يضيفُ اليوم على قائمة الانتظار الطويل والصبر الجميل، في حياة اليمنيين، يوماً جديدًا هو اليوم الـ400 من عمر الهُدنة الأممية الزائفة، وما يسمى خفض التصعيد أَو التهدئة، والتي جاءت قبل عامٍ و36 يوماً و16 ساعة حتى الـ8 والنصف موعد نشرت أخبار المسيرة الرئيسية، وبتنا نحن اليمنيين نحسبها بالساعات، ونحسبها -إن شئتم- بالدقائق والثواني، فالوقتُ الذي يمر بين المثير والاستجابة يبلغ نصف ثانية، والإدراك يزيد بمقدار نصف ثانية أُخرى، وهذا هو الوقتُ الذي تُعد مرحلةُ اللا صبر فيه خياراً قابلاً للتطبيق، أمام قومٍ أتقنوا فنونَ الصبر حتى صاروا يتقنون أيَّ شيء آخر قد يقلب المنطقة برمتها رأساً على عقب.
وبما أن الصبرَ اليمني يأتي خارقاً للعادة، ترى فيه قوى العدوان ورعاتها وأذنابُها -حتى الجهلةُ بيننا- أنهُ ضربٌ من الخضوع أَو نزوعٌ إلى الدَّعة والراحة؛ فيلجؤون إلى إطالة أمد الوقت ومزجِها بشيء من الهوان والمماطلة؛ لقياس معيار الخضوع؛ وهماً وجهلاً، في الصبر الذي ينتهجه اليمنيون والقائم على الرضا بتدبير الله سبحانه وتعالى، والذي كشف لهم عن منفعته، فوقفوا على المستورِ منه وجيّروه في مصلحتهم، وساعدهم على تقليل ما يُهدر من الوقت والطاقة والمال، وفي ترتيب الأوراق التي لا شك بأنها انعكاسٌ وثمرةٌ للنجاح الذي ستصلُ بالعدوان إلى مرحلة الإذعان، شاء أم أبى.
ولعل الوهمَ الذي يعيشُه تحالفُ العدوان هو نصفُ الداء، والاطمئنانُ إليه النصف الآخر، ونفادُ الصبر اليمني قد يكون أولى خطوات الشفاء منها جميعاً؛ فحين يشتدُّ الوجع، ويتصاعد الألم، ليس هناك علاج فوري وفاعل كوصفة الاشتعال العارم والانطلاق الجامح الذي لا تحده حدود ولن تقيده قيود؛ فالعدوّ الذي غلبه طبعُه سيظل يسيءُ التقدير؛ لذلك عليه فقط أن ينتظر حلولًا ذات مساءٍ قريب؛ ليعرف كم كانت حساباتُه خاطئة، ورهاناتُهُ خاسرة، وترتيباته فاشلة وأن كيدهُ إلى زوال.