ساعات معدودات تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الكريم الذي يفضحنا أمام أنفسنا وأمام إنسانيتنا، فمنذ أول يوم يفشل رمضان في إيصال رسالة الصبر الذي هو واحد من أسرار الصوم، فنجد أنفسنا لا شعورياً ونحن نلهث في الأسواق من أول يوم، نبحث عمَّا نشتريه لمائدة الإفطار، ونعود إلى بيوتنا محمَّلين بالخضار والفواكه واللحوم والألبان، فنضعها في المطبخ ونحن نبتسم كأننا عدنا من السوق بلُقى أثرية!
من أول يوم في هذا الشهر الكريم سنفقد أعصابنا، وسنتقاتل مع الناس تحت أي مبرر، وسيكون الصيام هو الحجة الوحيدة التي نتذرَّع بها، فننسى مقولة “اللهم إني صائم” لنستبدلها بمقولة “لا تحاكي صايم بعد العصر” ومن أول يوم في هذا الشهر الكريم سنُصاب بالتخمة وعُسر الهضم، نتيجة الإفراط في الأكل.. فهناك من يأكل بإفراط كما لو أنها المرة الأخيرة التي سيأكل فيها، دون التنبُّه إلى أن رمضان هو شهر الصحة، وشهر الاحتماء من كثرة الأكل والدهون والأشياء التي تعود على الجسم بالضرر، لكننا نجمع كل هذه الأضرار على مائدة واحدة.
فمتى نفهم أسرار الصوم، وندرك أن الصيام شُرع لتهذيب النفس والحفاظ على صحة الجسد؟
سيأتي رمضان وسترى الناس في الشوارع يتقاتلون لأتفه الأسباب، وستكثر الحوادث المرورية وسيزداد عدد ضحايا الطرقات السريعة، وسيزداد التجار شرهاً، وتكثر مهرجانات التخفيضات التي تقام على الأرصفة، وتتم المناداة بالمايكروفونات لبيع منتجات لم يبقَ على تاريخ انتهائها سوى أيام معدودة.. وستمتلئ الشوارع بالسمبوسة والطعمية المقلية بزيت قاتم لا يصلح لمكائن السيارات، فما بالك بالبشر!
* نقلا عن : لا ميديا