قال تعالى: (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) كمحرابِ الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله في تربية وتزكية المؤمنين، امتلكنا محراباً يعتليه ابنه ليقوم بنفس تلك المهمة، فيُربينا، ويزكينا، ويعلمنا الكتاب والحكمة والتي حين ننصت لها ينتابنا ذاك الشعور كأننا لأول مرة نسمع تلك الكلمات الإيمانية الروحانية، والتي تلامس أرواحنا ومشاعرنا، تلامس وتر صِلتُنا بالله فيُرجعنا إلى الله خاضعين منكسرين بعد أن كانت نفوسنا في تيه عن الروحية الإلهية في تلك الآيات.
سمعنا وعّاضاً كُثُراً، ومحدثين، ومفسرين مع استخدامهم كل وسائل التكلف في صنع تلك الروحية لآيات الله، لكنهم لم يمتلكوها ولن يستطيعوا أبداً؛ لأنها مهمة قيادة مصطفاة، مهمة رجل يجمع في صدره الإيمان، والرحمة، والسكينة، والمودة، والعلم، والحكمة، والقوة والعزة، والكرامة، والشدة على الأعداء.
هذه القيادة هي من تستطيع أن تربي وتزكي النفوس؛ لأنها ذات صلة قوية بالله، صلة لا نعلم كيف وكم مداها بالله؛ بل عجزنا عن معرفة مدى هذه الصلة التي كَشَفت له تلك المفاهيم للآيات ليتلوها علينا ويزكينا بها ويعلمنا بها، صلة تركت فيه هيبةٌ، وعظمةٌ تجعل كل مستمع لها ينصت كإنصات الجن لرسول الله حين حضروا مجلسه.
فالقيادة الربانية تمتلك مفاتيح القلوب، مفاتيح الحياة؛ لأنها استطاعت كسر الحواجز التي تمنعه من الارتباط الوثيق بالله، فارتبط بالله ويا له من ارتباط، واستطاع بهذا الارتباط أن يكسر كل باطلاً أمامه؛ فها هو يكسر كل تلك الادعاءات حوله حتى أصبح المنافقون أنفسهم ينتظرون خطابه، كسر تلك الحواجز حول العالم ليصبح العالم في أحر الشوق لسماع محاضراته، كسر حاجز الخوف في الأمة، فيهدد الأعداء وينفذ تهديده حتى أصبح الأعداء ينتظرون خطابة ليسمعوا بماذا يتوعدهم.
هذه القيادة عندما تبرز للأمة هي تلامس جميع الفئات فيها، وجميع الأعمار صغاراً، وشباناً ونساءاً وشيوخاً وبجميع اللغات وجميع القلوب فيكسبها؛ لأن شذرات هذا القائد شذرات ربانية إلهية، تلامس الفطرة لا الشخصيات فلهذا تجد انجذاب كبيرة تجاهه.
القيادة التي يصطفيها الله قيادة شاملة بكل جوانبها، فتراه في الجانب الإيماني هو أكثر الناس معرفة بالدين، وفي الجانب الاقتصادي نراه خبيراً اقتصادياً، وفي الجانب الزراعي نراه كمن عاش بين أشجار الجنة يعلم تفاصيلها، وفي الجانب السياسي والعسكري نراه رجلاً عسكرياً أقوى من أي قوة على وجه العالم، وبسياسته يبرز للعالم تدريجياً بأنه قوة عظمى، وكل مرة يظهر قوة أكبر حتى يظل العالم ينتظر بماذا سيظهر هذه المرة؟! وبماذا سيفاجئنا؟! نراه يفاجئهم بما لا يتوقعونه أبداً، ويبرز في كل مرة قوة أكبر من سابقتها فيبهت العالم أمام قوته، هكذا القيادة الربانية حكيمةُ القرار وبصيرة الفعل والجهاد، ولهذا هم المنتصرون دائماً كل هذه الأحرف القليلة جداً تصف جزءاً بسيطاً من سماحة السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله ويرعاه)، القيادة الربانية والتي تَشَرْفنَا بها وعزتنا وجعلت لنا كرامة لا مثيل لها.
*اتحاد كاتبات اليمن