشعب اليمني ، قالت السعودية ودول تحالف العدوان بأن الحرب على الشعب اليمني هدفها التصدي للتدخلات الإيرانية ، لكنها وقبل أيام وقعت السعودية اتفاقا مع إيران يسمح بإعادة العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات ، فيما الحرب على اليمن التي شنت بزعم مواجهة إيران مستمرة دون توقف”.
لا شرعية للقتل والتدمير والمذابح والمجازر أياً كانت العناوين ، ناهيك عن أن كل العناوين التي حاول تحالف العدوان تبرير الحرب الإجرامية على اليمن من خلالها كانت مجرد أكاذيب عارية عن الصحة ، فقد استندت الحرب الإجرامية منذ يومها الأول على ذرائع هي عبارة عن أكاذيب روجت في الأوساط وفي الإعلام وفي المنابر الدولية حتى أصبحت من باب المقبول به ، ولربما استطاعت دول تحالف العدوان أن توفر غطاءً ذهنياً للحرب الإجرامية في أيامها الأولى لدى الجهلة بالحقائق ، لكن مع مرور الأيام تكشفت الحقائق وباتت الأسئلة الأخلاقية تطرح نفسها على المعتدين!
لقد شنت عشرون دولة تملك أعتى الأسلحة وأفتكها وأشدها تدميرا ، وتملك الجيوش والمرتزقة والمأجورين ، وقد سخَّرت كل ذلك علاوة على الأقمار الفضائية ، وشبكات الرصد والتجسس والاستخبارات ، والتفوق الجوي والبحري والبري في كل شيء ، وخزائن المليارات من الدولارات وجيشت ماكينة إعلامية هائلة ، وصرفت أموالا مهولة واشترت الكلام وابتاعت الصمت ودفعت في شراء المواقف والأصوات المؤيدة والمصفقة للحرب الأموال الطائلة ، وكذلك استأجرت المرتزقة والمأجورين من الأصقاع ومن اليمن ، هل فعلت كل هذا فقط لأنها أرادت إعادة المرتزق عبدربه منصور هادي حاكماً على صنعاء؟ وهو الذي وضعته في سجن قسري غير معروف؟
ليس الأمر كذلك أبداً، فقد شنت الحرب العدوانية على واحدة من أفقر البلدان في العالم ، بذريعة إعادة الرئيس الفار ، وبذريعة مواجهة إيران ، وقد استحالت هذه العناوين بعد الزج بالمرتزق هادي إلى السجن ، وبعد الاتفاق السعودي مع إيران إلى العدم وتلاشت وصارت فضيحة في جبين التاريخ ، وهذا بحد ذاته لا يدين تحالف العدوان بارتكاب الجريمة فحسب ، بل ويلزمها بدفع أثمان الحرب الإجرامية وتبعاتها الإنسانية والاقتصادية وخسائرها الباهظة ، ويلزمها بمعالجة كل ما لحق باليمنيين من أضرار فادحة وجسيمة.
قصفت طائرات التحالف المدن والقرى والمصانع والمياه والكهرباء والأسواق والمستشفيات والمدارس والأعراس والعزاء ، واستهدفت الأطفال ومخازن الأغذية وخزانات المياه ، ودمرت الجسور والطرقات وكل شيء ، منازل ومستشفيات ومدارس وجسور كانت أهدافاً للقصف ، ولم يكن ذلك فحسب ، بل عمدت دول العدوان إلى محاصرة الشعب اليمني بشكل كلي ومنعت وصول الغذاء والدواء والإمدادات اللازمة للحياة ، بدعوى منع وصول السلاح إلى اليمن ، فيما تدفقت من أمريكا والدول الغربية الحمولات الهائلة من الأسلحة الفتاكة على طول السنوات الثمان إلى السعودية والإمارات ، ومات اليمنيون بالألاف المؤلفة وقُتلوا وسُحقوا والعالم يشاهد!
في نهاية المطاف ولسنا في نهايته ، فإن اليمنيين الذين توكلوا على الله لم يصبهم اليأس ولم يستسلموا وقد فعلوا الكثير ، واليوم فإن افتقار اليمن للاستقرار والحياة ، سيجعل منه كابوساً مرعباً في خاصرة المعتدين جميعاً.. وللحديث بقية.