ها أنتَ تصعدُ للسماء
ونحنُ نسقطُ في الجحيمْ ..
إذ كنتَ آخر رحمةٍ نُحظى بها
سلبوكَ من أحداقنا
وكأننا الشعبُ الرجيمْ ..
هيَ وحدها الأحزانُ تعرفُ
كيف تضربُ في الصميمْ ..
والقتل كالمعتاد يعبر بيننا
متجاهلاً كل الوجوه
لينتقي الوجه الكريم ..
وقد انتقى عبدالكريم !
هذا هو الزمن اللئيم ..
وطنٌ تطيبُ بهِ الحياةُ
لكل أفَّاكٍ أثيمْ ..
كان اسمهُ اليمن السعيد
وأصبح اليمن التعيس
وصار بعدكَ سيدي
اليمن اليتيم ..
الفجر بعد سناكَ يطلعُ
وهو مُسوَّدٌ كظيمْ ..
حتى القصائد في رحيلك ، مثلنا
مفجوعة تبدو
ومطلعها سقيمْ ..
جفت عليك عيوننا حزناً
وأصبحَ كل وجهٍ كالصريم ..
نبكي لفقدكَ ثم ندرك أننا
نبكي علينا لا عليك
فكل عمرك عشته من أجلنا
متفانياً لخلاصنا
مستعذباً ألم المسيح
وقابضاً نار الكليم ..
الآن إن متنا ، وإن عشنا
فلا أسفٌ ، ولا فرقٌ هناك
فأي معنىً للحياة
بدون وجهكَ يا كريمْ ..
قتلوكَ يا روح الحسين
وقلب لقمان الحكيمْ ..
ما كنتَ إنساناً فحسبْ ، وإنما
وطنٌ .. وإنسانٌ عظيمْ
وسماءنا الأولى
ونجمٌ تهتدي فيه القلوبُ لفجرها
نُزلاً من الله العليم ..
لو كان حدَّقَ قاتلوكَ بمقلتيكَ دقيقةً
لرأوا آماكنهُم
وأبصرَ كل خصمٍ نفسهُ
في مُقلتيكَ أخاً حميمْ ..
لو كان حدَّقَ قاتلوكَ
وصافحوكَ للحظةٍ
لتبادلوا النظرات فيما بينهم
وسيدركون بإنهُ نور الإله
وأنهُ وجهُ الحياةْ
وأنهُ عبدالكريم ..