في 1956م، شنت بريطانيا وفرنسا و«إسرائيل» حرباً على مصر، وتم تخليده وتسميته «العدوان الثلاثي».. ونحن اعتدت علينا 20 دولة ولم نبحث عن تسمية لتخليد هذا العدوان، لأن اليمن ينتصر دائماً، ولا يحب أن يلتصق به أي استضعاف. ومازال هناك من يسميه «تحالف».. ويحق لنا أن نسميه «العدوان الكوني»، لأن العالم بكل دوله المتجبرة والاستعمارية والنفطية اجتمعت على مائدة صغيرة، اسمها «اليمن».. هم يرونها مائدة، لكنها مائدة مطبوخة بالسم ومليئة بالشوك. وكما قال الشاعر عبدالله البردوني:
إنهم يطبخوننا كي يذوقوا... عندما ينضجوننا شرَّ وجبة
خصمنا اليوم، غيره الأمس، طبعاً... البراميل أمرَكت شيخ (ضبَّة).
أفرغوا على أطفال اليمن وشعبها وحضارتها كل أسلحتهم وقنابلهم وصواريخهم وحقارتهم، وفعلوا فيها ما لم تفعله الحربان العالميتان، الأولى والثانية، وما لم يفعله القصف الذري والنووي على هيروشيما، لأن من يقود هذا العدوان هي السعودية التي امتلأت بحقد الجِمال وأبوالها، وجاءت بكل أحقاد الصحراء لتنتقم من الحضارة في عقر دارها. فهم يرون أننا متفوقون عليهم بما لا يستطيعون شراءه بكل أموالهم ونفطهم، لأنهم معجونون بالحقد والكراهية، وقد خلقوا بهذه الجينات، «ومن ذا الذي يغالب ربه»، حسب قول المتنبي!
نفس الانتقام الحضاري الذي بدأه بنو أمية حين قاموا بهدم قصر غمدان، لأنهم رأوه فتنة، مع أن آباءنا الأوائل لم يكونوا يرونه فتنة، لأنهم أتقنوا فنون العمارة واعتادوا على بناء القصور والعيش فيها، لأن الحضر غير البداوة، والاستقرار غير التنقل بين ذرات غبار الصحراء.. أما أهل نجد والحجاز فقد كانوا ينامون على تراب الصحراء في خيام مصنوعة من أصواف الغنم وأوبار الإبل، ولم يكونوا معتادين على القصور، لذلك أمر أول خليفة أموي بهدمه، ولم تثنه تلك المقولة المكتوبة بالرصاص على باب قصر غمدان: «إسلم غمدان، هادمك مقتول». وهذا ما حدث فعلاً. وهذا ما سيحدث لبني سعود في المستقبل القريب، لأنها مسألة وقت فقط حتى تجد الطعنة مكانها ووقتها المناسب.
ولأننا شعب طيب ومسالم، ونحترم حق الجار ولو كان تافهاً، كانوا في المناهج المدرسية وخطب الجمعة يحذروننا من «إسرائيل» وغدرها وخساستها، ولم يكونوا يحذروننا من ملوك نجد والحجاز الذين تفوقوا على «إسرائيل»، وفعلوا ما لم يفعله الصهاينة والمغول والتتار وهولاكو. لأنهم صهاينة العصر وسوءة العرب.
* نقلا عن : لا ميديا