اسيا العتروس
باتت الخبيزة و بعض ما توفر من الاعشاب و ماء البحر المحلى اكثر ما يمكن ان يقتات عليه اهالي غزة في شهر رمضان ..والمحظوظون من يتمكنون من اضافة بعض الخبز من اعلاف الحيوانات الى طعام الافطار … لا ولائم و لا موائد للصائمين و من لم يمت قصفا مات جوعا.
ما يجري في غزة وصمة عار ستلاحق المجتمع الدولي الى ان يتحرك لانهاء المأساة او يقبل باستمرار جريمة الابادة الى حين تحقيق كيان الاحتلال اهدافه و التي وجب الاعتراف انها لا ترتبط بالقضاء على غزة فناتنياهو اكثر من يدرك ان القضاء على المقاومة يعني القضاء على الشعب الفلسطيني على بكرة ابيه وهذا امر يستحيل تحقيقه و سيظهر اجلا او عاجلا جيل جديد اكثر شراسة و اصرارا على مواصلة المعركة هذا اذا تم استئصال كل قيادات الحركة و عناصرها ..وصمة العار ستلاحق الجميع دون استثناء و لن يكون بلامكان أي طرف التعلل بعدم معرفة او متابعة ما يجري ..فالعالم باسره يعيش على وقع ما يحدث في غزة التي باتت عاصمة عالمية تهتز لوقعها العواصم الدولية و يتابع ما يقترفه فرعون العصر من جرائم ابادة و جرائم حرب و قتل للنساء و الاطفال و استهداف للبيوت و المستشفيات و المدارس و المساجد و كل مظاهر الحياة في غزة التي تعيش على وقع محرقة غير مسبوقة لا تتوقف ..كل العالم يدرك ان كل يوم يمر دون توقف الحرب يعني ببساطة مزيد الخراب و الدمار و مزيد الضحايا و الجرحى و المعوقين و الايتام و الثكالى و الارامل و مزيد المعاناة ..و كل العالم يدرك ان قرار ايقاف الحرب كان يمكن التوصل اليه لو ان الادارة الامريكية تراجعت و لو بحسب عن انحيازها الاعمى الذي يجعلها شريكا في العدوان
اليوم تدخل جريمة الابادة الجماعية المستمرة على اهالي غزة يومها السادس و الستين بعد المائة و تدخل يومها العاشر من شهر رمضان في ظل تفاقم خطر المجاعة الذي يهدد الجميع دون استثناء كل ذلك مع انعدام فرص التهدئة او ما يؤشر الى انفراج وشيك و ايقاف للحرب الهمجية التي وجب يصح القول بانها حرب امريكا بالدرجة الاولى و انه لولا الدعم الامريكي الامحدود و لولا تدفق السلاح على حكومة ناتنياهو لما وصل الامر في غزة الى ارتكاب هذه المحرقة التي يتابع العالم اطوارها لحظة بلحظة و يرصد تطوراتها في ذل وعجز و قهر ..و ربما صح القول ايضا ان منع سلطات الاحتلال للمسؤول الاول عن الاونروا لازاريني أمس من دخول غزة لم يكن بهدف منعه من معاينة ما يجري على ارض الواقع و نقل شهادته للعالم فهذه مسأل تتجاوز الاحتلال و لن يتمكن من اخفاء جرائمه او التعتيم عليها و الحال ان صحفي غزة يواجهون كل المخاطر لفضح ممارساته و نقلها الى العالم تماما كما ان كل اهالي القطاع تحلوا الى جيش من الاعلاميين متى استوجب الامر و هم يحاولون حسب الامكان المشاركة في نقل شهاداتهم للعالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي و فضح ما خفي من فظاعات الاحتلال ..و الارجح ان هدف الاحتلال من منع المسؤول الاممي من الدخول الى غزة يتمثل أساسا في اهانة المسؤول الاممي على الملاء و توجيه رسالة الى مختلف الهيات الاممية بان الكيان الذي انبعث من رحم الامم المتحدة فوق قراراتها و اكبر من قوانينها التي تدوس عليها يوميا دون ادنى اكتراث من أي تداعيات ..
محاصرة و اقتحام المستشفيات و سيارات الاسعاف و الاطقم الطبية جرائم حرب مرفوضة و مدانة في كل القوانين الدولية الانسانية و اتفاقيات جنيف و مع ذلك فان ما يحدث في مستشفى الشفا و ما حدث من قبل في مستشفى كمال عدوان و ابو يوسف النجار و المشفى الاندونيسي و ما حدث ايضا في مستشفى جنين بالضفة الغربية عندما اقدمت مجموعة من المستعربين على اقتحام المسشفى و اقتراف الجريمة البشعة التي سجلتها الات الكاميرا تشهد على ان العالم ازاء كيان بلغ من الغطرسة ما جعله يستهين بالجميع و يدفعه الى استغلال هذا العجز المفضوح للمضي قدما في ارتكاب الابشع و الاسوأ الذي وجب الاعتراف أنه ليس وراءنا .. نعم انهاء حالة الجوع اولوية و لكن التوقف عند حدود المأساة الانسانية الحاصلة في غزة و اختزال الامر في اطعام الافواه الجائعة وادخال المساعدات سيكون فيه اجحاف في حق الفلسطينيين و في حق التضحيات الجسام التي يقدمونها ..المأساة الانسانية يجب ان تكون مدخلا للتذكير بان كل ما يحدث بسبب الاحتلال الجاثم على الصدورالذي يتعمد سياسة الارض المحروقة منذ عقود و الذي ينهش الارض العرض و يقتل و يدمر كل اسباب الحياة …
كاتبة تونسية
* نقلا عن :رأي اليوم