أكاديميون ومختصون يقيمون أداء الإعلام الرسمي والحزبي.. ظلال المقاتل في الإعلام الوطني
بشرى الغيلي / لا ميديا -
الإعلام في الوقت المعاصر لم يعد فقط السلطة الرابعة، بل صار السلطة الأولى من حيث سرعةِ الانتشار والسبق في نقل المعلومة للجمهور المتلقي، سواءً الرسمي أو الخاص، إلا أن أداء الإعلام الرسمي يمر ببعضِ التعثرات كما ذكرها المشاركون في الاستطلاع الذي قامت به ”لا” معهم، وأنه مايزال متأثرا بنمطية الصورة التي تأدلج عليها سابقا، إلا من نجاحاتٍ قليلة مقارنة بما يحدث، فبعض المختصين قال بأن الإعلام الرسمي لم يعد يعلن عن الانتصارات التي يحققها الأبطال في الجبهات لأسباب واهية ذكرها ضمن السياق، وبات المتابع يشاهدها على قنوات عربية، وهذا تراجع كبير في الأداء، حد قوله، ومنهم من تلمّس بعض الأسباب والتمس العذر لأسبابٍ أيضا ذكرت في السياق، وتنوّعت الآراء وتم إثراء المادة من قبل أكاديميين ومختصين وضعوا خلاصات تستحق أن يستفاد منها وأن تؤخذ بعين الاعتبار... فإلى السياق.
البرامج الساخرة محدودة
د. أشرف الكبسي، رئيس جامعة اقرأ، بدأ مداخلته قائلا: يحاول الإعلام الوطني مواكبة البطولات والانتصارات وإبراز الإنجازات وتعزيز مستويات الصمود الشعبي، وبينما يحقق نجاحات ملموسة في كثير من الأحيان، تغلب على أسلوبه وخطابه ذات الرؤية واللغة، ويصبح تكرارا لذاته، فيتراجع نسبيا أثره وتأثيره.
وعن مدى تقصيره في مواكبة البطولات، وأسباب التقصير من وجهة نظر الكبسي: ربما يعود القصور إلى شحة الإمكانات، وعدم توافر الظروف اللازمة لتحفيز تدفق روح الإبداع والابتكار، في أوساط الإعلاميين الرسميين، أو الطاقات المجتمعية لناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة لغياب سياسة التنسيق، في ما يتعلق بتشارك امتلاك المعلومة، أولا بأول، بما يضمن واحدية التوجه والرؤية، وتنوع الطرائق والأساليب، وبما يغطي كافة الشرائح المستهدفة بالخطاب الإعلامي داخليا، وفقا لتمايزها الثقافي والسياسي والاجتماعي، وأولوية اهتماماتها بما فيها الحياتية، عدا عن الخصوصية المتقدمة في مخاطبة الخارج، إقليميا ودوليا، وإيصال الرسائل بلغة العلم والفن التي يفهمها العالم.
أما عن كيف تسحب الوظيفة الرسمية للإعلام في عهد الوصاية نفسها على الإعلام الوطني اليوم، وكم نسبة حضورها في إعلام اليوم؟ فيقول: لا شك أن هناك اختلافا، في الرؤى الفكرية والتوجه السياسي، بين ما كان من الإعلام الرسمي، وما هو كائن اليوم، إلا أن أساليب وطرائق العمل مازالت متشابهة في نتاجاتها على صعيد الجودة والخطاب النمطي الواحد! ما يظهر بوضوح عند مقارنة القنوات الإعلامية الرسمية بمثيلاتها الحزبية والخاصة، فهذه الأخيرة في الغالب أكثر حضورا وجماهيرية.
ويضيف أن للبرامج الساخرة، حضورها وتأثيرها الواسع، إلا أنها محدودة، وينبغي العمل عليها أكثر، نوعا وكما.
وعن عجز القائمين على الخطاب الإعلامي وعدم ترجمة خطابات السيد إلى آليات محددة لمواكبة المعركة إعلاميا، يختم الكبسي بالقول: يبدو واضحا ضعف وأحيانا غياب التحليل السياسي المحترف والرصين، في المشهد الإعلامي القائم، وما ينتج عن ذلك من تباطؤ في التقاط موجهات القيادة، والاكتفاء بتكرار نصوصها في سياق الاحتفاء، ناتج عن قصور في القدرة على استيعاب عمق مضامينها، وتحويلها إلى آليات عمل هنا والآن، عدا عن استشراف وقراءة المستقبل.
إعلامنا الحربي غيّر موازين المعركة
د. ابتسام المتوكل، رئيسة الجبهة الثقافية لمواجهةِ العدوان، تدلي برأيها قائلة: للإعلام الوطني أدوار لا تنكر في معركة الدفاع المقدس ضد تحالف العدوان، لقد رصد إعلامنا الوطني الكثير من مشاهد الانتصار باحترافية واقتدار، وأسقط بصدقه رغم الفارق المهول في الإمكانيات أكاذيب العدوان ومزاعمه الكاذبة. كما أن مشاهد السلاح الذي صنعته السواعد اليمنية ووصلت عبر قنوات الإعلام الوطني قد جسدت فاعلية هذا الإعلام وقدرته على تقديم واقع المعركة في مقابل عجز الإعلام المعادي، وهو ما رفع مصداقية إعلامنا ونسب متابعته.
وتضيف المتوكل: لا أتفق مع من يلقي بتهمة التقصير على عاتق إعلامنا الوطني، فما شهدناه منذ بداية العدوان من حضور ميداني للإعلام ومواكبة دائبة لكل ما يعتمل على الأرض من جرائم يقترفها المعتدون ومن انتصارات وبطولات يسطرها المتوكلون على ربهم الواثقون به وبحقهم، كل ذلك يعزز من قناعتنا أن هذا الإعلام صنع فارقا في الوعي وفي المعركة، وأنه رغم كل المعوقات واجه ودافع وهزم آلة العدوان الإعلامية رغم إمكانياتها المهولة، حتى صارت قنوات العدو مهجورة وغير مصدقة في مقابل مصداقية إعلامنا ونقله للوقائع.
وتختم بتقديم تحية إكبار للإعلام الوطني خصوصا الإعلام الحربي، الذي شكل في تقاريره ومواده التوثيقية عنصرا حاسما في الجبهة الإعلامية غير موازين المعركة. مؤكدة أن الحديث عن الإعلام الوطني والإشادة به لا ينسحب على القائمين عليه، فمازال هناك فجوة في ترجمة خطابات قائد الثورة إلى واقع إعلامي عملي ملموس، ومازالت العقلية موسومة بالبعد عن متطلبات المعركة بشريا وفنيا. والحديث هنا ليس على إطلاقه فلا نعدم أن نجد الإيجابي، لكنه من باب التغليب وعلى سبيل الكثرة.
الإعلام الرسمي أصبح أكثر ضعفا
د. يوسف الحاضري، كاتب وباحث في الشؤون الدينية والسياسية، يقول: بالنسبة لأداء الجبهة الإعلامية بشقيها (الرسمي والخاص) فقد كان خلال 6 أعوام متأرجحاً ما بين الصعود والنزول، النجاح في كثير من المواقف والإخفاق في مواقف نادرة، غير أنه بشكل عام كان إلى حد ما مواكبا للأحداث، إذ استطاع أن يبرز القضية اليمنية وكثيراً من الجرائم، واستطاع أن يواكب إنجازات وانتصارات القطاعات المختلفة، وعلى رأسها العسكرية، وذلك من خلال استنهاض الجهود المجاهدة للمجتمع بخاصة للناشطين والناشطات، وكسب مؤيدين ومتعاطفين مع قضيتنا من الشعوب العالمية الأخرى، وكذا تشبيك مع بعض القنوات الإعلامية الرسمية والخاصة لبعض الدول والتنظيمات في منطقة المقاومة والتنسيق بين هؤلاء جميعا، وإن كانت هذه الأمور لم تأت إلا بعد فترة من العدوان، حيث كان الأمر تصاعديا وإن كان التصاعد بطيئا جدا لأسباب عديدة، أهمها الوضع الاقتصادي خصوصاً للجانب الإعلامي، فمعظم العاملين يحملون قضية ويتحركون بها في وقت أنهم لا يمتلكون أدنى مقومات الحياة، غير أن تماثل الوضع في جميع القطاعات نتيجة الحصار الاقتصادي يجعل الصبر سمة المتحركين دائما.
ويضيف الحاضري: كما أن الإعلام المعادي له تأثير عكسي رغم أنه لا يرتقي إلى مستوى ما ينفق عليه مثله مثل القوات العسكرية التي تواجه جيشنا ولجاننا، لافتاً إلى أن التقصير في الأداء هي مشاكل تأهيلية باستمرار، (فالتذكير) الذي طالما يشدد عليه السيد عبدالملك الحوثي هام جدا للتجديد والاستمرارية بنفس النمط التصاعدي الذي يجب أن يكون عليه أي مجاهد في سبيل الله، وهذا يتطلب تذكيراً مستمراً ودورياً يربط الوعي بالوسائل والأساليب وكيفية مجابهة كل ما يستجد من سلاح إعلامي مع الطرف الآخر، وكيفية الاستفادة من الشعوب الحية الحرة في كل أقطار الأرض.
ويتابع: نجد أيضاً قصوراً كبيراً في جانب ترجمة كلمات السيد القائد، ونشرها للعالم، فنحن نرى أنه يوجه كلامه للعالم وليس فقط لنا أو لدول العدوان بل للشعوب أجمع، ولو استطعنا أن نتجاوز هذه العثرة فثقوا أن الطاقة الإيجابية القرآنية التي يبثها فينا السيد ستبث في نفوس كل هؤلاء المتابعين، كما أن المادة تعتبر جانباً من جوانب العثرات وإن كانت هي العثرة الرئيسية، والإعلام الرسمي يجب أن يكون تحرك الدولة عامة، والذي هو تحرك الشعب والمجتمع، ولأن الجانب الرسمي اليوم أصبح أكثر ضعفا مما كان عليه بسبب إجراءات تحالف العدوان بدرجة رئيسية وبسبب قصور كبير من القائمين عليه اليوم، فإن الإعلام الخاص أضفى قوة مساندة للرسمي وحمله معه أو تحمله معه وأبقاه حيا يمارس عمله إلى حدٍ ما. ونسبة الرسمي في الواقع الحالي ربما لا تتجاوز 25%، غير أنه مازال فعالاً، ويجب أن يكون هناك تحرك حقيقي وفعال من القائمين عليه يستهدف أولا الإعلاميين الرسميين استهدافا ثقافيا ووطنيا وفكريا ثم مساواتهم مع نظرائهم في الجانب الخاص والاستمرار في التطوير والتحديث والتنمية لهم.
ويؤكد أهمية البرامج الساخرة التي تفضح الانتهاكات رغم محدوديتها، فهي وسيلة لازمة من وسائل التصدي للإعلام المعادي، بل التصدي للعدوان بشكل عام بخاصة والنفسية البشرية تميل غالبا إلى مثل هذه البرامج، ولا بد من تغطيتها لإغلاق الأبواب أمام العدو من الاستفادة منها كما نشاهد.. والأهم في برامجنا الساخرة أنها ملتزمة بالشروط الأخلاقية المجتمعية الدينية وأيضا المصداقية.
وعن عجز القائمين على الخطاب الإعلامي وعدم ترجمة خطابات السيد القائد إلى آليات محددة لمواكبة المعركة إعلاميا، يختم الحاضري: هناك إهمال مطلق لكلمات ومحاضرات السيد القائد، فهو سلاحنا الأهم، وهو قوتنا الأعظم، وهو نورنا وصراطنا، وتصل نسبة تأثيره على النصر والصبر والصمود والتماسك اليوم بعد 6 سنوات 90 ٪ والـ10 ٪ تتوزع على بقية الأسباب منها المجاهدون والمثقفون والسياسيون والإعلاميون، ويتساءل فكيف نعطي الـ90 ٪ هذه حوالي 10 ٪ من طاقتنا وإمكانياتنا ونعطي الـ10 ٪ الـ90 ٪ من قوتنا وطاقتنا؟ هناك إهمال كبير جدا وغير مقبول جملة وتفصيلا في ذلك، فالسيد لن يأتي ليقول لنا اهتموا بكلمتي، فنحن يجب أن نهتم بها ونستخدمها لمخاطبة العالم أجمع بجميع تكويناته وتصنيفاته ولغاته، وهذا ما سينهض بالجانب الإعلامي إلى ما نهض به الجانب العسكري، وما دون ذلك فنحن ننفخ في قربة فيها ألف خرم.
مسارات مواكبة البطولات
خالد العراسي، ناشط إعلامي، يقول: بالنسبةِ للإعلام الوطني الرسمي كان يواكب البطولات في كل المجالات بشكل ممتاز، وكانت انعكاسات المواكبة إيجابية جدا في 4 مسارات؛ الأول هو فضح فشل العدوان الكوني وهزائمه النكراء حتى بات العالم كله يعرف هشاشة وعجز وهوان دول العدوان رغم امتلاكها واستخدامها لأضخم وأكبر وأحدث ترسانة عسكرية، والمسار الثاني هو التعريف بالبطولات التي سطرها أبطال الجيش واللجان والتي باتت حديث الإقليمي والعالمي، والمسار الثالث هو الصمود والثبات الشعبي رغم بشاعة العدوان، والمسار الرابع هو التصنيع الحربي رغم شحة الإمكانيات والحصار الخبيث والتدمير الممنهج لمنظومة الدفاعات الجوية بمعية ومعونة وتواطؤ النظام السابق، إذ كان إعلامنا الوطني الرسمي يعرض باستمرار مقاطع تعكس مدى بسالة وبأس رجالنا في كل الميادين، ومازالت أغلب تلك المقاطع البطولية عالقة في أذهاننا، بل مازالت متداولة عالميا على سبيل المثال: معركة السلالم والاقتحامات الأسطورية لعديد من المواقع في ما وراء الحدود وإحراق أحدث الدبابات والمدرعات الأمريكية والبريطانية بالولاعة والهروب المخزي لجحافل المرتزقة، وفي مجال التصنيع الحربي كان يتم الإعلان عن كل جديد أولا بأول، وكل ذلك شكل عاملاً مهماً في رفع معنويات الشعب اليمني ومنحه كماً هائلاً من الفخر والاعتزاز، كما أنه سلط الضوء على الهزائم النكراء التي مني بها العدو وجعل الأمور واضحة للداخل وللخارج.
تغيّر مفاجئ
رغم كل المسارات التي ذكرها العراسي في السطور السابقة، إلا أنها تغيّرت بشكل مفاجئ -كما يقول- منذ ما يقارب عامين فلم نعد نرى ونسمع أخبار المعارك بشكل يومي مواكب، كما لم نعد نرى تلك المقاطع التي أذهلت العالم. وعزاؤنا أن بعض القنوات والصحف الخاصة وعلى رأسها قناة الساحات وصحيفة «لا» كأبرز صحيفة إعلامية وطنية وهي أكثر الصحف اليمنية مهنية وحرفية وأوسعها انتشارا، إذ تغطي ذلك العجز في الإعلام الرسمي وتوافينا بأهم وأبرز الأحداث والوقائع، فمثلا لم نعرف تفاصيل معركة تحرير الدريهمي إلا من خلال صحيفة «لا»، كما أنها أول من أعلن عن دخول صاروخ «قدس1» حيز الخدمة، وهي التي نشرت خبر أسر الكتيبة الثانية باللواء 117 بشكل حصري، ونجدها يوميا تواكب كل جديد، وأعتقد أنها تواجه صعوبة بالغة في الحصول على المعلومة.
ويضيف أن هناك تقصيراً كبيراً جداً في مواكبة الأحداث والبطولات، لكن لا يمكن أن يكون السبب قصوراً في التدريب والتأهيل، لأننا كنا نمضي إعلاميا بشكل جيد وحدث التقصير بشكل مفاجئ وبتنا نسمع مبررات سخيفة جدا على أنها السبب في منع نشر أخبار الجبهات، ومنها مثلا أن النشر المواكب يضر بالمجاهدين باعتباره يحدد أماكنهم للعدو فيقصفهم، وهذا مبرر سخيف للغاية لأن الغارات لا تعتمد على ما ينشر سواء بشكل رسمي أو عبر الإعلام الخاص ومواقع التواصل الاجتماعي، فغرفة عمليات العدوان تصلها الأخبار على مدار الساعة أولا بأول، ويعلم العدو بكل موقع خسره، أما الأخبار فيتم نشرها بعد أن يكون قد أمن المجاهدون أنفسهم، وهذا ما كان يتم طوال سنوات العدوان، بالإضافة إلى أن هذا العذر لا ينطبق على المسارات الباقية (التصنيع الحربي، الصمود والثبات الشعبي).
ويتابع أن من المبرراتِ ضرورة ترك الإعلان عن العمليات العسكرية للناطق الرسمي، وهذا جيد بالنسبة للعمليات الكبرى والواسعة، لكن هناك ما يتوجب سرعة نشره لما لذلك من مآلات رائعة في انكسار العدو وإحباطه وانهيار معنوياته مثل خبر أسر الكتيبة الثانية في اللواء 117 وأسر عدد كبير من المرتزقة من جنسيات أجنبية ونفوق شخصيات مهمة من كبار قادة المرتزقة، وكل ذلك لا يمكن أن نعتبره مجرد قصور، فالقصور يظهر من بداية الأمر وليس بشكل مفاجئ، ونحن نسير في معركتنا عسكرياً بنجاح تصاعدي بفضل الله عز وجل، فكيف تسير العجلة إلى الوراء إعلاميا رغم التواجد الإعلامي في كل الجبهات وتصوير وقائع كل معركة بشكل مباشر، وما فائدة هذا التواجد والتصوير إن كان سيتم حجب الأخبار؟ ولماذا باتت مؤخرا المواكبة مقتصرة على قنوات عربية إن كان قد تقرر حجبها لغرض وهدف ما؟ وإن كان قد تم اتخاذ قرار بموافاة بعض القنوات العربية بالأخبار بشكل فوري لضمان انتشارها عالمياً، فما الذي يمنع موافاة إعلامنا الرسمي وغيره بهذه الأخبار حتى بات إعلامنا ينشر الأخبار نقلا عن تلك القنوات الخارجية؟ معتبراً أن التساؤلات تشير إلى أن هناك خللا ناتجا عن قرارات وإجراءات لا نعرف مصدرها لكنها حتما ذات نتائج سلبية.
ويضيف: رغم التقصير والإخفاق في بعض الأحيان إلا أنه من الإجحاف أن نقول بأن الإعلام الرسمي لايزال بنفس العقلية والأداء السابق. هناك تغير إيجابي كبير لكننا بحاجة إلى ثلاثة أشياء: الأول هو الحرفية بما يضمن تحسن وتطور الأداء، والثاني هو تكثيف الجهود وتوسع دائرة النشر، والثالث هو المواكبة.
قناة الساحات أكثر قناة فضحت مزاعم العدوان
ويتحدث العراسي عن تمكن بعض البرامج من التصدي لتضليل الماكينة الإعلامية للعدوان، إلى حد كبير جداً، وهو ما أدى إلى سد الفجوة وملء الفراغ الذي تسبب به إعلامنا الرسمي، فقناة الساحات مثلا أكثر قناة عملت على فضح مزاعم العدوان على لسان طاقمها المتميز جدا عبدالحافظ معجب وعلي الزهري وبقية المذيعين والإداريين المتميزين، كما لا ننسى برنامج الرائع أحمد منصور وكذا بعض البرامج في قنوات الهوية واللحظة وسبأ وعدن واليمن، لكن مهما كان أداء هذه القنوات فلا بد من مدها بالمعلومات والتفاصيل بما لا يضر بمسار المعركة وكقاعدة تنطلق منها في إطار مواجهة العدوان، وأجد نفسي في هذا المقام مضطرا لذكر مثال حي حدث مؤخراً: فقبل أيام قرأت منشوراً للأخ حسين البخيتي يناشد فيه كل أصحاب الصلة إعطاءه نماذج عن قنابل عنقودية بريطانية الصنع استخدمت في العدوان على اليمن، حيث سبق إعطاؤه نماذج عن قنابل عنقودية أمريكية الصنع وقام باستعراضها في أكثر من مقابلة له بعدة قنوات عالمية، وكان لذلك وقع وأثر ممتاز، وتداولت كثير من المواقع العالمية هذه البيانات والمعلومات، لكنه للأسف الشديد لم يتمكن من الحصول على عينة لقنابل عنقودية بريطانية الصنع بينما كان يتوجب منح إعلاميينا وقنواتنا الأدلة الكاملة لفضح تورط الدول المصنعة للأسلحة بجرائم العدوان وهي أدلة متوفرة وكان يكفي عرضها حتى بالصور وإنتاج مقاطع فيديو لعرض تلك الأدلة المتمثلة في بقايا السلاح المستخدم وبالذات الأسلحة المحرمة وكل الأسلحة التي استخدمت في كل المجازر والجرائم بحق المدنيين.
الخونة يتقلدون أعلى المناصب
وعن عجز القائمين على الخطاب الإعلامي وعدم ترجمة خطابات السيد القائد إلى آليات محددة لمواكبة المعركة إعلامياً، يختم العراسي: تجدر الإشارة إلى أن العجز في تنفيذ توصيات وتوجيهات السيد القائد لا يقتصر على المجال الإعلامي فقط، وإنما في كثير من الجوانب أهمها الجانب الإداري فمثلا سبق أن طرح القائد 12 نقطة كخارطة طريق ومحددات من شأنها التصحيح والتصويب في عدة جوانب هامة جدا بل محورية، فما الذي تنفذ منها؟ هنا يبدو لي أن التقصير متعمد وأن هناك من يسعى جاهدا لإفشال المرحلة وتشويه الأنصار وترسيخ قناعة لدى الشعب بأن هؤلاء (أنصار الله) رجال حرب ولا يصلحون لإدارة الدولة، والمشكلة أن لا أحد قادراً على تنفيذ هذه المهمة القذرة إلا إن كان صاحب سلطة ونفوذ، وهذا يعني أن بعض الخونة باتوا يتقلدون أعلى المناصب، وإن لم يكن الأمر خيانة فماذا عساه أن يكون، لاسيما في ظل استمرار عدم تنفيذ توجيهات وتوصيات السيد القائد التي تصب في مصلحة المجتمع على المستوى المعيشي، وأيضا في إطار مواجهة العدوان الذي لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، فالعدوان متعدد الأوجه ولكل وجه وشكل طرق وأساليب لمواجهته، ولكي تكتمل حلقات النصر يجب أن تكتمل حلقات المقاومة والمواجهة (عسكرياً، إدارياً، سياسياً، اقتصادياً، إعلامياً، مجتمعياً... إلخ).
قصور وقلّة خبرات تحسنت بعض الشيء
محمد العابد، باحث وإعلامي ومحلل سياسي، يتحدث عن مدى مواكبة الإعلام الوطني للبطولات التي يجترحها اليمنيون في مواجهةِ العدوان قائلا: لا تتم مواكبة في ذلك مع محدودي حالات الإعلام وبالمقابل قوة وتسارع الإنجازات العسكرية والميدانية التي تفوق التوقعات وتحقق معجزات على يد رجال الله وأنصاره في الجيش واللجان الشعبية الموعودين بالنصر الإلهي، ومع ما بلغوه من حالة إيمانية قل نظيرها في جبهات أخرى ومع أهمية ما تمثله وما يترتب عليها أكثر من غيرها وأخذها بكل أسباب وعوامل تحقيق الانتصارات والمعجزات وبلوغ النتائج المرجوة عبر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وفي كل مستويات وجوانب عملية وإيمانية.
وعن تقصير الإعلام الوطني لمواكبة الانتصارات والبطولات يقول العابد: هناك حالات قصور مع قلة خبرات كانت منذ بداية المواجهات وقد تحسنت بعض الشيء في فترات لاحقة، ولكن تصاعد وتيرة العمل الإعلامي واتساعها يظل بحاجة لخبرات وإمكانات أكثر وأقوى وتغطية جوانب القصور التي كان معظمها نتيجة عدم تفاعل وتفعيل الكثير من خبرات وكفاءات بما في ذلك بمجالات التدريب والتأهيل الذي لا بد أن يتم ويتواصل مع مواهب وملكات في مجالاتها وليس مجرد عاملين وموظفين ممن لا يمتون للعمل الإعلامي وتنوعاته وآلياته وحالاته الإبداعية والمواكبة لتطورات ونظم وبرمجيات وفلسفة الإعلام الذي صار يمثل نسبة كبيرة في سياسات الدول والجهات العامة والخاصة وضمن ذلك استراتيجيات ومعارك يقال في بعضها إن نسبة أهمية الإعلام فيها لا تقل عن 50 ٪
نفسيات مؤدلجة
ويضيف أن الوظيفة الرسمية للإعلام في عهد الوصاية تسحب نفسها على الإعلام الوطني اليوم، على الكثير من الجوانب التي تكلس معظمها وغاب عن إدراك اللحظة ومواكبتها وشكل بعضه نفسيات مؤدلجة بعيدا عن الوطن وعن الهوية واندرج البعض ضمن انتماءات متأثرة بأحزاب وتوجهات مبرمجة تحت سياسات وبرامج نظام تبعية ووصاية لم تمر بها بلاد أخرى وشكلت أعباء وتبعات سلبية بلغت بالكثير والكثير مرحلة فقدان المعنى، وهو أخطر نتائج نظام تبعية وفساد واختزال قضايا استراتيجية في شكليات أفرزت إشكالات كثيرة بما فيها سلبية مضاعفة في العمل الرسمي وبيروقراطية الوظيفة العامة وتدهور مستويات الإبداع والتنمية التي يفترض أن أساسها الإنسان وهو ما كان غائباً جداً.
ويتابع أن هناك برامج ساخرة عديدة قامت بأدوار مناسبة، وضمنها برنامج معجب ونسبة معقولة من برامج بقنوات ومنها القناة الرسمية وكذا برنامج الزهري وله جمهوره وحلقات مختلفة من برنامج وقيص وكثيرا من برنامج الحاصل باستثناء عجب ورجب الذي كان فيه ومايزال لدى مقدمه الكثير ليقدمه، ولا ننسى برامج في قناة المسيرة تتصدر في تلك المجالات وأبرزها برنامج الحقيقة لا غير وخط التماس وجزيرة العرب وبرنامج أولاً الذي لا يستمر في موعده.. إضافة لحلقات وبرامج نوعية موزعة بين وسائل الإعلام المرئية ما بين فترة وأخرى.
انتصارات إعجازية
في ما يخص عجز القائمين على الخطاب الإعلامي وعدم ترجمة خطابات السيد القائد إلى آليات محددة لمواكبة المعركة إعلاميا يختم العابد: يكاد السيد القائد يغطي معظم ما يفترض من خطاب وعمل إعلامي وموجهات ومحددات قوية ضمن ما يلقيه على مستويات جماهيرية عامة وغيرها وفي كل مناسبة يطل فيها على الناس، وهناك الكثير والكثير مما يتناوله ويذكره ويركز عليه مرارا وضمنه حالات الإعلام والوعي والاهتمامات المفترضة بذلك والضرورية التي ينبغي البناء عليها ومضاعفة جهودها، لكن لا تتم مواكبتها وإيصالها كاملة وغير منقوصة وإيصال فلسفة الإحاطة والإلمام بكل تفاصيلها وفي كل مجال يتضمنه ذلك، وها هو قد بلغ في خطابه الأخير وموجهاته الإعلامية أن يحدد ويشير ويكلف جهات الإعلام الرسمي والوطني بما ينبغي أن يتم ويلزم التعامل معه وتسليط الضوء على حيثياته ومن خلال برامج بمختلف تنوعاتها وتستدعي أن يتواصل ذلك على مدار العام ثم بعده ومن واقع خطابات ومضامين فيها سيكون للعمل المناسب والهام في تناولها المستمر ما يحقق كثيرا من جوانب وحالات إيجابية جدا ستعمل على تقريب المسافة الفارقة بين ما يتحقق من إنجازات وانتصارات إعجازية مع جهات العمل الأخرى التي في صدارتها الإعلام الذي مع غيره بحاجة لتنفيذ توجيهات القيادة بحذافيرها ومحدداتها للوصول لمصاف إعجازية وتتجاوز ما يتم وتفوق ما قد بلغته حالات وجوانب العديد منها، خصوصا وللعلم أننا على مشارف مواجهات إعلامية كبيرة جدا تزيد عن السابق كثيرا بما في ذلك انضمام وسائل وإمكانات شهيرة وموجهة من قوى الخارج وتستدعي تركيزا وتناولا حرفيا في مواجهة حروف وانحراف كل حالات العدوان والحصار وتحالفهم الذي يشمل العسكري والاقتصادي والإعلامي والسياسي... عندما نتحدث عن الإعلام من واقع خطابات السيد القائد فهي تشمل كل وسائل إعلام مرئية وإذاعية وإلكترونية، وكذا ورقية التي تأتي صحيفتكم في صدارتها وتستحق كل تقدير وتحية ولها دور بارز ومشهود وقوي.
جهود جبارة
أمة الملك الخاشب، مدير الشكاوى في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، تقول: بالنسبة للإعلام الوطني وبرغم أن به بعض القصور لكن أرى أنه يبذل جهودا جبارة فوق العادة بحسب الإمكانات المتاحة لهم، فنحن في ظل ظروف العدوان والحصار حرم الإعلامي اليمني من أبسط حقوقه مثله مثل أي موظف حكومي في اليمن، لكن وللأمانة فأثرهم موجود وبصمتهم مؤثرة بخاصة في الإعلام المرئي والمسموع فقد استشعروا مسؤوليتهم الوطنية وتحركوا للتعبئة العامة وحشدوا وكانوا مع الشعب يواكبون كل جديد ويخاطبون كل العقول.
وتضيف الخاشب أن القصور كان فقط بسبب انعدام الإمكانات رغم توفر العقول اليمنية المبتكرة والمبدعة التي تحاول إيصال مظلوميتنا للعالم فتأتي حملات التغريدات المنظمة وبمختلف اللغات لتوصل مظلومية وصمود شعب. وتؤكد أن البرامج النقدية الساخرة حظيت بمتابعات كبيرة من مختلف التيارات والانتماءات وأوصلت فكرة تناقض إعلام العدو في أطروحاته، ورغم الإمكانات البسيطة أمام ترسانتهم الإعلامية، إلا أن قنواتنا الوطنية أوصلت رسالة في مجال معين وهو الجانب السياسي.
وتختم: نستطيع أن نقول وبكل أسف إن هناك قصوراً في تنفيذ المحددات التي يضعها قائد الثورة، ليس فقط في الجانب الإعلامي، ولكن في أغلب الموجهات، فلم يلتمس الشعب شيئا من النقاط الـ12 التي حددها قائد الثورة ووجه أن يعمل بها في ميدان بناء الدولة، فلا نستطيع فقط أن نوجه اللوم لقيادة وزارة الإعلام ولكن الخلل مشترك بيننا جميعاً، ومثلما بررت آنفا قد يكون الإعلام الوطني الرسمي معذوراً بسبب عدم قدرتهم على التحرك لشحة الميزانية التي تجعل الإعلامي لا يجد حتى قيمة مواصلاته أو ما يقوت أولاده، فإنتاج أفلام وثائقية يحتاج تكلفة مادية كبيرة تعجز وزارة الإعلام عن توفيرها في ظل الظروف الراهنة ما لم يكن هناك توجه جاد من قيادة الدولة لدعم وتنفيذ توجيهات السيد القائد للإعلاميين، وذلك بدعم وزارة الإعلام وتحسين كادرها وتطوير قدراتهم والاستفادة من خبرات الإعلاميين والممنتجين المخضرمين الوطنيين، ونتمنى أن تتوحد الجهود بين الإعلام الرسمي والوطني وتنسيق لأوقات عرض البرامج وذلك حتى يستفيد أكبر قدر من تلك البرامج التي تستهدف فضح أساليب العدو في استهداف الشعب وفضح أساليب التضليل الإعلامي لقنوات العدوان ومرتزقتهم من القنوات اليمنية التي باعت شرفها وكرامتها للأجنبي وتخلت عن أصالتها وهويتها التي تفرض عليها أن تكون حرة مستقلة وطنية.
المواكبة الإخبارية فقط
مطيع حسين الفقيه، مدير عام البرامج بإذاعة صنعاء - البرنامج العام، يقول من موقعه واحتكاكه بالجانب الإعلامي: الإعلام الوطني يحاول أن يواكب هذه البطولات، لكنها دائماً تسبقه بخطوات وفي كل المجالات. فبعد أن تنتهي الوسيلة الإعلامية من التعامل الإخباري والتقريري مع الحدث تفكر في الانتقال إلى تناوله من أبعاد أخرى كالتحليلي والتوثيقي، إلا أن حدثاً أو إنجازاً عظيماً آخر يُسَطره الأبطال يكون بذات أهمية سابِقِه، ما يضطرنا -في بعض وسائل الإعلام الوطني- إلى المواكبة الإخبارية فقط.
أما عن أسباب القصور للإعلام الوطني وعدم مواكبة البطولات يوضح الفقيه: سأكون صريحاً وأقول: نعم هناك تقصير في بعض الوسائل الإعلامية وهو واضح من خلال أدائها يمكن أن يلمسه أي متابع عادي، لكنه ليس مؤسسياً، وإنما هو تقصير فردي من قِبَلِ بعض الكوادر، كما أنه ليس متعمَّداً، فسببه أن هذا الموظف أو ذاك يعمل في وظيفة أخرى لتحسين دخله. وهنا نتحدث عن القصور -وليس التقصير- في أداء بعض المؤسسات.ويضيف: لا يمكن الجزم أن الوظيفة الرسمية للإعلام الرسمي في السابق قد سحبت نفسها كلّيّاً على الإعلام الرسمي اليوم، بل إننا اليوم أفضل، فنحن اليوم رغم أننا تحت وطأة عدوان وحصار وعمالة وخلايا نائمة وعدو يحاربك في كل الجبهات (عسكرية - اقتصادية - سياسية - اجتماعية... وغيرها)، ورغم أن كل هذا يمكن أن يكون مبرِّراً لأي قصور أو تقصير، إلا أننا -في الإعلام الوطني- نتحدث بكل حرية عن فساد بعض مؤسسات الدولة وبعض الشخصيات فيها، وكان هذا مستحيلاً ومحرَّماً على الإعلام الرسمي في السابق رغم الاستقرار والرخاء.
وعن البرامج الساخرة رغم قلتها وتصديها لأكاذيب العدوان يقول: إذا تحدثنا عن جمهور الداخل فنستطيع القول إنها فعلا تصدت لإعلام العدوان وفضحت كذبه لدى الجمهور، وذلك باعتماد الكلمة الصادقة والوثائق الدامغة، فأقنعت الجمهور حتى مَن يقف منهم في صف العدوان. لكنَّ كثيراً من الجمهور العربي وشعوب العالم -ماعدا شعوب محور المقاومة- مازالوا لا يتعاملون إلا مع إعلام بلدانهم أو الإعلام المسيطر على عقولهم وهو الإعلام الصهيوأمريكي.
ويتابع: في حديثي عن إنجازات الجيش واللجان والتصنيع الحربي وغيرهم من المجاهدين، ذكرتُ أن تلك الإنجازات متسارعة ولم يستطع الإعلام مواكبتَها. الأمر ذاته وأكثر منه في هذا المقام.. فأنتِ تسألينني عن السيد القائد الذي يسبق الجميع في فكرِهِ ورؤيتهِ واستشرافه للمستقبل. وهنا أؤكد أنه ليس عجزاً وإنما عدم قدرة على المواكبة الحفية.. فمهما حاول الإعلام الوطني جاهداً فلن يستطيع تناول أي موضوع بذات العمق الذي تناوله به قائد الثورة.