عاش اليمنيون تحت قصف العدوان السعودي العنيف ست سنوات كاملة، وواجهوا أعتى الأسلحة والقنابل الفتاكة، بشكل يومي، ولم يكونوا يشعرون بالألم والغصة التي يشعرون بها الآن تجاه قصف غزة.
كان اليمنيون يتلقون الصواريخ، كل يوم، ويمر الخبر بهدوء، وبدون أي ضجيج في مواقع التواصل الاجتماعي.. وينشرون القصائد والنكات، كأن لا شيء يحدث.. ويصعدون إلى سطوح منازلهم لتصوير الصواريخ والقنابل المحرمة التي كانت تقذفها السعودية والناس نيام، لتفزع الأطفال والنساء وتهز محافظات بأكملها.. بينما هم الآن يتابعون كل الجرائم الصهيونية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، ويكتبون المنشورات التضامنية والداعمة لتحرير فلسطين أكثر مما كانوا يكتبون عن اليمن.
كان اليمنيون في منشوراتهم يسخرون من صواريخ العدوان السعودي الإماراتي التي تسقط على رؤوسهم، وها هم يتألمون لما يجري في غزة أكثر مما كانوا يتألمون على أنفسهم.
ليس هناك شعب مثل اليمن.. وليس هناك تعاطف ونخوة وإحساس بالمظلومين كما هي عند الشعب اليمني، ولا عجب في ذلك، فهم الأرق قلوباً والألين أفئدة. وهذا يعكسه حجم المظاهرات التي تخرج تضامناً مع فلسطين، وتنديداً بالجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة. فمثل هذه المظاهرات المليونية الحاشدة لا تتكرر في أي دولة سوى اليمن.
كانت صواريخ العدوان وبارجاته وقنابله تطحننا كل يوم، ولم يتكاتف معنا أحد، ولم تخرج من أجلنا أي مظاهرة، ولم يتحدث شعب واحد عن مأساتنا، أو يرفعوا علم اليمن حتى في صفحاتهم الفيسبوكية، وكنت أستغرب لهذا التخاذل والصمت تجاه المجازر التي كانت تحدث في اليمن طيلة سنوات العدوان. بينما نحن ننسى كل مواجعنا وكل شهدائنا وكل قضايانا ونصطف مع الشعوب المظلومة والمنكوبة حتى وإن كانت صامتة تجاه مأساتنا، وحتى لو شاركت أنظمتها مع العدوان أو قامت بتأييده.
وهذا ما يجعلنا نختلف عن كل الشعوب، لأننا نشعر بالمسؤولية تجاه كل ما يجري من حولنا، ونتألم لكل مصاب خارج الخارطة، ونواسي غيرنا ونحن مليئون بالجراح والمواجع. لأن الإنسانية لدينا فوق كل اعتبار، وفوق كل السياسات والمذاهب والأيديولوجيات.
ستنتصر غزة، ويخسأ الصهاينة من بني إسرائيل، وصهاينة العرب الصامتون والمتعاطفون مع الكيان المحتل.
* نقلا عن : لا ميديا