شكل المشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي ، واحداً من أهم المشاريع التي واجهت الهجمة الأمريكية ، وظل رغم العواصف والتحديات والحروب والمؤامرات التي واجهته في طليعة أبناء الأمة الرافضين للهيمنة الأمريكية
.
هذا المسار شكل أملاً كبيراً لأبناء أمتنا المظلومين وصنع بفضل الصمود الأسطوري والثقافة الواعية التي كانت محاضرات الشهيد القائد (رضوان الله عليه) والسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) القاعدة والمرتكز لوعي الجماهير اليمنية حتى أصبحت بمثابة جدار حماية أمام محاولات الاختراق الأمريكي والصهيوني والذي باتت أهدافه اليوم واضحة وجلية أبرزها حركات التطبيع والتدجين التي باتت تضع في قوالب مخادعة تستهدف وعي جماهير أمتنا تحت عناوين مضللة كالسلام وما شابه والتبادل التجاري مع الكيان الغاصب
..
ولم يقتصر الأمر على إبقاء القضية الفلسطينية حية وحاضرة في وجدان الشعب اليمني ومنه إلى شعوب أمتنا بل شكل المشروع القرآني بمثابة مرآة فاضحة للمنافقين والخونة والمدسوسين وعملاء الصهاينة والأمريكان إذ ضل المشروع واقفا بكل ثبات أمام موجات العمالة والخيانة التي اجتاحت المنطقة العربية وباتت الكثير من الوسائل الإعلامية والمنابر الثقافية تسعى لتصوير الخيانة على أنها مواقف وطنية وإسلامية وعربية ووو … إلخ أما أحرار الأمة فيتم وصمهم بالانقلابيين والارهابين
..
تجلت في الساحة في هذه المرحلة حقائق صادمة، فمن كانوا دعاة الوطنية والمتشدقون بها افتضح أمرهم بأنهم خونة وجواسيس وعملاء وكل هذا كان بفضل المشروع القرآني بثقافته ومرتكزاته ، فمن اتجهوا اتجاه العمالة والخيانة على نحوٍ واضح، على مستوى أنظمة، على مستوى جماعات، كما هو حال التكفيريين: التكفيريين في اليمن، التكفيريين في سوريا، التكفيريين في العراق… التكفيريين في مختلف البلدان التي تحركوا فيها، ظهر بوضوح كيف أنهم يتحركون في خدمة الأجندة الأمريكية والإسرائيلية، كيف أنهم يسعون إلى إثارة الفتنة بين أبناء الأمة تحت عناوين مذهبية وهذا ما أكد عليه الشهيد القائد قبل أكثر من عشرين عاماً عندما وصف عناصر ما يسمى ” القاعدة ” بأنها صناعة أمريكية ومن هذه الرؤية والوعي والاستقراء الدقيق تساقطت الأقنعة ورأينا هؤلاء الذين كانوا يقسمون بالله بعد كل صلاة أنهم سيقفون في وجه أمريكا ويحاربونها ويعلنون الجهاد ضدها رأيناهم أول من حارب في صف أمريكا وعلى امتداد الخريطة الإسلامية
..
لقد ظهر جلياً- في واقع الحال- كيف فاعلية وجدوائية التحرك الصحيح، الذي تبناه المشروع القرآني أنه اليوم هو في الموقف الصحيح، وهو الذي بمعزل عن الهيمنة الأمريكية، بمعزل عن السيطرة الأمريكية، في داخل هذه الأمة الذين هم في موقف الحرية والاستقلال والكرامة والعزة، لا تسيطر عليهم أمريكا، وهم خارجون عن الهيمنة والسيطرة الأمريكية والإسرائيلية، هم الذين اتجهوا الاتجاه الصحيح والاتجاه الحر، هم الذين جعلوا من أولوياتهم الرئيسية التصدي لهذا الخطر، وأن يتوجهوا الاتجاه الصحيح
.
المعركة مستمرة وعلى كل المستويات
عندما نأتي إلى هذه المرحلة، وبعد كل هذه المدة الزمنية التي أعلنت فيها الصرخة وإلى اليوم، وقد تجلت الأمور أكثر، واتضحت المسارات وتحددت في داخل الأمة أكثر فأكثر، ونجد على مستوى واقعنا كشعب يمني، وعلى مستوى واقع الأمة من حولنا أيضاً، أنَّ الأمريكي مستمر في مؤامراته، في مخططاته، وإن كان بشكلٍ كبير يعتمد على أدواته وعلى العملاء الموالين له من أبناء الأمة،
العدوان على بلدنا جزءٌ من هذه المعركة، هذا العدوان الذي أيضاً يتحرك ليس فقط في المجال العسكري، هو يتحرك على المستوى السياسي، على المستوى الإعلامي، هو يستمر أيضاً في هجمته على المستوى الاقتصادي، وحربه الشرسة على المستوى الاقتصادي
.
نحن كشعبٍ يمني نعيش معاناة الوضع الاقتصادي الناتجة عن هذا الاستهداف الواضح والصريح، الذي يأتي إلى استهدافنا في العملة الوطنية، في الحصار الشديد والخانق… في وسائل وأساليب متعددة على المستوى الاقتصادي، على المستوى الثقافي والفكري والإعلامي، المعركة الإعلامية التي يوظِّف فيها الكثير من العناوين والمفردات، ويثير فيها الكثير من القضايا الهامشية والمشوشة، ويثير فيها أيضاً الكثير من العناوين والسياسات الإعلامية التي تهدف إلى التضليل، وإلى قلب الحقائق، وإلى التزييف للوعي
.
عندما نتأمل في واقع الشعب الفلسطيني، وفي القضية الفلسطينية التي هي قضيةٌ للأمة كل الأمة، تعنينا جميعاً كمسلمين، فيما يتعلق بشعبٍ هو جزءٌ منا (الشعب الفلسطيني) كأمةٍ مسلمة، فيما يتعلق ببلاد فلسطين التي هي جزءٌ من البلاد الإسلامية، فيما يتعلق بالمقدسات في فلسطين التي هي من مقدساتنا العظيمة والمهمة، العدو الإسرائيلي مواصل في مساراته العدوانية، في مساراته الإجرامية، يواصل كل أشكال الاستهداف لهذا الشعب الفلسطيني، يضم المزيد والمزيد من الأراضي، يسعى إلى الاستهداف بكل وسائل الاستهداف للشعب الفلسطيني، قتلاً، وأسراً، وتخريباً للممتلكات، أيضاً الاستهداف على مستوى الانتماء الديني للمساجد، للصلاة، للشعائر الدينية… بكل وسائل الاستهداف
.
عندما ننظر إلى الواقع الذي تعيشه سوريا والشعب السوري، والمؤامرات الكبيرة على هذا الشعب، وعلى نظامه الذي بقي وفياً مع شعبه ومع أمته، نرى طبيعة الدور الأمريكي والإسرائيلي، والاعتداءات الأمريكية والإسرائيلية، ونرى أيضاً نموذجاً آخراً من أساليب الاستغلال الأمريكي والإسرائيلي للعملاء، إلى درجة أن الأمريكي يأتي في بعض المناطق السورية- في نهاية المطاف- ليبسط سيطرته المباشرة على حقول النفط في بعض المناطق ليسيطر على هذه المنشآت النفطية، ويسرق نفطها، وينهب ما فيها من الثروة
.
يستمر الدور الأمريكي التخريبي والمعادي مع الإسرائيلي في لبنان، ونحن نرى ما يعاني منه الشعب اللبناني على مستوى الحصار الاقتصادي، المؤامرات على اقتصاده، على معيشته، الإضرار به في الوضع الاقتصادي، بعد أن فشلوا على المستوى العسكري، وبعد أن فشلوا في الاستهداف للمقاومة في لبنان، لحزب الله في لبنان، للأحرار في لبنان، على المستوى السياسي، على مستويات كثيرة، اتجهوا إلى الجانب الاقتصادي، وإن شاء الله سيفشل الأعداء في مؤامراتهم على المستوى الاقتصادي على الشعب اللبناني
.
أكبر ما ساهم في معاناة الأمة على كل المستويات
نجد أنَّ معاناة الأمة على كل المستويات: على المستوى الاقتصادي… وعلى بقية المستويات، من أكبر ما ساهم فيها: الدور السلبي للموالين لأمريكا، يعني: تجد مثلاً في لبنان واحد من أهم العوائق عن تبني سياسات اقتصادية صحيحة لمصلحة الشعب اللبناني، يقف عائقاً عن ذلك من يوالي أمريكا في لبنان، بعض الأحزاب، بعض التيارات الموالية لأمريكا، التي تتجاوب مع السياسات الأمريكية والتوجهات الأمريكية التي تستهدف الشعب اللبناني بشكلٍ عام في اقتصاده، ثم هكذا في بقية البلدان الإسلامية
.
أمريكا ستكون ضعيفة -وهي ضعيفة- لو وقفت الأمة الوقفة المطلوبة، لكن يتحمل الذين يتجهون الاتجاه الخاطئ من أبناء الأمة في الموالاة لأمريكا، في التقبل لسياسات أمريكا، في التفاعل والخدمة لأجندة أمريكا، يتحملون مسؤولية كبيرة أمام الله “سبحانه وتعالى”، وأمام شعوبهم فيما ينتج عن تجاوبهم هم من فاعلية وتأثير للسياسات الأمريكية، تلك الفاعلية وذلك التأثير ما كان ليتم لولا تجاوب أولئك ودورهم التخريبي من الداخل
.
مثلاً: الحصار الاقتصادي على الشعب الإيراني المسلم، معظم البلدان العربية والإسلامية التزمت بالسياسات الأمريكية، والتعليمات الأمريكية، والموقف الأمريكي ضد الشعب الإيراني المسلم، وضد النظام الإسلامي في إيران الذي هو نظامٌ مسلم، يتجه الاتجاه الصحيح مع شعبه، فتحارب إيران اقتصادياً؛ لأنها خارجة عن الهيمنة والسيطرة الأمريكية عليها، وتتجه الاتجاه الحر والشريف والمستقل
.
لتكن الألوية هي مواجهة هذا الخطر الداهم
عندما نجعل من الإدراك والوعي للخطر الأمريكي والإسرائيلي، ومن تحمل المسؤولية والتحرك الجاد في مواجهة هذا الخطر أولوية؛ سنكون في الاتجاه الصحيح في كل مساراتنا العملية، في كل سياساتنا، في كل مواقفنا، في كل توجهاتنا
فإذ يتجلى- كما قلنا- صوابية هذا التوجه الصحيح لنا في هذه المسيرة القرآنية، لكل الأحرار في هذه الأمة الذين يناهضون الهيمنة الأمريكية، والسيطرة الأمريكية، ويعادون العدو الإسرائيلي، ويعون جيداً طبيعة المؤامرات والأساليب والوسائل التي يستخدمها الأمريكي والإسرائيلي،
وإذ ندرك جيداً وتتجلى الحقائق عن سلبية الدور التخريبي للعملاء والموالين لأمريكا، وعن سلبية حالة الجمود والقعود والتنصل عن المسؤولية، ونعي مسؤوليتنا جيداً،
فنحن معنيون بالاستمرار، مع الثقة بالله “سبحانه وتعالى” أننا في المسار الصحيح، في المسار الإيجابي، في المسار الذي عاقبته عاقبة النصر، وعاقبة الفلاح، وعاقبة الفوز، وعاقبة الغلبة والتأييد الإلهي، بالاعتماد على الله “سبحانه وتعالى”، والتوكل على الله
لكنه بحسب ما يستجد من أحداث، من مؤامرات، من مكائد، يلزمنا
-
المزيد والمزيد من الوعي،
-
يلزمنا المزيد من الاستشعار للمسؤولية، والتحلي بالمسؤولية،
الانضباط العملي على أساسٍ من هذا الوعي، وعلى أساسٍ من استشعارنا لهذه المسؤولية، وهذا يأتي في واقعنا العملي إلى مختلف المجالات: المجال السياسي، المجال الاقتصادي، المجال الإعلامي، المجال التوعوي في الواقع فنتحرك بكل جدية لننشر الوعي بشكلٍ كبير، ولنواجه كل مؤامرة استجدت، كل خطوةٍ جديدة أقدم عليها الأعداء وعملاؤهم.
* نقلا عن :موقع أنصار الله