لأن رسالة الله تعالى تمتلك من عناصر القوة والتأثير والنجاح ما لا مثيل له في أي مشروعٍ آخر، ونذكر بعضاً منها باختصار:
أولاً: هي رسالة الله ودينه الحقَّ، تحظى أيُّ أمةٍ تتمسك بها برعاية الله وتأييده ونصره، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، فالله -جلَّ شأنه- هو الذي يدعم وينصر هذه الرسالة، والأمة التي تؤمن بها، وتلتزم بها، وتتحرك على أساسها، تحظى من الله بتأييده ومعونته ونصره.
ثانياً: هي دين الفطرة، تنسجم مع الفطرة الإنسانية التي فطر الناس عليها، وعندما تصل بشكلٍ صحيحٍ وسليمٍ إلى الناس، ويرى الناس نماذج لها في واقع الحياة؛ يتقبلونها، وينسجمون معها، إلَّا من طبع الله على قلبه وخذله.
ثالثاً: كان لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله- دورٌ أساسيٌ بما منحه الله -سبحانه وتعالى- من مؤهلاتٍ عالية لحمل هذه الرسالة والتحرك بها، وفي إيمانه العظيم، وفي أخلاقه العالية التي بلغ بها أعلى مرتبةٍ يمكن أن يصل إليها بشر، كما قال الله -سبحانه وتعالى- مقسماً: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: الآية 4]، وفيما كان عليه من حرصٍ عجيب، واهتمامٍ كبيرٍ جدًّا في سعيه لهداية الناس، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: الآية128]، وفي صبره العظيم، وتحمله، وثقته بالله تعالى، وتوكله عليه، فكان له دورٌ أساسيٌ في إحداث ذلك التغيير الكبير، ونجح في مهمته لتبليغ الرسالة، وأداء الأمانة، وإقامة الحجة، وتصحيح مسار البشرية، ومواجهة أصعب التحديات، نجاحاً لا مثيل له.
ابعاً: تمتلك الرسالة الإلهية من الخصائص ما لا مثيل له في أي مشروعٍ آخر؛ لأنها من الله، من حكمته، من رحمته وعلمه بما هو خيرٌ وصلاحٌ لعباده، وهي شاملةٌ تشمل كل الجوانب المهمة للإنسان في تصحيح فكره وثقافته ومفاهيمه، فهي نور الله الذي يخرجنا من الظلمات، وفي تزكيتها للنفس، وتطهيرها من الدنس، وتربيتها على مكارم الأخلاق، وفي تعزيز صلة الإنسان بالله في تعاليمه، وفي رعايته المصاحبة لها، وفي بنائها الصحيح لحياة الإنسان وترشيد سلوكه وتصرفاته، إنها رسالةٌ تصلح الإنسان، وتصلح حياته، وتقدِّم أعظم برنامجٍ يسير عليه في حياته، وهي بذلك الطريقة الوحيدة لإنقاذ البشرية مما تعانيه اليوم من أزمات ومشاكل متنوعة.
خامساً: حفظ الله هذه الرسالة بأعظم وأهم وثيقةٍ موجودةٍ في الأرض، وهي القرآن الكريم كتاب الله المبارك والمعجزة الخالدة، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: الآية9]، وهو الكتاب العجيب الذي أنزله الله -جلَّ شأنه- لهداية عباده، كما قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: من الآية9]، واعتمد عليه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مهمته الرسالية بشكلٍ كبير، وهو في سعة معارفه وعلومه الواسعة كما قال الله -سبحانه وتعالى- بشأنه: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: الآية109]، وهو الحق الخالص الذي لا يشوبه ولا مثقال ذرةٍ من الضلال والباطل، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41-42]، وهو النور والفرقان الذي تكسب به الأمة أعلى درجات الوعي ومستويات الفهم والمعرفة الصحيحة والحكمة، ولا نجاة، ولا رحمة، ولا خلاص، إلَّا بالتمسك به واتِّباعه، هذه بعضٌ من العناصر المهمة الكفيلة بالنجاح والفلاح لمن يتمسك بهذه الرسالة الإلهية.
وإذا تأملنا في واقع البشرية اليوم في ظل هيمنة قوى الاستكبار والضلال، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، نجدها تعتمد في توجهاتها وسياساتها وتسخِّر كل إمكاناتها في سبيل تعزيز سيطرتها على الشعوب، وعلى مقدراتها وإمكاناتها، تعتمد على التضليل والإفساد، والتقويض للقيم والأخلاق؛ لتهيئ المجتمع البشري للقبول بسيطرتها والخنوع لها، وقد تسببت سياساتها الهدَّامة إلى إلحاق الضرر الكبير بالكثير من الشعوب في مختلف أنحاء الأرض، في أمنها، واقتصادها، وواقعها الاجتماعي، ونشرت فيها الفوضى والأزمات، كما استغلت المشاكل وزادت من تعقيدها والاستثمار فيها
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من الخطاب الجماهيري للسيد بمناسبة المولد النبوي الشريف 1441هـ
* نقلا عن : موقع أنصار الله