هناك في بلادنا من أدعياء الثقافة من كشف عن غوائل نفسه خلال الحرب الروسية على أوكرانيا فالكثير من رموز الإخوان كتب ضد روسيا والكثير من الأسماء الثقافية -التي كنا نظنها من التيار الحر فوجدنا أنها من التنظيم السري للإخوان- تبنوا موقفًا واحدًا وهو يتماهى مع الموقف الأمريكي والصهيوني من هذه الحرب، لقد كتب أحدهم باكياً ومتألماً على أوكرانيا كما لم يبك حين قصف العدوان الصالة الكبرى وكانت قبيلته كلها في الصالة وقد أُصيب بجروح في جبهته وخرج يتهم أنصار الله بالقصف وناطق العدوان يعترف وهو يصر على أن الذي استهدف الصالة هم أنصار الله، اليوم ذات الشخص يبكي أوكرانيا ويندّد بالغزو الروسي لها، ويتوجع وجعاً شديدًا على البُنَى التحتية المدمّـرة وعلى نساء أوكرانيا ولم نسمع أَو نقرأ موقفاً يضاهي هذا الموقف من العدوان على بلده، مثل هذه المواقف التي تتناقض لا تدل على حالة ذهنية ونفسية سليمة ولكنها تدل على كتل بشرية تابعة منفذة غير مفكرة.
بغض النظر عن المواقف من الحرب لكن كيف لرجل مفكر كامل الأهلية يجيز عدواناً على بلده وينكر عدواناً على بلد غير بلده؟ الموضوع هنا شائك نفسياً ومنطقياً، ودال على كتل بشرية خاضعة سائرة كالقطيع تنساق وراء التوجيهات دون أن تدرك أثر ما تقوم به من أفعال.
لقد أصبح واضحًا اليوم أن التنظيم الدولي للإخوان أصبح جزءاً من الحركة الصهيونية العالمية، فقد نشأ كأدَاة بيد الصهيونية تحَرّكها متى شاءت وتقلق من خلاله السكينة والأمن العام في كُـلّ البلدان، وقد كتب الأديب المصري عباس العقاد، نهاية أربعينيات القرن الماضي عن هذا الارتباط في صحيفة الوفد فانكر عليه الكثير ذلك، وبعد كُـلّ هذا الزمن ها هي الحقائق تكشف عن ساقيها على صرح المواقف الممرد، فموقف الإخوان من حركة المقاومة الإسلامية يتماهى مع الموقف الصهيوني، وموقفهم من القضايا الإسلامية الكلية يتسق اتساقاً كليًّا مع مصالح الصهيونية العالمية بل كادوا لأن يتماهوا في المشروع إلى درجة الاندماج الكلي دون تمايز التي تمليها الضرورة السياسية، وقد بدا ذلك جليًّا في أحداث الربيع العربي التي اجتاحت الوطن العربي وخطط لها اليهود الصهاينة حتى يصلوا إلى فكرة مشروع شمعون بريز في الشرق الأوسط الجديد، ونفذها الإخوان في كُـلّ قطر من الاقطار العربية ولولا أن تدارك الله اليمن بحركة أنصار الله وبقائدها العلم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، لكانت اليمن جزءاً مفصليًّا من حركة الصهيونية العالمية، ولعلّ الكل يذكر أَو أخص من كان متابعاً أنه خلال الربيع العربي صاحب الاضطراب الاجتماعي نظريات ثقافية قائمة على القياس والاستنباط التاريخي تحاول أن تثبت أن تاريخ اليهود كان في اليمن كله من خلال تشابه بعض أسماء الأماكن والتباس بعض الأحداث والمرويات في الكتب المقدسة، تلك النظريات استمر الترويج لها إلى وقت قريب لا يتجاوز الأشهر القليلة حين قلب المجاهدون من أبناء اليمن المعادلة، ولعلّ الكثير يذكر اهتمام الإعلام بتهريب التوراة من اليمن؛ باعتبَار تلك التوراة يتوارثها أبناء الأسباط، وبالتالي كان الترويج أن الأسباط كانوا في اليمن ولذلك ظلت التوراة في اليمن، ومثل ذلك يعزز النظرية وقد فشل مثل هذا المشروع أَو كاد يفشل بعد أن فقد الإخوان مفردات القدرة على اللعب في اليمن أَو فقدوا الكثير منها، وقد لا يستغرب الكثير أن النظريات الصهيونية أكثر من يروج لها إعلامياً هم الإخوان والموضوع لا يحتاج إلَّا إلى قليل من التأمل فقط لتصل إلى هذه النتيجة المفجعة.
لم يفسر أحد حتى اليوم سر التحول في شخصية سيد قطب، بعد زيارته أمريكا فقبل الزيارة عرف كأديب وناقد علماني بحت ثم عاد بعد الزيارة متديناً منظراً زرع فكرة القطبية والجماعات الإرهابية في الفكر العربي وقال بجاهلية المجتمعات وقال بضرورة جهاد المجتمعات حتى تعود إلى الفطرة، وتناسلت جماعات من فكره مثل القطبية والجهادية الإسلامية والقاعدة والكثير من الخلايا التي شهد العالم نشاطها في القتل والتدمير والتوحش وقد ساهموا في تشويه الصورة المثلى للإسلام.
الصهيونية العالمية حاولت السيطرة على الموجهات الثقافية الاجتماعية العربية وقد استطاعت أن تلبس عباية الإسلام وتعمل على تفكيك عراه من داخله عن طريق تيار الإخوان، ولولا محور المقاومة الإسلامية لرأيت اليوم واقعاً عربياً متصهينا كليًّا و لرأيت الإسلام قد أصبح غريباً في أهله وبين معتنقيه.
لقد كانت ثورة 21 سبتمبر حالة إنقاذ لنا في اليمن من براثن الصهيونية ونحن اليوم تخوض معركتنا الوجودية معها وسوف ننتصر.