مع انطلاق الحرب الصهيونية على غزة والمدعومة أمريكياً وغربياً لم يكن اليمن ليترك غزة تموت على قارعة التجاهل وتذبحها سكاكين أمريكا التي تشحذها لـ”إسرائيل” لوأد قضية فلسطين ومقاومتها!! ففي ثاني أَيَّـام هذه الحرب ظهر السيد “عبد الملك الحوثي” متحدثًا بلسان شعبه الذي يؤمن بواحدية المعركة وَالعدوّ، متمنياً على الدول المحاددة لفلسطين فتح الطرق أمامه للوصول لفلسطين لخوض غمار معركة التحرير مع أبنائها المقاومين!!
«لستم وحدكم» هو وعد عقده السيد القائد لغزة ومقاومتها بأن اليمن ستكون معهم بكل ما تستطيع يدها أن تطاله من الكيان الصهيوني!!
سرعان ما ترجمته القوات المسلحة اليمنية إلى صواريخ وَمُسيّرات وصلت إلى عمق الأراضي المحتلّة في أم الرشراش في عمليات تحمل عنوان “النار بالنار”، كان لها أثرها الكبير في الداخل الصهيوني المرعوب منذ زمن من تنامي القوة اليمنية!! في تكتم كبير منهم عن ما أحدثته من ضرر رغم محاولتهم مع دول عربية سخرت نفسها لحماية الصهاينة لاعتراضها!!
ومع ازدياد سعير نيران الحرب على غزة والإصرار الصهيوني على إبادة من فيها، وَكُـلّ مشاهد القتل والدمار، التي جابت العالم دون نصرة إلَّا ببعض تضامن من الشعوب، لم يكن كافياً لكبح جماح رغبة الكيان الصهيوني الانتقامية من غزة، وَلا شافعاً لجعل العرب والغرب يتحَرّكون لإيقاف نار الحقد عليها، ولو بفتح المعابر وإدخَال المساعدات للشعب الذي يقتله الخذلان كما تقتله الأيادي الصهيونية.
فما كان على اليمن ومن باب الواجب الديني والأخلاقي إلا إشهار ورقة باب المندب في وجه الكيان الصهيوني وَإعلانه محرماً على كُـلّ سفينة سواء أكانت صهيونية أَو تربطها علاقات اقتصادية مع الكيان الصهيوني، ما دامت الحرب على غزة، وما دام سكانها يموتون جوعى وآخرين تقتلهم جراح لا يضمدها سوى التراب!!
فكانت ورقة باب المندب والحصار بالحصار خطوة استراتيجية أرعبت الكيان الصهيوني وصدمت أمريكا من جرأة تنفيذها باحتجاز سفينة جلاكسي ليدرز وما تلاها من عمليات تصدت لكل السفن المتجهة إلى إيلات؛ ما جعل أكبر شركات الشحن البحري تنأى بنفسها عن المياه البحرية اليمنية وأُخرى حولت مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح؛ ما أدى لزيادة تكلفة الشحن بمعدل ٣٠٪ وتأخر وصول السفن شهراً كاملاً، وبدأ ميناء ايلات يترقب أية سفينة تعيد له الحياة ليرفد نقص مخزون السلع التي ارتفعت وبدأ الاقتصاد الصهيوني ينهار!!
وأمام عجز الكيان عن مواجهة قوة اليمن؛ فقد أراد تحويل السلاح اليمني الموجه ضده إلى مشكلة دولية عززتها أمريكا بدعوتها لتحالف ظاهره حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وهي الآمنة أمام كُـلّ السفن ما عدا المرتبطة بالكيان وباطنه حماية الكيان الصهيوني والسعي لإيجاد مشروعية للتواجد الأمريكي في المياه اليمنية!!
إلا أنه تحالف بدا من لحظة إعلانه فاقد المشروعية؛ كونه خال من الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وانسحاب دول غربية منه بعد أن رأت أن سفنها تمضي دون أن يمسها أذى، وبالتالي فقد كان هذا التحالف، عسكرة للبحر الأحمر الأمر الذي حاولت اليمن تجنبه خلال سنوات العدوان وشديد المعاناة التي كابدها اليمنيون لسنوات تسع في ظل حصار كان له ضحايا وقبور كتلك التي لغاراتهم!
ومع أن اليمن تمتلك القدرة وكامل والحق في استخدام باب المندب كورقة تساوم بها العالم وَدول العدوان لإيقاف الحرب والحصار إلا أنها لم تقم بمثل هذه الخطوة، وربما يعود ذلك لأسباب إنسانية مع عالم فقد انسانيته أمام معاناة شعبها، وَاتخذت طرق ردع أُخرى لإيقاف الحرب ورفع الحصار الذي لا يزال قائماً حتى اللحظة!!
التواجد الأمريكي في المياه البحرية اعتبرته اليمن بمثابة إعلان حرب عليها من أمريكا، التي باتت اليوم في مواجهتها وجهاً لوجه، وهو أمر لطالما تمناه اليمنيون بعد أن قطعوا أذرعها في المنطقة، وَأكّـدوا على موقفهم الداعم لغزة، خَاصَّة وقد باتوا يملكون قوة هي في تطور مُستمرّ في دليل على أن ما خافته “إسرائيل” يوماً ما من اليمن مع بزوغ فجر المشروع القرآني ورفع الشعار المعادي لأمريكا واليهود الصهاينة، والذي اعتبره الصهاينة إعلان حرب ضدهم قد أصبح اليوم حقيقة تهدّد وجودهم وَتنسف كامل أحلامهم في صهينة الأرض العربية والقضاء على شعب متشبث بأرض يرى كُـلّ سعادة الدنيا بموته عليها.