{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} أليس هذا يحكي كلام الظالم في الآخرة، في يوم الحساب؟{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً} أليس هو يتلهّف ويتحسّر على تلك الصداقة التي أقامها مع فلان في الدنيا؟ وكان ممن يضله {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} أليست هذه حسرة شديدة؟ تصور لو أن الواحد منا يتصور أنه هو من يقول هذا. أليست هذه ندامة شديدة وحسرة كبرى؟
{الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} أخلاؤك المتقون هنا مَن ترتبط بهم، من تجالسهم، من تهتدي بهم، من تقف مواقفهم من المتقين، هم من سترى نفسك يوم القيامة أكثر حبًّا وأكثر وداً وأكثر علاقة بهم، وترى أنك كنت في نعمة عظيمة أن ارتبطت بأولياء من أولياء الله.
لكن كل صداقة ستتحول إلى عداء يوم القيامة، كل ولاء، كل تقديس في هذه الدنيا، وكل تصفيق، وكل تأييد سيتحول – إذا لم يكن هنا في الدنيا على حق – سيتحول كله في الآخرة إلى عداء {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}.
{قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ * قَالَ لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} أن تجلس أنت وقرينك (هو الذي أضلني، هو الذي كذا، هو الذي كذا) هذا ليس وقته الآن {قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} كان ينبغي أن تعرف وأنت ما زلت في الدنيا، اعرفْ كيف تختار القرين الصالح الذي لا يضلك، الذي سيقودك إلى الهدى. ماذا سينفعك أن تقول: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} لا تنفعك في الآخرة. هنا في الدنيا ستنفعك: أن تبتعد عن قرناء السُوء وجلساء السُوء كالبعد ما بين المشرق والمغرب.
صوَّر القرآن الكريم هـذه الحالة وهـي من أسـوأ الحالات بصور متعددة وشخصها تشخيصاً واضحـاً، نجد صورة منها فيما بين القرناء كأفراد، وفيما بين الفرقاء، فريق المستكبرين وفريق المستضعفين الذين كانوا أتباعاً {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} يتخاصمون ويتجادلون، وكـل شخص يحاول أن يحجّ الآخر أو كـل فئة تحاول أن تحجّ الأخرى، فتثبت أنها هي السبب فيما وصل إليه الجميع.
{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ} لكن أين يتحاجّون؟ في النار، قد صاروا كلهم في النار {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} الضعفاء: الأتباع الذين كانوا يؤيدون ويصفقون ويباركون للمستكبرين للكبار مِن زعماء السُّوء، مِن المضلين {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} نحن كنا أتباعاً لكم في الدنيا، وكنا نفديكم بأرواحنا، وكنا نعمل لكم كذا وكذا، وكنا، وكنا.. إلى آخره {فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ} تدفعون عنا نصيباً من النار، أو تحاولون بأي طريقة أن يحصل تخفيف علينا من النار {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} ماذا نعمل لكم؟ كلنا الآن قد أصبحنا فيها {إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
سلسلة دروس معرفة الله
الدرس التاسع- وعده ووعيده
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 28/1/2002م
اليمن صعدة
* نقلا عن :موقع أنصار الله