عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
المصالحة الوطنية
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 4 سنوات و 6 أشهر و 5 أيام
الجمعة 29 مايو 2020 07:29 م


المصالحة الوطنية سؤال وطني أصبح ملحا في الزمن الذي نحن فيه، فالذي حدث أظنه كان كافيا في إعادة الأمور إلى نصابها والتفكير بروح السلام والمحبة وبقيم الخير والحق والعدل والسلام، لقد قالت لنا الأيام أن أحداث 2011م وتداعياتها لم تكن إلا نتيجة منطقية لمقدمتها التي بدأت في الفترة من 90م -94م ووصلت ذروة انفعالها في نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2006م التي على أثرها تشكل الحراك الجنوبي ومن بعده تداعت مظلة اللجنة الوطنية للحوار الوطني والتي توافقت على مشروع سياسي نهضوي كان يحمل جوابا لسؤال الضرورة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية،

ولم يكن إعراض النظام عن تلك الضرورات وعن قيم الحق والخير والعدل والسلام إلا ما شهدناه من انهيار النظام وإراقة الدماء التي سالت وتسيل على ربوع ووهاد وهضاب اليمن إلى اليوم , ولم يكن النظام مسؤولا مسؤولية كاملة عما حدث بل يمكن القول أن الأطراف السياسية الأخرى كانت تتحمل المسؤولية وإن بنسب متفاوتة، فالقضية الوطنية كانت في مقامها الأول قضية أخلاقية وقضية ثقافية ومن بعد كل ذلك هي قضية سياسية وقد مرت تلك القضية بفترات زمنية يمكن تحديدها كالتالي: الفترة الأولى 90م – 94م والفترة الثانية 94م – 97م والفترة الثالثة 97م – 2006م والرابعة 2006م – 2011م والخامسة من 2012م إلى 2014م والسادسة منذ مارس 2015م وما يزال أفقها الزمني مفتوحا , وكل فترة كانت لها أسبابها التي تظهر فيها وحين التأمل نجد أن الجذر هو ذاته ولم تكن التظاهرات إلا نتائج منطقية متنوعة لقضية جوهرية ذات جذر موضوعي لا ينفصل عن المحدد الموضوعي لمفردة “العدل” بكل معاني تلك المفردة من الخير والحق والسلام ومن الإنسانية فالغبن الذي وجده قادة المعارضة في الخارج وفي الداخل جعلهم في حالة من التوحش والانتقام كما شهدنا تفاصيل ذلك في الرموز والإشارات التي بعثت بها الأحداث في حضرموت وعدن ولحج وفي الضالع وفي تعز وهي أحداث مؤلمة على غير توافق ولا تناغم مع الأبعاد الثقافية لأبناء تلك المحافظات , ووصول الإنسان إلى تلك الحالة المتوحشة كان نتاج حالة عدمية مفرطة يشعر بها , وقد تنتهي بمجرد تفاعل المعادل الموضوعي للحالة العدمية وهو الوجود , فالشعور بالقيمة والمعنى وبالفاعلية يقلل من النزعة الفطرية للإنسان وهي نزعة التوحش , وما لم يحدث التوازن بين دوائر التطور التي يقول بها الفلاسفة وهي دائرة العقل المجرد , ودائرة الدين , ودائرة الفن , فإن الحياة لن تستقر وبالتالي لن يستقر الوطن وسيظل في حالة التيه , يدور في حلقة مفرغة.


ثمة متغيرات قد حدثت وعلى كل الأطراف أن تعي ذلك جيدا فلم يعد للفرد الواحد والحزب الواحد وللرؤية الواحدة مكان, ولا مكان للبطل الأسطورة , والبطل المنقذ في خارطة الاهتمامات , فالواحدية في معناها السياسي والاجتماعي أصبحت تاريخا ننظر إليه بقدر من التحقير والاستخفاف , والتكيف مع الحالة الجديدة القائمة على التعدد والقبول بالآخر والشراكة الوطنية أصبحت ضرورة ثقافية وسياسية واجتماعية , والوصول إلى اليمن الجديد الذي أصبح شعارا للمرحلة لا بد له من الوقوف على الماضي ومن ثم التطهر منه عن طريق النفي التاريخي حتى يمكننا القيام بعملية البناء الحضاري الجديد، وقبل البناء الحضاري لابد من الوقوف على تفاصيل المشهد وحقائقه الموضوعية فالذي يتحرك في ديناميكيته هي الحرب والحرب نقيض لشعار السلام , وحين نقول الحرب فنحن نقيس التجليات التي تمظهرت تحت مناخ 2011م والتداعيات التابعة لها من خلال المحددات الموضوعية التالية:


المحدد الأول: الاستسلام والاعتراف بهزيمة الواقع والإذعان له والشعور بعدم القدرة على المقاومة لبعض الأطراف السياسية ولتلك الأطراف تكتفي بحالة الانبهار والدهشة وتبحث عن الحلول.


والمحدد الثاني: لجوء بعض القوى إلى الحالة الانكفائية والى البنى التقليدية ومن خلالهما تنظم مقاومة مسلحة غير متكافئة وتلك القوى تنسحب من الزمن المعرفي المعاصر وتعود إلى الذاكرة في شكل احتجاج سلبي ومن خلال مرجعيتها تلك تحدد وعيها بالعالم وهي تتجاهل الفجوة الكبيرة بين الحاضر والماضي.


والمحدد الثالث: وهو التكيف – أي تكيف بعض القوى السياسية مع حقائق الهزيمة تكيفا إيجابيا فهي تتحاشى دائرة الاستسلام والانجرار إلى الانتحار وتحاول تنظيم مقاومة مدنية تستنهض عناصر القوة في الذات من أجل توظيفها في معركة تصحيح حالة الضعف التي تقود أو قادت إلى الهزيمة.


وأمام تلك الصورة المشهدية المهتزة والقلقة للمشهد السياسي الوطني والتي يختزلها القول بالشعور بالدونية والانكسار لبعض الأطراف, والخوف الدائم للبعض الآخر , والندية للبعض , فالطرف الذي يشعر بالندية نجده يتجاوز دوائر الذات المغلقة إلى دوائر الانفتاح على الآخر والتفاعل مع الظواهر والمستجدات فهو ممانع إيجابي وصل إلى قناعة ثابتة بعدم قدرته على إلغاء الآخر بل أصبح يعترف بوجوده , وحتى نتجاوز تلك الحالات الشعورية والخالقة للصراع لابد للقوى السياسية أن تجنح إلى السلم والتصالح حتى تتجاوز شعورها بالدونية والخوف لتصل إلى الشعور بالندية وتقطع دابر المشاريع الاقليمية التي تستهدف اليمن وأمنه واستقراره , وبمثل حالة التوازن تلك نستطيع السيطرة على حالة مقاليد المستقبل ,وتعزيز قيم الاستقرار في المجتمع بدل قيم الصراع الوجودي, ونعيد ترتيب موقعنا في الخارطة السياسية الاقليمية والدولية.


اليوم يشهد الجنوب صراعا بينيا بين قوى متجانسة ومثل ذلك ظاهرة تاريخية دالة على نسقها ومسارها ولن تكون صنعاء بمنأى عنه إذ ثمة مؤشرات بدأت تفرض نفسها على الواقع تدل على الماضي أو تشير اليه وهي طبيعة بشرية لا يمكن الخلاص منها إلا بحالة التوازن النفسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي مالم يحدث التوازن فالصراع سوف يستمر وبالتالي يستمر تدفق أنهار الدم على تراب اليمن وتتعطل حينها أشكال الحياة بكل أبعادها.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
شارل أبي نادر
25 ايار 2000.. كيف كسر المعادلات؟ وماذا قدم لحركات المقاومة؟
شارل أبي نادر
محمد عبدالمؤمن الشامي
تايوان وكورونا .. تجربة تستحق الدراسة والإعجاب
محمد عبدالمؤمن الشامي
عبدالملك سام
انتظروا المستحيل!
عبدالملك سام
عبدالفتاح علي البنوس
العيد وهستيريا القصف الجوي السعودي
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالفتاح علي البنوس
العيد والعاصمة وكورونا
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالملك سام
اليهود .. العلو الثاني .. السقوط
عبدالملك سام
المزيد