في البدء لا بد أن أوضح أن هذه محاولة متعجلة لقراءة وعي الشعار والوعي به على سبيل وضع إجابة أولية لسؤال كبير وضع أمامي في زمن قصير يقول: كيف ساهم شعار الصرخة الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي في تعميق الوعي العام ضد دول الاستكبار الأمريكي والصهيوني؟
حين نتحدث عن الوعي الجمعي بالعدو وبالتهيئة الفكرية لمواجهته فسيكون في متناولنا نموذج ملهم هو الشعار الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
فالقدرة على التغيير في الوعي وبالوعي، التي يمتلكها هذا الشعار كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى لانطلاقته، وقد وعى العدو ذلك جيدا، فتحرك عبر أدواته لمواجهة عنيفة لهذا الوعي الذي ينذر بمتغيرات جديدة كامنة في تحديد العدو وتحفيز الوعي بالقضية وإعلان المواجهة.
إن خضرة الله أكبر، وهي المبدأ الذي لا يتبدل، تمتد بكبريائها لتصل إلى النصر للإسلام وهي الغاية التي لا يمكن التنازل عنها، وهنا يكمن الواعون بالشعار وطاقاتهم وقضيتهم، ويتكامل الوعي بالقضية بتحرك من يحملونها في مواجهة مع خطر العدو، الذي يمثل بالأحمر أمريكيا وصهيونيا بامتياز وبدون مواربة.. إنه عدو هذه المرحلة، وقد يمثل الخطر في مكونات أخرى في مرحلة ما بما يمكن أن يفتح مساحة للانتقال إلى مواجهة الخطر المستحدث، بما يدل أن الأخضر ثابت والأحمر قابل للتحول.
من هنا يمكن القول إن الشعار لم يساهم في تعميق الوعي العام ضد دول الاستكبار الأمريكي الصهيوني كما ورد في السؤال السابق، بل إنه خلق وعيا إضافيا أو كاد يخلقه خلقا جديدا، بعد أن ضعف، وبدا أنه يتلاشى، في ظل هيمنة السفير الأمريكي على القرار في صنعاء، وتدخلاته في كافة المسارات، وخصوصا الشأن الثقافي والتربوي؛ بما يخدم غياب هذا الوعي وقتله، ولهذا لم يكن مستغربا من رأس النظام حينها أن يمرر رسالة تطالب بإيقاف الشعار؛ لأنه يواجه ضغوطا من أمريكا.
إن المواجهة المعلنة مع دول الاستكبار مفتوحة لكل المستضعفين سواء من حملوا الشعار بلفظه أم من تبنوا مضمونه، وهذا ما يجعل الجميع شركاء، كونهم مستضعفين ومتضررين من الهيمنة التي تريد أن تفرضها سياسات أمريكا والصهاينة.
ولهذا يصبح الشعار، حتى وإن غاب لفظه، حاضرا بمعناه وبوعيه وبالوعي به، في كل مواجهة مع دول الاستكبار، وفي ضمير جميع أحرار العالم ومثقفيه الذين هم بالضرورة معادون لدول الاستكبار العالمي ونهجها الفظ في سلب الشعوب هويتها وقراراها والتحكم في مصائرها بحسب مصالح النظام الأمريكي ومن خلفه الصهيونية العالمية.
وهنا لا بد أن نضع نقطتين مهمتين في رأينا لضبط مسار الوعي بالشعار هما:
أولا أن الشعار لمن يعيه ويؤمن به ليس كلمات فحسب، ولا هو منطوق لفظي يتوقف أثره بعد الفراغ من تأديته صوتيا، بل هو برنامج عمل يلزم صاحبه بالكثير من المسؤوليات والكثير من العمل الملتزم، والقليل من الصراخ، وهو هنا يغدو كاشفا لكل انحراف عنه بالفعل الذي قد يبلغ حد التناقض مع القول وصولا لا قدر الله إلى «كبر مقتا عند الله… الآية».
ثانيا: أن العدو هو الأنظمة الاستكبارية، لا الشعوب، ولا الأفراد، وبهذا الوعي الواضح ينتفي أي اتهام بأن الشعار ينادي بموت الأبرياء ويستعدي الشعوب، فالشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي قال إن (أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا) كان واضحا أنه يقصد أمريكا النظام والسياسة وليس شيئا آخر، وقوله هذا وإن كان من خارج منطوق الشعار يعد تعضيدا له وتأييدا لمعناه ووعيه وبيانا لهذا المقصد من مقاصده.