قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُون) عندما خلق اللهُ الإنسانَ لم يخلُقْه إلَّا ليبتليَه في هذه الحياة، التي تعد بحد ذاتها بلوى وفتناً تعصفُ بالإنسان منذ خلقه الله -سبحانه وتعالى-، فأول من فُتن هو إبليسُ عندنا أمر اللهُ الملائكة أن تسجُدَ لآدم -عليه السلام- فسجدت الملائكةُ إلَّا إبليسَ الذي وقع في الفتنة والابتلاء، والفتنة الثانية هي الشجرة التي قال الله -سبحانه وتعالى- لسيدنا آدم: (وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أنت وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا من حَيثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) فوقع أبونا آدم في الفتنة عندما أغواه الشيطانُ وأكل منها، قد يسأل سائلٌ عن السبب في خلق الشجرة التي لولاها لما خرج سيدنا آدم من الجنة؟! كان اللهُ -سبحانه وتعالى- قادراً على أن لا يخلق الشجرة لكن حكمتَه تقتضي التمحيصَ والابتلاءَ؛ ليُختبِرَ الإنسانَ في مدى التزامه بأوامر الله، وهكذا هي الحياة إلى أن تقوم الساعة.
ولعل ما يتعرَّضُ له عالمُنا الإسلامي من مِحَنٍ وابتلاءٍ إنما هي حكمة الله في هذا الخلقِ؛ حتى يميزَ فيها الخبيث من الطيب، وقد أصبح المسلمون في هذا العصر في ابتلاء وامتحان واضح يصعُبُ على الإنسان أن يكونَ في موقع الحياد فيه إرادَةُ الله شاءت أن يكون الحقُّ بيِّنًا والباطل بيّنًا؛ فلم يعد للمسلم أيُّ عُذرٍ في اتّباع الحقِّ إن أراد أن يكونَ ممَّن يُنفِّذُ أوامرَ الله.
قضيةُ إخواننا في غزّة خَاصَّة وفلسطين عامة ما هي إلَّا ابتلاء من الله أراد -سبحانه وتعالى- أن يختبرَ المسلمين حتى يكون الفرزُ الإلهي، وهذه الحكمة الإلهية والامتحان الرباني كان فيها من تجاوز هذا الامتحان وفاز برضا الله، وهناك من وقع في الفتنة كما وقع خليلُه الشيطانُ من قبل.
لم نكن نتوقع أَو نتخيل بأن هناك من الدول وعلماء الأُمَّــة والأفراد من يرسبُ في هذا الامتحان، بالرغم من معرفة الإجَابَة عليه، والتي هي تنفيذُ أوامر الله في معادَاة من أمرنا لله بمعاداتهم وهم اليهود، والقيام بنُصرة المسلمين الذين يُقتَلون ويُبادون بشكل يومي على يد اليهود الصهاينة، الذين قال الله فيهم: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) فهذه أوامرُ الله في معاداةِ أعداء الله من اليهود؛ فلماذا لم نُعَادِهم؟
ولماذا تقفُ بعصُ الأنظمة إمَّا على الحياد أَو مع الكيان الصهيوني في قتل المسلمين وتدنيس المقدَّسات؟!
أليس هذا الاختبارُ صعبًا على من استحوذ عليه الشيطانُ، وسهلًا على من عرف الحق واتَّبعه؟!