إن شعبَنا اليمني الذي هو يمنُ الأنصار يمن الأوس والخزرج الذين آووا ونصروا وحملوا رايةَ الإسْــلَام عاليةً وكانوا سباقين إلَى الإيمان والنصرة، الذين تبوؤ الدار والإيْمَـان، هذا هو الشعبُ اليمني الذي يحذو حذوَ أسلافه أولئك، بالتمسك بالإسْــلَام وبقيمه وبمحبة الرَّسُــوْل صلى اللهُ عليه وَعَلَـى آلِــهِ، وبالاهتداء به، وبالاحتفاء به، وبالتوقير له، وبالتعظيم له وبالتقديس له صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ.
وبالرغم مما يعانيه شعبُنا اليمني في هذه المرحلة من أحداث جِسَامٍ وهو يواجه هذا العدوانَ المتجبر الغشوم الظالم الذي تكالبت فيه قوى الشر العالمية الإقليمية والمحلية، وفي طليعتها أَمريكا وإسرائيل ومن الإقليم من الوطن العربي نفسِه، النظام السعودي المجرم العملي الخائن لأمته ولدينه، وعلى مستوى البلد المرتزقة الذين باعوا أنفسَهم للشيطان وباعوا شعبَهم وباعوا وطنهم، وباعوا كرامتَهم وباعوا حتى إنْـسَـانيتهم، شعبُنا اليمني وهو يُعاني من هذا المحنة الكبيرة والعظيمة وهو يُستهدَفُ بدون أي حق بدون أن يقترفَ ذنباً يبرر لأولئك المعتدين ما يفعلونه به وما يرتكبونه بحقه من أبشع الجرائم وأفظع الاعتداءات.
يستهدفون الحياةَ ويستهدفون الأَرْض، يعملون على إذلال وتركيع هذا الشعب الحر العزيز المسلم ومن حوله المنطقة بكلها تعيشُ الأحداثَ الجسامَ وتعيشُ واقعاً استثنائياً مليئاً بالفتن، مليئاً بالحروب، مليئاً بالأزمات؛ نتيجة الاستهداف الكبير لهذه المنطقة ولشعوبِها بأجمعها، الاستهداف لهذه الأُمَّــة جمعاء بهويتها الإسْــلَامية في أَخْلَاقها وفي قيمها، واستهدافٌ لها أيْـضاً كأُمّةٍ؛ بغية تفكيكها وبعثرتها وتمزيقها والسيطرة التامة لها والاخضاع لها والإذلالِ لها والاستعباد لها، وبُغية الاستغلالِ لها إنْـسَـاناً وأرضاً وخيراتٍ وثروةً.
هذا الوقعُ المساوي الذي تعيشُه الأُمَّــة هذا الواقعُ المظلمُ الذي وصلت إليه الأُمَّــةُ نتيجةَ انحرافِ الكثير من المحسوبين عليها من الأنظمة ومن القوى السياسية ومن داخل الشعوب، أيْـضاً انضمام الكثير إلَى صفِّ الأَعْـدَاء خيانةً وعمالةً وتآمراً وكيداً ومكراً بهذه الأُمَّــة وبأبنائها وبهُويتها وبوجودها الحضاري بكله.
هذه المرحلةُ المظلمة وهذا الواقع المظلم والمأساوي وهذه الأحداث الجسام التي ألّمت بهذه المنطقة وبشعوبها إنما تدفعنا وتدفع كُلّ المستنيرين وكُلّ الذين يحسون بالمسؤولية تجاه هذا الواقع وكُلّ الأخيار وكل الأحرار وكل الشرفاء الذين يتطلعون إلَى إخراج هذه الأُمَّــة من هذا المأزق الكارثي الذي تعيشُه في كُلّ الشعوب وفي كُلّ المنطقة، إنما نرى جَميْعاً في هذه المناسبة العزيزة نافذةً للضواء وأفقاً للخلاص ونوراً يبعث على الأمل ويُنيرُ الدرْبَ ويفسح المجال ويضيء الطريق للجميع، أين هو الحل وأين هو المخرج وأين حقيقةُ المشكلة وأين حقيقة الحل لهذه المشكلة؟.
اليوم من خلال هذا الواقع نتطلعُ إلَى هذه الذكرى لنرى فيها كُلّ الدروس وكل العِبَر التي نحتاجُ إليها نوراً وبصيرةً ووعياً ومشروعاً عملياً يقود أمتنا إلَى الخلاص وَإلَى الفرج وإلَى التغيير من الواقع السيء وإلَى الواقع المنشود الذي يمثل الخير ويمثل العز لهذه الأُمَّــة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
خطاب السيد في ذكى المولد النبوي الشريف لعام 1437هـ
*نقلا عن : موقع أنصار الله