لَم يَزَلْ مُفجَعًا بِكَ الأَوفِيَاءُ
يا عَظيمًا، تَهابُهُ العُظَمَاءُ
كَيفَ أُوفِيكَ في مَقامِكَ قَدرًا
مَا عَسى أَن يَزيدَكَ الشُّعَرَاءُ
لَيتَ أَنِّي -أَقولُها بِالتِياعٍ-
لَكَ مِن نَازِلِ الحِمامِ الفِدَاءُ
إِنَّ ذِكراكَ -والحَديثُ شُجونٌ-
غَارِقٌ في مُصابِها العُلَمَاءُ
رُبَّ ذِكرَى بِالقَلبِ طَارَت شُعاعًا
فَعَراهُ الجُمودُ والإِعيَاءُ
***
عَقِمَ الخُلدُ، فاستَحالَ عَجوزًا
إِذ طَغَا الوَهنُ، واستَباحَ الفَنَاءُ
فَانتَقَى جَوهَرًا منَ الشَّرَفِ الأَعلَى
لَهُ سُؤدَدٌ بهِ وارتِقَاءُ
حَمَلَ الجِدَّ، وامتَطى صَهوَةَ العَزمِ،
وبِالعَزمِ قَد أَنارَ الفَضَاءُ
حَامِلًا في فُؤادِهِ هَمَّ قَومٍ
دَأبُهُ النُّصحُ دَائِمًا، والوَلَاءُ
فَانبَرى يَنشُرُ اللِّواءَ عَلِيًّا
وعَلى الخَافِقَينِ رَانَ اللِّوَاءُ
أَنتَ واللهِ صَاحِبُ المِنَّةِ العُظمَى
عَليهِ، لَكَ اليَدُ البَيضَاءُ
***
جِئتَ والوَاقِعُ العَمِيُّ مَرِيرٌ
ضَاقَ ذَرعًا بِجَورِهِ الأَولِيَاءُ
سُلِبَت مِنهُ بَهجَةٌ وانبِساطٌ
وخَبَت مُقلَةٌ لَهُ وَضِيَاءُ
تَاهَ فِيهِ شَعبٌ، وضَاعَ تُراثٌ
مَزَّقَتهُ الخُطوبُ والأَرزَاءُ
وعَلى الأُمَّةِ استَكانَ خُضوعٌ
سَادَ فِيهَا أَذيَالُها الأَشقِيَاءُ
غَرَسَت نَابِها لِتَنهَشَ مِنهَا
مَا حَمَتهُ الجُسومُ والأَعضَاءُ
وانتَشَت سَطوَةٌ منَ الظُّلمِ حَمرَاءُ
لَها نَشوَةٌ بهِ حَمرَاءُ
كَادَ أَن يَصرُخَ الوَرى مِنهُ غَوثًا
وعَلى العَيشِ بَعدَ هَذا العَفَاءُ
ثَائِرًا مِن (شِهارَةٍ) حِينَ ثَارَت
كَالبَغايَا أَبنَاؤُها الأَدعِيَاءُ
سَاطِعًا كَالشِّهابِ يَختَرِقُ الأُفْقَ
وكَالسَّيفِ حِينَ يَفرِي المَضَاءُ
نَابِغًا، والذَّكاءُ فِطرَةُ فَذٍّ
مَاجِدٍ، كَم تَغارُ مِنهُ ذُكَاءُ
لَاهِ دَرُّ النُّبوغِ، كَم مِن نَجِيبٍ
خَلَّدَتهُ أَبنَاؤُهُ النُّجَبَاءُ
هِمَّةٌ مِن قَداسَةِ العِلمِ جَلَّت
فَتَجلَّى مَكنُونُها والعَطَاءُ
***
يَا لَجَورِ الزَّمانِ، أَيُّ شَتاتٍ
وانفِلاتٍ بهِ أَصابَ القَضَاءُ
أَينَ مِنِّي، وَقَد رَحَلتَ زَمانٌ
كُنتَ فِيهِ وكَانَ مِنكَ السَّنَاءُ
قُلتُ، والدُّهرُ غُدوَةٌ ورَواحٌ
هَكَذَا العَيشُ والبَرايَا ابتِلَاءُ
والأَسَى يَبعَثُ الأَسَى، والبَلايَا
شَرُّها مِن بَعدِ السُّرورِ البُكَاءُ
عَمرَكَ اللهَ، والسِّياسَةُ جَانٍ
شَأنُها يَبتَنِي الخَرابَ البِنَاءُ
ولَقَد يُرتَجَى مِنَ الشَّرِّ خَيرٌ
إِنْ يَكُنْ فِيهِ كَالبَصيصِ اهتِدَاءُ
بَيدَ أَنَّ الَّذي أَرَتنَا أَعاجِيبَ،
ومَا عِشتَ فَالعَجيبُ يُرَاءُ
بَيدَ أَنَّا -وفِي الضُّلوعِ مَآسٍ-
لَم نَزَلْ بِالَّذي نُسَرُّ نُسَاءُ
***
يَا وَجيهَ الهُدى، وأَنتَ خَبيرٌ
بِتُراثٍ لَم يَدرِهِ الخُبَرَاءُ
سَلْ أَبا هَاشِمٍ أُجِبْكَ، فَإِنِّي
بَينَ جَنبَيَّ تَستَطيرُ الدِّمَاءُ
مَا ثَوى العِلمُ، إِنَّما حَامِلُوهُ
يَومَ يُنسَى، ويَومَ يُنسَى الثَّوَاءُ
ولَقَد عَزَّ في البَرايَا مَنالًا
أَن يَرى مَا رَأَيتَهُ الزُّعَمَاءُ
عِشتَ للهِ وَحدَهُ، مَا تَصَبَّاكَ
افتِتانٌ، ولَا احتَواكَ ازدِهَاءُ
ورَفَضتَ المُساوَماتِ شُموخًا
لَا غُرورٌ فِيهِ ولَا خُيَلَاءُ
أَينَ مِن (حَامِلِي المَباخِرِ) نَهجٌ
أَنتَ مِنهُم ومِن هَواهُم بَرَاءُ
(وحُسينٌ) فِي خَافِقٍ يَتَشَظَّى
دَمِيَت فِي عُروقِهِ (كَربَلَاءُ)
سُنَّةُ اللهِ فِي الخَلائِقِ أَلَّا
يُجمَعَ المَالُ حُبُّهُ والإِبَاءُ
***
سَيِّدي، خَاطِرٌ تَحرَّقَ فِكرًا
والقَوافِي وَقُودُها الأَحشَاءُ
إِنَّ مَن يُوقِدُ الحَريقَ لَمِمَّن
أَوقَدَ النَّاسَ فِكرُهُ فَأَضَاؤُوا
ولَقَد كُنتَ زَاهِرَ القَلبِ طِيبًا
وكَذَا الرُّوحِ جَنَّةٌ خَضرَاءُ
هَبَّ فِي فِكرَتِي بِذِكراكَ عَصفٌ
قَدَحَ الزَّندَ حِينَ جَاشَ الرِّثَاءُ
إِنَّ خَيلًا تَجُولُ فِي الصَّدرِ وَعرًا
لَهْيَ مِنِّي كَتائِبٌ خَرسَاءُ
ولَها أَن تَخُبَّ وَهْيَ عِتاقٌ
فَفُؤادِي مَرعًى لَها ورِعَاءُ
ولَها أَن تَحُلَّ فِي حَبَّةِ القَلبِ
إِذا أَمحَلَ الحُقولَ الشِّتَاءُ
***
وسَلامٌ عَليكَ يا وَارِدَ الخُلدِ
فَقَد طَابَ مَنهَلٌ ورُوَاءُ
وسَلامٌ عَليكَ فِي جَنَّةِ اللهِ
فَقَد فُزتَ حَيثُ كَانَ الرَّجَاءُ
أَينَ مِنِّي، وَقَد رَحَلتَ زَمانٌ
كُنتَ فِيهِ وكَانَ مِنكَ السَّنَاءُ
لَيتَ أَنِّي -أَقولُها بِالتِياعٍ-
لَكَ مِن نَازِلِ الحِمامِ الفِدَاءُ
#ملهِمُ_الأَجيال العلامة #عبدالسلام_عباس_الوجيه
رحمة الله تغشاه
#إتحاد_الشعراء_والمنشدين