ولماذا يُعتَبر الهُجوم الأخير أخطر من كُلّ الهجمات السّابقة؟ ومن أين جاءت الطّائرة المُسيّرة.. من اليمن أم إيران مُباشرة؟
...
اتّهم مَسؤولٌ إسرائيليّ كبير اليوم الجمعة إيران بالوقوف خلف الهُجوم الذي استَهدف ناقلة نفط إسرائيليّة تملكها شركة الملياردير إيال عوفر في بحر العرب قُبالة سواحل سلطنة عُمان في حديثٍ للقناة 13 العبريّة، وهذا ثاني هُجوم من نوعه مُنذ بداية شهر تمّوز (يوليو) الحالي، وهُناك هُجومٌ ثالث جاري التّحقيق حوله وسَط تكتّم شديد حسب تقرير لوكالة بلومبيرغ الأمريكيّة.
مُهاجمة سُفن وناقلات إسرائيليّة في المنطقة المذكورة آنفًا ليس جديدًا، وبات من الأخبار المألوفة التي لا تُثير شهيّة القارئ، ولكنّه هُجومٌ يبدو مُختلفًا عن كُلِّ سابقاته لعدّة أسباب:
الأوّل: أنّ طائرة مُسيّرة (بُدون طيّار) هي التي نفّذته، وهذا تطوّرٌ جديد وغير مسبوق حتّى الآن.
الثاني: أنّ هذا الهُجوم، وعلى عكس جميع الهجمات المُماثلة السّابقة أسفر عن سُقوط قتيلين من طاقم السّفينة، أحدهما بريطاني والثّاني روماني.
الثّالث: تزامنه، أيّ الهُجوم، مع توقّف المُفاوضات الإيرانيّة مع أمريكا والدّول الخمس العُظمى الأُخرى حول إحياء الاتّفاق النووي الإيراني، وقُرب تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي الفائز في الانتِخابات الرئاسيّة الإيرانيّة (التّنصيب في 5 آب (أغسطس) المُقبل)، ويُعتَبر من جناح الصّقور.
الرابع: توسيع دائرة حرب النّاقلات بين إيران ودولة الاحتِلال الإسرائيلي مُجَدَّدًا، وسط تكهّنات بأنّها قد تتصاعد وتيرتها في الأيّام والأسابيع المُقبلة.
***
السّؤال الذي يطرح نفسه هو حول هُويّة الأراضي التي انطلقت منها هذه المُسيّرة، فهل جاءت من أحد القواعد العسكريّة الإيرانيّة على السّاحل الشّرقي للخليج، أم أنّها انطلقت من الأراضي اليمنيّة القريبة.
من الصّعب الإجابة عن هذا السّؤال في الوقت الرّاهن لعدم وجود معلومات مُؤكَّدة، أو اعتِراف إيراني رسمي بالمسؤوليّة.
لكنّ اللّافت أنّ منسوب الردّين الإيراني والسّوري على الغارات العُدوانيّة الإسرائيليّة الأخيرة سواءً في البِحار المفتوحة، أو داخل الأراضي السوريّة بات أكثر دقّةً وفاعليّة، ويُمكِن الإشارة إلى نجاح الدّفاعات الجويّة السوريّة بإسقاط أربعة صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيليّة من الأجواء اللبنانيّة على أهدافٍ سوريّة وأُخرى يُقال إنّها تابعة لحزب الله اللبناني في منطقة القصير في ريف حمص.
مجلة “ميليتري ووتش” البريطانيّة المُتخَصِّصَة في الشّؤون العسكريّة قالت قبل بضعة أيّام، في تحليلٍ لها للهُجوم المَذكور آنفًا، إنّ القيادة الروسيّة زوّدت الجيش العربي السوري بثمانية بطّاريّات صواريخ من طِراز “بوك إم 2” المُتطَوِّرة لتعزيز دفاعاته الجويّة، بعد أن طفَحَ كيْل هذه القِيادة من الاعتِداءات الإسرائيليّة المُتَكرِّرة على الأراضي السوريّة.
خُطورة هذا الهُجوم على السُّفُن والنّاقلات الإسرائيليّة في بحر العرب والمُحيط الهندي تَكمُن في كونها تُؤكِّد حقيقةً باتت راسخةً وهي أنّ الخُطوط المِلاحيّة الإسرائيليّة والسّفن التي تستخدمها، سواءً قُرب السّواحل العربيّة قُبالة السّواحل العُمانيّة أو في مضيق باب المندب والبحر الأحمر والمناطق المُجاورة لم تَعُد آمنةً على الإطلاق، وباتت السُّفُن والنّاقلات الإسرائيليّة في مرمى أهداف الطّائرات المُسيّرة والصّواريخ الإيرانيّة واليمنيّة التّابعة لحركة أنصار الله وحُلفائها.
إيران طوّرت سِلاحين مُتطوِّرين جدًّا استَطاعا أن يُلغِيا التّفوّق الجوّي الإسرائيلي، الأوّل سِلاح الصّواريخ الدّقيقة من مُختَلف الأحجام والأبعاد، والثّاني الطّائرات المُسيّرة، التي تُوصَف في المحافل العسكريّة بأنّها واحدة من الأكثر تَطَوُّرًا في العالم.
***
حرب النّاقلات تتصاعد مُجَدَّدًا وتزداد سُخونةً، وصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكيّة زعمت أنّ طائرات وصواريخ إسرائيليّة هاجمت 12 سفينة إيرانيّة شرق البحر المتوسّط والمُحيط الهندي، ردّت إيران بالمِثل على عَددٍ مُماثل من السّفن الإسرائيليّة تقريبًا، وهذا ما يُفَسِّر عدم تنفيذ القِيادة الإسرائيليّة لتهديداتها بقصف ناقلات النّفط الإيرانيّة التي أفرغت حُمولاتها في ميناء طرطوس في الأسابيع الماضية.
نحن الآن في انتِظار الرّد الإيراني القادم على الرّد الإسرائيلي المُتَوقَّع على النّاقلة المُستَهدفة ليلة أمس الخميس، واللّافت أنّ قِيادة الحرس الثّوري المُكلَّفَة بهذا المِلف تلتزم بفضيلة الصّمت، وتترك الأفعال هي التي تتكلّم، مثلما قال لنا أحد اللّبنانيين المُقرَّبين من دوائر صُنع القرار في إيران.. واللُه أعلم.
* المصدر : رأي اليوم