ماذا لو تعرض الحج؟ هل تظنون أنه مستحيل؟ الحج كنا نقرأ من سنين نقرأ من سنين نصوصًا لوزراء بريطانيين ونصوص ليهود، وهم يصيحون من الحج، وقرأنا للإمام الخميني وهو يؤكد – قبل أكثر من عشرين عاما ً- بأن أمريكا وإسرائيل تخطط للاستيلاء على الحج.
ولتعرف أهمية الحج بالنسبة للأمة وفي مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين ارجع إلى القرآن الكريم تجد آيات الحج متوسطة للحديث عن بني إسرائيل، وآيات الجهاد والإعداد ضدهم في أكثر من موقع في القرآن الكريم. فهم لا بد، لا بد أن يعملوا للاستيلاء على الحج بأي وسيلة ممكنة، وقد رأوا بأن الأمور تهيأت لهم على هذا النحو، حتى أصبح زعماء المسلمين بعد أن فرقوا البلاد الإسلامية إلى دويلات، كل دولة لا يهمها أمر الدولة الأخرى، فإذا ما ضُرِبَت السعودية تحت مسمى أنها دولة تدعم الإرهاب، والسعوديون أنفسهم نستطيع أن نقطع بأنهم لم يعملوا ضد أمريكا أي شيء، لكنهم يواجَهون بحملة عشواء، ويواجهون بحملات دعائية ضدهم في الغرب، تَصِمُهُم بأنهم دولة تدعم الإرهاب، وأنهم إرهابيون، وأن مصالح أمريكا في المنطقة معرضة للخطر من الإرهابيين، السعوديون أنفسهم لم يفهموا ما هذا؟! استغربوا جدًا لماذا هذه الضجة ضدنا، ونحن أصدقاء، نحن أصدقاء معكم أيها الأمريكيون، ما هذه الضجة ضدنا؟
كل ذلك يدل أن بالإمكان – فعلًا – أن تضرب السعودية للاستيلاء على الحرمين، ونحن سننظر – في بقية بقاع الدنيا – بأن الذي حصل هو حصل داخل المملكة العربية السعودية، وعلى مناطق هي تحت سيادة المملكة العربية السعودية، ونحن يمنيون وهم سعوديون، نحن مصريون وهم سعوديون، نحن باكستانيون وهم سعوديون، نحن، وهكذا كل دولة مسلمة ربما تقول هذا المنطق. وسيقول زعماؤها: لا، السعودية إنما ضُرِبت لأنها دعمت الإرهاب، ثم سيقطع زعماء البلدان الأخرى علاقاتهم مع السعودية، كما قطعوها مع طالبان، ألم يقطعوها مع طالبان سريعًا؟ السعودية والإمارات العربية وباكستان كانت هي الدول التي اعترفت بـ(طالبان).
ظهر في الصورة أن أمريكا تريد أن تضرب هؤلاء هم إرهابيون، إذًا نقطع علاقاتنا معهم، سيتكرر هذا مع السعودية نفسها، وقد يتكرر مع باكستان نفسها إذا ما جُنِّدَت الهند ضدها، وهكذا سيصبح اسم [إرهاب، إرهاب، إرهاب، أنت إرهابي، دولة إرهابية] هي العبارة التي تُقَطِّع الأسباب، وتقطع العلاقات، وتُقَطِّع كل أسباب التواصل فيما بيننا كأفراد كمجموعات كشعوب إنها عبارة خبيثة أطلقها اليهود وأرادوا أن يرسخوها حتى هي عبارة سهلة يمكن لأي شخص جبان، يمكن لأي شخص لا يستشعر المسؤولية، يمكن لأي شخص لا يهمه أمر المسلمين، يمكن لأي شخص ليس فيه ذرة من عروبة أن يقول للآخرين: [هم إرهابيون، من الذي قال لهم أن يعملوا هكذا، هم إرهابيون]، تصبح كلمة للتبرير، يبرر كل إنسان موقفه السلبي من الآخرين، تبرر كل دولة موقفها السلبي من الدولة الأخرى وهكذا. حالة خطيرة استطاع اليهود والنصارى أن يصنعوها، استطاعوا أن يصنعوها.
ماذا يمكن أن نعمل نحن؟ ستقول الدولة: [نحن يمنيون وهم سعوديون، والسعوديون هؤلاء هم دعموا الإرهاب، وإنما يُضرَبوا من أجل أنهم إرهابيون] لن يتفوه اليهود بكلمة واحدة أنهم سيحتلون مكة والمدينة، لكن سيحتلونها. وما زالوا محافظين على آثار اليهود في أماكن قريبة من المدينة، بل ويمكن لليمن نفسه أن يكون ضحية لليهود، هل تعرفون ذلك؟ والوثائق بأيديهم، بأيديهم [بصاير] – حسب منطقنا – وثائق.
أولًا ماذا يمكن أن يعملوا؟ كثير من [المشايخ] الذين كانوا هنا يعارضوننا يوم كانوا يستلمون من السعودية مبالغ، ألم يكونوا هم من سهل للوهابيين أعمالهم؟ وهم يستلمون مبالغ من المال من السعودية؟ سيستلمون مبالغ من أمريكا، لكن لعمل آخر؛ ليسكتونا ليضربونا، ليضربوا تراثنا، مدارسنا بحجة أنها إرهابية.
ثم عندما تتهيأ الأجواء على شكل أكبر وأكبر، ستسمع نبرة أن اليمن كان هو شعب يهودي في السابق، في التاريخ، أليس كذلك؟ {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُود ِ(4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)} (البروج) هذا كان في أيام أحد ملوك حِمْيَر الذي فرض على اليمنيين أن يكونوا يهودًا، فرض اليهودية في اليمن، وكان كثير من اليهود الذين كانوا ما يزالون في اليمن هم من بقايا اليهود الذين كانوا في أيام الدولة الحميرية في بعض مراحلها. ففرضوا اليهودية على اليمن والنصرانية كانت ما تزال دينا قائما قبل الإسلام.
حينئذٍ سيقول كُتَّاب – من نوع أولئك الذين تأسفوا على أن بلقيس ذهبت إلى سليمان لتسلم: [أننا خسرنا حضارة، لماذا تذهب بلقيس لتسلم على يد سليمان] – أقلام هنا في اليمن ستخدم اليهود، بعض الأحزاب حاولت أن يكون في أعضائها يهود – لا أذكر اسم ذلك الحزب بالتحديد – في بعض مناطق تعز وفي صنعاء، يحاول أن يكون له علاقة قوية باليهود، وأن يكون في أعضائه يهود، ويفتخر بذلك، سينطلق كُتَّاب من هذا النوع يذكرونا بأمجادنا بحضارتنا السابقة.
ألم يبدؤوا بربطنا نحن اليمنيين – من قبل فترة طويلة – بتلك الأعمدة التي كانت ما تزال من آثار دولة بلقيس، دولة السبئيين والمعينيين، الأعمدة والآثار ألم يربطونا بها وأنها شاهد على حضارتنا وعلى مجدنا في التاريخ؟ سيصبح في الأخير شاهد على حضارتنا كأمة لها ثقافة أيام كنا يهود، سيقولون هكذا، ليس بعيدًا، لا تستبعدوا شيئًا أليس هناك داخل لبنان عملاء لإسرائيل ضد اللبنانيين؟
أليس هناك داخل الفلسطينيين من أبناء الفلسطينيين أنفسهم ممن يرون أبناء وطنهم أبناء إخوانهم، أبناء أمهاتهم يُذبّحون ويُقتلون فيعملون مع إسرائيل وبكل إخلاص مقابل دولارات؟ ألم يحصل هذا؟ هل نحن اليمنيين لسنا على هذا النحو؟ والله كثير – فيما أعتقد – وسيظهر كثير من زعماء القبائل وليس فقط من الصغار، صغار وكبار سيظهرون، ومثقفون وكُتَّاب سيظهرون. من باع دينه – والدين سواء يباع من وهابي أو من سعودي أو من إسرائيل أو من أمريكا – الذي باع دينه من هذا سيبيعه من هذا، والذي سيدفع أكثر سيبيعه منه قبل أن يبيعه من الطرف الآخر.
إذًا يجب – أيها الإخوة – أن لا نسمح لهذا التَّدجِين الذي يُراد له أن يكون في اليمن وفي بقية شعوب البلاد العربية أن لا تتكلم ضد اليهود، ولا تتكلم ضد النصارى سيقولون إرهابيون، يضربوا هذا فتفرح، وتصبح أنت بوق إعلام يعجبك أن ضربوا، والحمد لله ضُربوا، ستخلق روحية يحمد الله الآخرون عندما تضرب أنت، ستعزز في نفوس الناس كلمة: [إرهاب]، كلمة: [إرهابي]، سيقولون إرهابي، وأن يسكتوا عن أمريكا وإسرائيل، أن نسكت عن اليهود والنصارى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} (المائدة: من الآية78) من ذلك الزمان، ثم نسكت عن لعنهم في هذا الزمان؟! ونحن من نصيح تحت أقدامهم من شدة الألم، من الخزي، من العار، من الذل؟!
نسكت عن لعنهم؟ سنلعن اليهود والنصارى، سنلعن أمريكا وإسرائيل، سنلعن أولياءهم حتى تترسخ في أوساطنا في أوساط الشعوب في أوساطنا نحن اليمنيين ما لنا وللآخرين صرخوا أو لم يصرخوا.
في أوساطنا لا نسمح لوسائل الإعلام أن تعزز الهزيمة في أنفسنا من خلال ما تعرضه، لا نسمح – ولا للدولة نفسها – أن تطلب منا أن نسكت فنسكت، لا يجوز أن نسكت، لا يجوز أن نسكت أمام الله، وليس هناك أي مبرر إطلاقًا، ليس هناك أي مبرر ديني، وأتحدى، أتحدى من يمكن أن يخلق أي مبررٍ ديني في وضعية كهذه للسكوت أمام ما يحصل.
فإذا كنا في الأخير لا نخاف الله، وإنما نخاف الآخرين فنسكت خوفًا من الآخرين – ونحن قلنا أنهم هم يجب أن يكونوا من يعمل على أن لا يظهروا أنفسهم بالشكل الذي يخيف الآخرين منهم؛ لأنهم سيبرهنون على أنهم أولياء لليهود والنصارى – سنعمل على أن نصرخ، ونعلن أننا نستنكر أن يُضرب حزب الله، أن تضرب إيران، أن يضرب العراق، ونحن صرخنا سابقًا.
ألم تخرج مظاهرات في صعدة يوم زحف الأمريكيون وتلك الدول على العراق؟ نحن خرجنا مظاهرة وصرخنا فعلًا، قبل سنوات في صعدة صرخنا فعلًا وأعلنا أننا مع الشعب العراقي، وأننا ضد التدخل الأمريكي، وصرخنا عندما تدخلوا ورفعنا أصواتنا، وقمنا بمسيرة كبيرة في الشارع العام بصعدة.
ونحن سنصرخ سواء – وإن كان البعض منا داخل أحزاب متعددة – سنصرخ أينما كنا، نحن لا نزال يمنيين، ولا نزال فوق ذلك مسلمين، نحن لا نزال شيعة، نحن لا نزال نحمل روحية أهل البيت التي ما سكتت عن الظالمين، التي لم تسكت يوم انطلق أولئك من علماء السوء من المغفلين الذين لم يفهموا الإسلام فانطلقوا ليدجنوا الأمة للظالمين، فأصبح الظالمون يدجنوننا نحن المسلمين لليهود، أليس هذا الزمن هو زمن الحقائق؟ أليس هو الزمن الذي تجلى فيه كل شيء؟ ثم أمام الحقائق نسكت؟! ومن يمتلكون الحقائق يسكتون؟! لا يجوز أن نسكت.
بل يجب أن نكون سباقين، وأن نطلب من الآخرين أن يصرخوا في كل اجتماع في كل جمعة، الخطباء، حتى تتبخر كل محاولة لتكميم الأفواه، كل محاولة لأن يسود الصمت ويعيدوا اللحاف من جديد على أعيننا.
لقد تجلى في هذا الزمن أن كُشفت الأقنعة عن الكثير، فهل نأتي نحن لنضع الأقنعة على وجوهنا، ونغمض أعيننا بعد أن تجلت الحقائق، وكُشفت الأقنعة عن وجوه الآخرين؟! لا يجوز هذا، لا يجوز.
هذا هو حديثي في هذه الجلسة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعًا لأن نكون من أنصار دينه، ممن يصرخ في وجه أعدائه، ممن يعمل على إعلاء كلمته، وأن يتقبل منا، وأن يُبَصِّرنا ويلهمنا ويوفقنا ويسددنا إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
الصرخة في وجه المستكبرين
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 17/1/2002م
اليمن صعدة
* نقلا عن :موقع أنصار الله