عندما تمتلك قيادة واعية مستنيرة مستبصرة قادرة على إدارة شؤون البلاد والعباد بحكمة وعقلانية ورؤية ثاقبة فإن القرارات التي تصدر عنها والتوجيهات والتوجهات التي تتبناها تكون مدروسة بعناية فائقة ، وخالية من الارتجالية والعشوائية والمواقف العاطفية والانفعالية ، فكل خطوة تتخذها محسوب حسابها ومدروسة تبعاتها ، عندما أصدرت القيادة الثورية والسياسية قرار العفو العام ، ودعت المغرر بهم في صفوف العدوان للعودة إلى حضن الوطن ، وإعلان التوبة والبراءة من العدوان وجرائمه ومذابحه التي يندى لها جبين الإنسانية ، من باب الحرص على تحصين وتماسك الجبهة الداخلية ، وتعزيز روح الصمود والثبات والمواجهة ، في مواجهة الغزاة والمحتلين من السعوديين والإماراتيين ومن تحالف معهما من مرتزقة الخارج والداخل ، وكذا الحرص المسؤول من القيادة الوطنية على الحفاظ على الدم اليمني ، وعدم المتاجرة به لحساب المصالح والمنافع والأطماع الأمريكية الصهيونية والسعودية الإماراتية .
هذا القرار الذي أعلنه الرئيس الشهيد صالح علي الصماد تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قوبل حينها بحالة من الحنق والانزعاج من قبل البعض ، حيث رأوا فيه تهاونا في حق تضحيات الشهداء ومعاناة الجرحى حسب رؤيتهم القاصرة ، ولم ينظروا بعمق ورؤية ثاقبة وبعيدة لتداعياته وأهدافه وما تترتب عليه من انعكاسات سلبية على العدو ، وما تريد القيادة منه ، تم تمديده من قبل الرئيس مهدي المشاط الذي أعلن عن استمرارية العمل به وتم تخصيص الرقم 176لكل الراغبين في العودة إلى الصف الوطني بالاتصال عليه حيث تكفلت السلطات الرسمية بتسهيل عملية مرورهم وعودتهم إلى الوطن دون مضايقات أو عراقيل تحول دون ذلك ، وهذه نعمة كبيرة تعكس حكمة القيادة وبعد نظرها وتقييمها السليم للأوضاع وانطلاقها من موقع المسؤولية والحرص على المصلحة العامة ، حيث جدد الرئيس المشاط دعوته لكافة المغرر بهم والمخدوعين الموالين للعدوان للعودة إلى حضن الوطن ، وترك حياة العمالة والارتزاق والتخندق في صف الوطن ، وخصوصا بعد أن تجلت بوضوح أهداف وأجندة الغازي السعودي والإماراتي ، وتبخرت الوعود الكاذبة والمبررات الواهية التي أطلقوها لتبرير شنهم عدوانهم الهمجي على بلادنا في 26مارس 2015م وصار لزاما على كل من انخدع بوعودهم ومن ذهب به حقده على أنصار الله للارتماء في أحضان الغزاة والمحتلين بذريعة تحريرهم من ( الحوثي المجوسي الإيراني) أن يعودوا إلى رشدهم ، فالوقت يمر ، ومن عاد فإنه سيعود في وجه القيادة الثورية والسياسية التي لا تغدر ولا تفجر ولا تخدع ولا تتقلب أو تتلون .
بالمختصر المفيد، قرار العفو العام هو قرار القيادة ، وهو خيارها الذي لا يحق لأحد الأخذ والرد حوله ، أو الاعتراض عليه ، وما دام ساري المفعول فلا غبار على كل من يعود ويعلن براءته من العدوان ، ويتحول إلى جندي مجند في خدمة الوطن والذود عن حماه ، ويحظى بشرف الدفاع عنه والمشاركة في تحرير البلاد من دنس الغزاة والمحتلين ومن يساندهم ويقاتل تحت رايتهم من المرتزقة والمنافقين ، علينا أن نسلم لقرارات القيادة وأن ندرك جميعا أنها لا تتخذ أي خطوة ولا تصدر أي قرار إلا عن وعي وبصيرة وإدراك ، وما دام قرار العفو العام ساري المفعول فباب العودة مفتوح على مصراعيه أمام العائدين ولا استثناء في ذلك مادام الدافع هو إعلان البراءة من العدوان وتصحيح المسار ، هي فرصة متاحة أمام الجميع ، ومن الحماقة أن نهاجم ونحرض ضد من يعودون إلى حضن الوطن ، الوطن يحتوي الجميع ، وهو الملاذ الآمن لهم ، ومن عاد مرحباً به ، المهم أن تكون عودة مذنب مقر معترف بالخطأ الذي وقع فيه ، وأن تكون توبة وعودة صادقة لا يداخلها غدر ولا خديعة ولا استغلال ولا استغفال ، وهذا هو بيت القصيد في الموضوع ، وعلى الجميع أن يعوا ويدركوا ذلك بدون تشاعيب ومواقف فردية وتعصبات وتشنجات لا تقدر حساسية المرحلة وخطورتها.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .