الفلسفة الذرائعية الأمريكية
ثابت القوطاري
Thabit AL-qotari
1437هـ -2016م
الفلسفةالذرائعيةالأمريكية
مُقـدمـة
تعرض اليمن في 26/ آذار/2015م لعدوان غاشم شنته قوى تحالف الاستكبار العالمي بقيادة مملكة آل سعود تحت مبررات واهية، وذرائع مفضوحة، مما جعلنا نتساءل عن الأسباب الحقيقة، والدوافع المنطقية، للتدخل العسكري المباشر في اليمن بعد أن فشلت كلُّ المحاولات التي سبقته، كما دفعنا هذا العدوان إلى محاولة قراءة الفلسفة والتاريخ، وتتبع خيوط المؤامرة منذ بدايتها، لنجد صفحات لم نقرأها وإن كنا قد قرأناها لم نفهمها،لذاحان الوقت الآن لندرس هذا الكم المتراكم من المعرفة لنعرف إلى أيّ مدى يسعى الغرب الاستكباري وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل إلى السيطرة والسطو على دول العالم الثالث لاسيما شبه الجزيرة العربية ونحن هنا في سبيل قراءة تحليلية لبعض تلك الصفحات من التاريخ والفلسفة والسياسة لنصل إلى نتيجة مفادها أن ما يحصل اليوم في الوطن العربي أمرٌ قد دبر بليل منذ قرون - وليس وليد اللحظة- على العرب بشكل عام والمسلمين بشكل خاص، وعليهم أن يقبلوا بذلك، بل ويدفعوا فاتورة هذه الحروب العبثية التي يتم فيها إبادة جنس بأكمله، ونهب مقدرات أمة، في سبيل حفظ أمن واستقرار دولة إسرائيل الصهيونية التي تم زراعتها في جسد الأمة، ويُعد نظام آل سعود والأنظمة السياسية الرجعية والاستبدادية في الخليج أداة من أدوات الاستعمار الجديد والمعاصر، وستكون الفلسفة هي المدخل المناسب لمناقشة الكثير من القضايا الأيديولوجية المختلفة، لأنَّ الفلسفة هي قطب الرحى التي يدور عليها فلك الاستعمار الحديث والمعاصر، وما يظهر على أرض الواقع ليس إلاَّ ترجمة لتلك الفلسفة الذرائعية الأمريكية. وأنا هنا- في هذا البحث المتواضع- لا أزعم بابتكار جديدٍ، أو الكشف عن حقائق لأول مرة، إنَّما هو جهد متواضع تمثل في الاطلاع والبحث وترتيب المعلومات، بعد قراءتها وفحصها، وأخذ المختصر المفيد، من الإطناب الذي قد يضيع الفكرة وخطورتها.
وقد جاء هذا البحث في ثلاثة فصول على النحو التالي:
-الفصل الأول: الفلسفة الذرائعية. في هذا الفصل ناقشنا الفلسفة الذرائعية، تعريفها، وجذورها ومدى تطبيق قوى الاستعمار لتلك التنظيرات الفلسفية القائمة على جلب المصلحة وإلحاق الضرر بالشعوب الأخرى. لنجد أنَّالذرائعيةتقول: أنَّكلَّشيءعائم،ومنساب،وزئبقي،مسخرلتحقيقالنجاحفيالحياة دون أي اعتبار للأخلاق والقيم الإنسانية.
-الفصل الثاني: أمريكا وإسرائيل النزعة العنصرية والاستعمارية. بينَّا فيه إلى أي مدى وصلت العنصرية الغربية القائمة على العنف، والتدمير، وإلغاء الآخر على أسس استعمارية تسعى من خلالها السطو على مقدرات الشعوب، وإبادتهم، وتقديم الغرب على أنَّه قدر البشرية ومخلصها.
-الفصل الثالث: مملكة آل سعود النشأة والسقوط. كان لزاماً علينا هنا الحديث عن آل سعود بصفتهم أداة رئيسة من أدوات الاستعمار الجديد والمعاصر، في منطقة الشرق الأوسط إذ أنَّ أيديولوجية آل سعود منبثقة عن الأيديولوجية الصهيونية القمعية، ترافق نشأتها مع نشوء دولة إسرائيل، بالإضافة إلى ما تقوم به من عدوان سافر على اليمن ومقدراته.
فإن أصبنا فمن الله وحده، وإن أخفقنا فهذا طبع الإنسان، وليعذرنا القارئ الكريم على أيِّ خطأ أو قصور يعتور البحث، لاسيما وأنَّه محاولة لقراءة مشروع كبير، قد لا يكون البحث قدمه كما ينبغي لذا لا غنى عن الرجع للمصادر والدراسات الأكثر عمقاً والتي تطرقت إلى هذا الموضوع بجزئياته وملابساته، وقدمت حلولاً لكلِّ ما انتجته هذا الفلسفة، والاستعمار، من وجهة نظرها.
والله نسأل التوفيق والسداد.
ثابت القوطاري
صنعاء
1/ شباط /2016م
الفصل الأول
الفلسفة الذرائعية
ليس من السهل تعريف(الفلسفة) لكننا سنحاول طرح تعريفٍ مناسبٍ لها وإن كان الأمر قد يثير جدلاً هنا، فهيبلفظها اليونانية: (فيلوسوفيا) تعني: شيءٌ بمقتضاه يتحدد وجود العالم، بل يتحدد بمقتضاها الخاصية الأعمق والأكثر أساسية في التاريخ. والفلسفة في جوهرها نشاط عقلي مفتوح، فهي بتعبير (ألتوسير): ممارسة نظرية. ويعرفها (لالاند) بأنَّها المعرفة العقلية،
تم مواجهة الفلاسفة في أغلب الفترات التاريخية التي ظهروا فيها وكتبوا وجادلوا، ووقفت كثير من السلطات الدينية والسياسية في وجههم فراحت تفتش وتنبش في كتاباتهم لكي تفسرها تفسيراً مشوهاً ومحرفاً لتأليب الرأي المجتمعي/الشعبي ضد الفيلسوف ليتم تصفيته في أجواء احتفالية بهيجة، تباركها المؤسسة الدينية لاسيما وأنَّ الفلسفة تصنع العقول وتهيئها لكي تبدع وتنتج، كما أنَّها تعمل على كشف زيف دعاوي السلطة الدينية والسياسية وهذا ما لا يمكن أن يُسمح به،ولذا يقول الفيلسوف يعقوب بن إسحاق الكندي عن هؤلاء الملوك والسلاطين والدول: "[هم] ممن تتوج بتيجان الحق من غير استحقاق".وللفلسفة في العقل العربي حيزٌ واهتمام منذ اللقاء الأول الذي تم في عهد الدولة الأموية مع خالد بن يزيد بن معاوية كما يقول المؤرخون، لتمر بأطوارٍ ومراحل، لينتج عن رحلتها تلك المدارس والفلاسفة الكبار، ليس هذا البحث في مجال ذكرها، ولكننا حين نتحدث عن الفلسفة في العالم العربيفي العصر الحديث، لا يمكننا الحديثعنهافيالمملكةالسعوديةلسبببسيطومعروفوهوأنالفلسفةلاتدرسإطلاقاًفالمجتمع السعودي في حالة رفض مرتهن، إذ أنَّ الثقافة المسيطرة عليه هي ثقافة محافظة/ منغلقة فرضها المذهب الوهابي المتحجر الذي يرى الفلسفة شرُّ محض، وكفرٌ بواح، يساعده في ذلك القائم السياسي القمعيللنظام في الرياض، فأصبح العقل السعودي لا يحفل بالعقل ولا بالتفكير ولا بالتأمل.
وسنحاول هنا قراءة فلسفة المشروع الأمريكي الاستعماري لاسيما وأن العقل العربي يتأثر بمجريات الأحداث السياسية الحاصلة والمفروضة على أرض الواقع، والممتدة منذ مؤتمر (بازل الصهيوني الأول عام 1897م) ومؤتمر (لندن للأعوام 1905-1907م) التي قضت بتحييد الوطن العربي تمهيداً لتقاسمه.كما أنَّ العقل العربي عان من ضغوط الاتجاهات الفكرية المادية وعلى رأسها الذرائعية والتي أربكته وأشغلته في مواقف ومناهج وفلسفات وأطروحات ليست من صلب مشكلاته لفترة من الزمن.
وقد اختلفت وجهات نظر الباحثين في (الفلسفة الذرائعية) باختلاف مناهجهم، فعدها الدكتور زكي نجيب محمود انعكاساً لديمقراطية أمريكا، والحيادية التجريبية، إذ أنَّها قطفت ثمار الفلسفة (المادية) و(المثالية) وجمعتها بحيادية العقل والطبيعة. أما موسوعة (روزنتال) الفلسفية الماركسية فقد اعتبرتها نزعة مثالية ذاتية جاءت لخدمة الفكر البرجوازي ووضعيته التجريبية المنهجية.
وللفلسفة الذرائعية ثلاثة مصادر: الأول: البراغماطيقية عند (بيرس 1839-1914م)، والثاني: طورها الفيلسوف (وليم جيمس 1842-1914م) مستفيداً من دراساته السيكولوجية، وقد تعددت تعريفات (البرغماتية) عنده ليخفي نزعة ذاتية متطرفة تقوم على تحفيز الغرائز الحيوانية لتترك صاحبها في لهاث وراء الآتي. أما الثالث: فهو ما جاء به الفيلسوف (دور جون ديوي 1859-1952م) ليتحدث عن الذرائعية بمعنى(instrumentalism) وكمذهب يقول: "إنَّ الأفكار وسائل العمل، وإنَّ فائدتها هي التي تقرر قيمتها". وفي البحث عن مهمة الفلسفة الذرائعية لديه سنجدها تتعقب خيوط الصراع الداخلي الذي يسري في ثقافة العصر إلى أصولها، لتضع أمام النظر مصادر القوى التي تتجاذب عقول الناس للسيطرة عليها.
وسنضع هنا سؤالاً مهماً: هل للفلسفة الذرائعية جذور أم أنَّها وليدة اللحظة الحديثة والمعاصرة؟
من المعروف أنَّ التاريخ الأمريكي لا يحمل (القِدم)، والفلسفة الذرائعية ذاتها أهملت (الماضي) لسبب سيكولوجي يتصل بحداثة التشكيل الأمريكي الذي لا يتجاوز القرون الثلاثة الأخيرة من تاريخ المعرفة الإنسانية الممتدة إلى سبعين قرناً، فما جذورها إذاً؟ يقول الدكتور علي حسين الجابري أنَّه بالإمكان إرجاع الذرائعية إلى مصدرين:
-الأول: قديم، يتمثل في نص وصلنا من الألف الأول قبل الميلاد وهو حوارية السيد والعبد، كشف عن فترة سلبية دفعت بصاحبها إلى إنكار القيم، وتضييع مقاييس الخير والشر، والحق والباطل. ويتمثل أيضاً في سفسطائية أثينا ومن زعمائها (بروتا غوراس) و(جورجياس) ممن قالوا بتكثير الحقائق، بعد أن جعلوا الإنسان (الفرد) هو مقياس الأشياء، مستغلين ديمقراطية الأقوياء، داعين إلى قوة المال والجاه والسلطان، جاعلين العلم وسيلة الدهاة في تحقيق المنفعة، فتعلقوا بلذائذ الجسد ودوافع الغريزة الحيوانية، والمنافع الذاتية حتى سماهم (سقراط) بالمتاجرين بالحكمة. كذلك أيضاً تُعد الأبيقورية/الشكية من جذور الذرائعية حيث سلب (بيرونالأيلي ت 275 ق.م) الإنسان كلَّ قدرة على معرفة الحق والحقيقة، أو العلم واليقين، فكان شعار الجميع:" عش ليومك واغتنم كلَّ فرصة متاحة أمامك للحصول على أكبر قدر من اللذائذ وتجنب الآلام والأحزان".
-الثاني: حديث، وهي المصادر التي تعود إلى عصر النهضة والتاريخ الحديث، ويتمثل هذا المصدر في المكيافيلية ورائدها (نيقولوميكيافيلي 1527م) الذي دعا إلى الفصل بين السياسة والأخلاق، والسلطة والدين، والوسيلة والغاية، وجعل الحرب قانون الحياة الدائم، ودعا إلى التسلح وامتلاك القوة والمال، وشجع على التوسع والاحتلال، ورفض التقيد بالمعاهدات والمواثيق، جرياً وراء النفعية والأنانية. الأنانية التي دعا إليها (هوبز ت 1679م) على قاعدة: "الإنسان للإنسان ذئبٌ ضار". كذلك تُعد الليبرالية والتي تنسب الذرائعية نفسها إليها جذراً مهماً من جذور الذرائعية ومصدراً من مصادرها، حين عولت على آراء (لوك ت 1704م) ومنهجه العلمي الذي جعل الفرد مقياس الحقيقة والخير، وتأكد تمسك الأمريكيين بأفكار لوك بإقامتهم وثيقة الاستقلال على فلسفته الليبرالية.كذلك تعد النفعية، من جذور الفلسفة الذرائعية، لنتوقف قليلاً عند الاتجاه الفردي والنفعي لـ(بنثام ت 1832م) الذي يعين الإنسان على تجنب الألم والبحث عن السعادة، إذ أنَّه أقام نظريته على أساس مبدأ التحفيز بعد أن وجد أنَّ ما يحفز الإنسان على العمل دائماً هو رغبته لتحصيل السعادة لذاته الخاصة، وتجنب ما يعرضه للألم. أما التجريبية الإنكليزية الباحثة عن (الثمار والنتائج) النافعة المعبرة عن عقلية تجارية تفتش لها عن فرصة للنمو والاتساع، مثلما تنمو وتتسع الدولة على الصعيد العالمي فجعلت (جون استيوارت مل ت 1873م) واحداً من أهم دعائم الأفكار الأمريكية الذرائعية لاحقاً بعد أن اجتمعت فيه آراء الأب (جيمس مل ت1836م) في ربطه الأخلاق بنظرية التداعي النفسي والتعويل على التربية في تحقيق سعادة الفرد واعتماد الديمقراطية في السياسة.
إن المتأمل الموضوعي في تفصيلات الأفكار الذرائعية يكشف مقدار الرهان على الدهاء في التعامل مع الآخرين ومع الأفكار. إنَّها باختصار خلاصة سفسطة أثينا، ونفعية بنثام، وفردية هوبز، وحرية سمث، وتشاؤمية مالثوس، موضوعة في وعاء الدراسات السيكولوجية الباحثة عن غرائز الإنسان وطاقاته الخفية للخروج منه بأكبر قدر من العطاء العملي ليخدم في النهاية أصحاب المشاريع الكبرى. وثمرة الذرائعية تقول: أنَّ كلَّ شيء عائم، ومنساب، وزئبقي، مسخر لتحقيق النجاح في الحياة، ولا هم للذرائعيينغير التعلق بالمجهول والركض وراء الأحداث والعيش تحت رحمة ما تفرزه من مواقف قد تؤول إلى شيء من اللذة والسعادة والنجاح، عندها تصبح جميع المفاهيم الأخلاقية والمعرفية في دورق الذرائعية الذي يغلي فوق مرجل (الغاية تبرر الوسيلة)، إنَّها فلسفة الأمر الواقع التي تهبط بالفكرة إلى حضيض الواقع الذي لا ينفصل عند الذرائعيين عن (فعل القوة) و(القوي) هو القادر على تحقيق النجاح من خلال اقتناص فرصته من بين براثن الوحوش الرأسمالية الكبيرة، المدفوعة بقانون الصراع والبقاء للأقوى، لأنَّ الأقوى – في نظر الذرائعية- هو الأصلح، أما ملايين الفقراء، وأبناء الشعوب الأخرى الذين يُسحقون بين فكي الوحش الرأسمالي- الإمبريالي- فليفتشوا عن موقف آخر يحقق لهم السعادة المستقبلية وفق المنطق الذرائعي ما دامت القلة الرأسمالية المتنفذة هي صاحبة القوة والمال والجاه والسلطة، والقادرة على تخريب حتى الذوق الفني، والمؤلم حقاً أن قوة السلطة ومؤسساتها الأخطبوطية مسخرة جميعاً لخدمة مصالح هؤلاء الأقوياء، أما إذا عجزت عن تحقيق هذا الهدف فلقد أباحت الذرائعية لأنصارها حق تغيير السلطة لضمان المصالح الخفية والمعلنة لأصحاب القرار القوي. كما أنَّها لا تؤمن بثبات المبادئ، والاتفاقيات، والسياسات التي تقوم على مُثلٍ عليا. إنَّ الذرائعية هي الفلسفة التي تُحرق البخور لأرباب المال ونزعتهم العنصرية الاستعلائية، وما الدعم أمريكا اللامحدود للعدوان الذي يشنه كيان آل سعود على اليمن إلا ترجمة لهذه الفلسفة الاجرامية العنصرية، فالكيان السعودي ليس إلا أداة تستجيب لحلم أمريكا في السيطرة على العالم وسرقة خيرات الأمم لاسيما في منطقة الخليج، لذا كانت منطقة الخليج بشكل خاص، والوطن العربي والإسلامي بشكل عام أكثر تضرراً من المشروع الذرائعي الأمريكي، هذا الفلسفة التي بدا طغيان النزعة الذاتية، والتزييف المعرفي والتاريخي، والنسبية الأخلاقية، والعقلية الأداتية، والازدواجية في الأحكام المعرفية والأخلاقية والسياسية، واضحة نستطيع تمييزها بسهولة إذا ما دققنا في قراءة المشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة،فالمشروعالرأسماليالليبراليالذرائعيقداستغلتفردهفيالساحةالدوليةليعلنعنتعويمديمقراطيةالسوق،واشتراكيةالثروةبينالأثرياءالقادرينعلىالدخولناديالعولمةعنجدارة.ومهماكانالوجهالأمريكيالذرائعيفيالسياسةالجاريةداخلالعالمالعربيلماعاًكانتالثمارالفجةلهذهالذرائعيةالمزيدمنالإيذاءللشعوبالعربيةولمصلحةخصومها،إنَّهافلسفةالسيدالمهيمنعلىمقدراتالعالمالثالث،والكاشفةعننمطالحياةالأمريكيةوحلمالإمبراطوريةالعالميةالتيتبشربنموالذرائعيةالأمريكيةوبرامجهاالتيتتطلبتحقيقسياسةالتابعالذليلللسيدالأمريكيدوناعتبارلحقوقالإنسان التي أصبحت واقعاً عالمياً كما يقول الفيلسوف ريتشارد رورتيوالتيتطلقهاأمريكا، وتجعل منها شعاراً،إلاَّ أنَّهذه الحقوقفيالمنظورالغربيهيحقوقطبقية،وهيثانياًحقوقتنطلقمننزعةمتمركزةحولالذاتالغربية،حيثإنَّالإنسانغيرالغربيغيرداخلفيقاموسأيديولوجيةحقوقالإنسان. بلكانتالأمةهيالضحيةبسببمعاناتهامنغيابهذهالحقوق.وما من شك أنَّ أمريكا تمثل أكبر قوة إعلامية وسياسية، وهو ما يمكنها –كما يحصل دائماً- من إملاء قراراتها على العالم أجمع فيجعلها صاحبة الحقيقة المفروضة على الآخرين، مهما تعالت الأصوات أو الاحتجاجات ضدها.
الفصل الثاني
أمريكا وإسرائيل النزعة العنصرية والاستعمارية
إنَّالنزوعإلىالهيمنةوالسيطرةقديمٌقدمالتاريخ،مستمرباستمرارحركته،تتبدلأسماءالامبراطورياتوالمستعمرينويبقىجوهرالإمبرياليةالقائمعلىالرغبةفيالسيطرةوبسطالنفوذ،بمنطقيقضيبوجوبرفضالسماحلضعفاءهذاالعالمبامتلاكأسبابالقوة، لذا تحث أسفار التلمود اليهود على ذبح الآدميين من غير بني إسرائيل، وتزعم هذه الأسفار أنَّ ذلك أفضل ما يتقرب به اليهودي إلى ربه، وما تقر به عين الإله.كما أنَّه مباحٌ لهم بل واجبٌ عليهم غزو الشعوب الأخرى، والسطو على مقدراتها،وعلينا أن نفرق أولاً بين شيئين الأول: اليهودي: وهو من يؤمن بالعقيدة اليهودية، ونحن هنا لا نعادي اليهودية كديانة سماوية. والصهيوني: وهو من يؤمن بعقيدة سياسية عنصرية استعمارية،ولدىالحديثعنأيديولوجياالاستعمارالجديدلايجوزتحاشيالكلامحولالصهيونيةالتيتشكِّلالأيديولوجياالرسميةللأوساطالحاكمةفيإسرائيلوتعيننهجهاالتوسعيالعدواني. فالكلُّ يعرف العنصرية المتجذرة في العقلالسياسي، والثقافة الصهيونية تجاه الآخر، بل إنَّ التمييز موجود داخل أوساط اليهود أنفسهم، فالصهيونيةليستأيديولوجيافحسب. وهيأيضاًسياسةعنصرية،سياسةتزعُّم،كانمننتيجتهاأنحُرمشعبٌبأكمله- الشعبالفلسطيني- منوطنه،مع أنَّه ليس للكيان الصهيوني أيُّ حقٍ تاريخي في أرض فلسطين،واليومترفضالأوساطالحاكمةالإسرائيلية- بتغاضٍمنالولاياتالمتحدةالأميركية- الاعترافلهبالحقفيتقريرالمصيروإنشاءدولةخاصةبه. وقد سمح اليهود لأنفسهم بارتكاب الموبقات ضد جميع البشر، وامتصوا دماء الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها، وأفسدوا وهدموا القيم والأخلاق، وتدخلوا في جميع حركات العالم السياسية والاقتصادية، وقدأدتْاعتداءاتإسرائيلالمتكررةعلىالدولالعربيةالمجاورةإلىإبقاءالشرقالأدنىعلىامتدادالسنواتالأخيرةإحدىأكثرنقاطكوكبناالأرضيسخونة، وبتأييد تام من جانب الأوساط الإمبريالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبموافقتها تشن إسرائيل منذ زمن حرباً غير معلنة ضد لبنان، وسوريا، ومصر، عاملة بشتى الوسائل على تسعير التوتر عند حدودها البرية والبحرية، لتشن على لبنان عدة حروب آخرها حرباً معلنة بذرائع مكشوفة في تموز2006م.إنَّ وظيفة إسرائيل الأساسية هي العمل على تعزيز الهيمنة والنفوذ الغربيين في منطقة الشرق الأوسط ذات الموقع الاستراتيجي والثروات الهائلة، وكلُّ الوسائل مشروعة لتحقيق هذا الهدف، لتأكيد التفوق الإسرائيلي في المنطقة في مختلف المجالات.
وقد بدأت الصهيونية مشروع الاستيطان كفكرة بتحالف مع أعداء العرب والمسلمين من عنصريين واستعماريين مستفيدة من ثمار حربين عالميتين حققت الأولى مشاريع المستقبل، ونفذت في الثانية جزءاً من هذه المشاريع، ثم راحت بعد الحرب العالمية الثانية تتحرك بشتى الوسائل لإعاقة حركة التنوير العربي الجديد، أو ما يسمى بالحداثة العربية الإسلامية. وقدتصاعدتالنزعةالاستعمارية العنصريةفيسلوكالإدارةالأمريكيةعلىالرغممنمبادئالحريةوالاستقلال ممثلة بالحلم الأمريكي الذي عقَّد الوضع في الوطن العربي بسبب تحالفه مع الحلم الصهيوني منذ مطلع الأربعينات مدفوعاً بفكرة (السوبرمان الأمريكي) الذي لا يغلب والمعبر عن الجندي الكوني المنتصر، هذا الحلم هو تعزيز هيبة الولايات المتحدة في أنحاء العالم كافة لذلك أوصى بإلقاء قنبلة ذرية على الاتحاد السوفياتي السابق أيام الحرب الباردة من أجل تحقيق هذا الحلم،مما يجعل أمريكا أكبر دولة إرهابية في العصر الحديث، فالتدقيق في حجم الكوارث التي تسببت بها السياسات الأمريكية أكبر من هذا التوصيف. ومهما قيل عن النزعة الاستعمارية والاستغلالية المتناقضة مع حق الأمم في تقرير مصيرها وحقوق الإنسان يبقى الأذى الذي لحق بوطننا وبإنساننا أكبر من أن تخفيه جميع مساحيق الرأسمالية عن الذرائعية وتطبيقاتها العملية في الوطن العربي وكان آخرها ما لحق بالشعب اليمني العظيم المليءبالنبلوالشرف، والنقيض تماماً لكلِّ هذا الإجرام الوحشي،وقد تحدث (ليونارد ليوبن) عن العلاقة الطردية بين الفلسفة الذرائعية والنظام الأمريكي السياسي والعسكري في تأجيج الحروب ورفض السلام، حيث يسعى النظام الأمريكي للانتشار السريع لاحتلال منابع النفط في الخليج العربي الذي يغذي معظم الآلة العالمية، لذا عمل على توفير أجواء هذا الاحتلال عملياً منذ السبعينات ثم عززته أثناء الحرب العراقية-الإيرانية ليصل إلى ذروته في عام 2003م بتجمع عسكري مثل أخطر عملية تحشد أمريكية نفعية ضد حقوق الشعوب في المنطقة، أعلنها الرئيس الأمريكي جورج بوش مطلع العام 1991م حين قال:" قاتلنا في الخليج من أجل مصلحة دافع الضرائب الأمريكي، ولتخفيض سعر البانزين، بل ذهبنا إلى الخليج لتصحيح خطأ الرَّب الذي أعطى النفط للعرب" وما العدوان الغاشم على اليمن إلا استكمال للمخطط الاستعماري المعاصر، هذه النزعة الاستعمارية التي يبرر لها الفيلسوف (فوكوياما) تحت ذريعة الحضارة الغربية المشحونة بثورة التقنية وتقدم العلوم، وجميع ما من شأنه تحقيق سيادة الليبرالية ونمط حياة الغرب وأمريكا بخاصة في هدى رؤية (ميكافيلية) تتيح استخدام القوة والحرب والدمار، فبروتوكولاتحكماءصهيونتعلنصراحة:" بغيرالاستبدادالمطلقلايمكنأنتقومحضارة"،وجني ثمارها على حساب دول وشعوب العالم الثالث، فالتاريخ المثمر عنده هو تاريخ العبد النشط كدول أو أفراد، وسيادة الدولة الكونية (الولايات المتحدة الأمريكية) سيكون في محصلته النهائية إعلان عبودية العالم أجمع لها وهي التي سوف تسوق العبيد لاسيما الكيان السعودي لتحقيق أحلامها.
إنَّ تطبيق نظرية العبد النشط على إنساننا العربي يتجلى بتسخير قدراته العقلية والبدنية وسرقة ثرواته، واستثمار مكامن القوة فيه مع الإبقاء على عبوديته وضعفه وتخلفه وفقره، وفي ضوء هذه القسمة يجري تنفيذ المخططات ضد عالمنا المتخلف، الموبوء بالغباء والعاطفة والانفعالات المتطرفة والهمجية واللاعلمية والطيش واللاعقلانية– من وجهة نظر الغرب- فهي صفات كافية لتبرير قتل ملايين البشر كالشعب اليمني، والموت الجماعي في الحصارات والمجاعات وفساد المساعدات الإنسانية والإغاثة المقدمة للأمم المفجوعة بالمخطط الرهيب الذي يبرر استخدام جميع الأسلحة والإجراءات التأديبية للعودة بها إلى بيت الطاعة، هذه هي حقيقة مستقراةمن المصادر الصهيونية نفسها في نظرتها للعقل العربي لاسيما بعد استكمال صفحة العدوان العسكري المدمر والحصار الاقتصادي القاتل ضد أكثر من بلد عربي وإسلامي آخرها الشعب اليمني المقاوم والممانع لمشروع قوى الاستكبار والاستعمار المعاصر في المنطقة. وأخطر ما يهدد الفكر العربي والوطن العربي، هو مخطط تمزيقه وفق مخطط مدروس أعد سلفاً، تعاونت فيه الصهيونية العالمية مع الدول الإمبريالية الطامعة بثروات هذه الأمة، والساعية إلى منعها من النهضة والتوحد والتقدم، وأوضح دليل على ذلك خطة (عوددينون) المسماة (إسرائيل في الثمانينات) لإضعاف العرب فكرياً واقتصادياً وسياسياً ومجتمعياً، ويبقى النظام الأقوى في الشرق الأوسط هو الكيان الصهيوني وحده، حاضراً ومستقبلاً، ومع مطلع القرن العشرين تصاعدت نزعة الاستعلاء والشرور العنصرية بعد التحالف الصهيوني الاستعماري، لنجد فكرة السيطرة والقوة وأدواتها التنفيذية كآل سعود التي توجت برنامجها التجزيئي الاستيطاني ضد إنساننا العربي في فلسطين، والعراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، وغيرها من البلدان العربية والإسلامية. وإطالة أمد الصراع في المنطقة وعدم حل المشكلات المعلقة وعرقلة المساعي السلمية يخدم المخطط الأجنبي الذي بدت أهدافه واضحة، واستكمل مدياته الخطيرة بعد التحالف الأجنبي لصالح دولة إسرائيل الصهيونية. ولنا أن نقرأ بعضاً من شهادات فلاسفة وباحثين محايدين عن الذرائعية الصهيونية، وفكرها العنصري الاستعماري، وتناقضاتها الواضحة في العقيدة والتاريخ، واستخدام أسلوب الخداع، والهدنة، والمصالحة.وقد أماط الباحث الإسرائيلي (إسرائيل شاحاك) عن خطة (عوددينون) التي تهدف إلى تمزيق الأقطار العربية إلى (كانتونات) عرقية ومذهبية وطائفية وإقليمية، كما كشف (شاحاك) المشروع الصهيوني التسليحي داخل أفريقيا ومخاطره على السلام العالمي، بما يثبت عنصرية ذلك الكيان ومحاربته حركة النهضة العربية، وإسناده الأنظمة الديكتاتورية في العالم كنظام آل سعود، ودويلات الخليج.كما أن أمريكا لن تتخلى هي الأخرى عن ابتداع المشاريع في منطقة الشرق الأوسط، فهي تبث الخلاف بين المسلمين بكلِّ ما لديها من قوة. وقد ربط (شاحاك) أيضاً بين (الصهيونية واليهودية) والممارسات القمعية ضد الفلسطينيين من الديانتين المسيحية، والإسلامية، وأسقط الأسسالأخلاقية لجميع قوانين السلطات المحتلة تجاه الشعب الفلسطيني.كما لم يتردد الفيلسوف (جاك دريدا) ذو الأصول اليهودية في فضح السياسات العنصرية لدولة إسرائيل، وانتقادها والحديث عن إرهاب الدولة الذي تستخدمه ضد الشعب الفلسطيني، وطالب بدولة فلسطينية ذات سيادة غير منقوصة على أرض فلسطين. كذلك الباحث (توماس.ل.طومسون) الذي هدم في دراسته (تاريخية إسرائيل القديمة) البناء التاريخي لإسرائيل. وقام الفيلسوف اليهودي (سبينوزا) في رسالته (في اللاهوت والسياسة) بفضح الكثير من المتناقضات التوراتية ليكون مصيره الموت على أيدي اليهود.لقدأصبحالعصرالحاليعصرتهديدمستمربإخمادكلِّمعنىمنمعانيالإنسانية،فيدوامةمفزعةمنحروبالإبادةالجماعية،وأنَّصورةالمستقبلتبدوأشدالتباساًوتشويشاًعلىحدتعبيرالفيلسوف(كارليسبرز). ولا يخفى علينا الأطماع الاستعمارية الكبيرة لقوى الاستكبار العالمي في اليمن لاسيما وأنَّه ذات موقع استراتيجي حساس ومهم، ويتمتع بجغرافية متنوعة، وموار اقتصادية مختلفة تشكل مخزوناً عالمياً كبيراً، وأنَّ ظهور لأيِّ حركة ممانعة أو قوى مقاومة لمشاريع قوى الاستعمار، أو وعي شعبي/جماهيري قد يفسد كلَّ مشاريع الهيمنة على المنطقة، لذا - وبعد فشل كلِّ المخططات- كان لابد من شن حربٍ عسكرية عليه معلنة من واشنطن وفق منهج (الفلسفة الذرائعية)، بذريعة إعادة شرعية حكومة عبدربه منصور هادي المنتهي ولايته، عبر (العبد النشط) الذي جسده النظام الكهنوتي الرجعي (آل سعود).
الفصل الثالث
مملكة آل سعود النشأة والسقوط
إنَّ التاريخ حسب ابن خلدون إنَّما هو حركة انتقال مستمرة، فيرى أنَّ الدولة تمرُّ بثلاث مراحل من النمو، شبيهة بمراحل الكائن الحي، حيث تبدأ بمرحلة الطفولة، ثم بطور الفتوة، فتنتهي إلى الشيخوخة. يقول ابن خلدون:" إنَّما قلنا إن عمر الدولة لا يعدو في الغالب ثلاثة أجيال، لأنَّ الجيل الأول لم يزل على خلق البداوة وخشونتها وتوحشها من شظف العيش والبسالة والافتراس والاشتراك في المجد فلا تزال بذلك سورة العصبية محفوظة فيه" وهذا ينطبق على قيام الدولة السعودية الأولى(إمارةالدرعية) على يد محمد بن سعود سنة(1157 هـ- 1744م)والتيانتهتسنة(1233هـ- 1818م) تبعتهاالدولةالسعوديةالثانية (إمارةنجد) وكانتقدبدأتبعدسقوطالدولةالأولىإلىأنانتهتسنة(1308 هـ- 1891م)لاحقًاجرتمحاولاتلتأسيسدولةسعوديةثالثةفتمذلكعلىيدعبدالعزيزآلسعودسنة(1319 هـ- 1902م)،فأصبحتلاحقًاسلطنةنجدثمبعدذلكمملكةالحجازونجدوملحقاتهاإلىأنأصبحتتحتمسمىالمملكةالعربيةالسعوديةبعدتوحيدجميعأراضيهافيكيانواحد،وكانذلكفي(1351هـ- 23/9/1932م).ولا يفوت ابن خلدون دور البعد العقائدي والعصبية الدينية في إقامة الملك وترسيخه، وسنجد أنَّ محمد بن عبدالوهاب المتوفى (1206هـ-1791م)مؤسسة الوهابية والذيقالعنهاالمؤرخ (ديفيدكومينس):" إذالميتفقأحدهممعوجهةنظرهعنالتوحيدفعليهأنيغيردينهأويموت"، قد تحالف مع آلسعود،حيث التقىبأميرالدرعيةمحمدبنسعود،الذياستقبله، فعرضمحمدبنعبدالوهّابدعوتهعليه فقبلها،وتعاهداعلىحملالدعوةعلىعاتقهم،والدفاععنها،والدعوةللدينالصحيح،ومحاربةالبدع- حد زعمهم-ونشركلذلكفيجميعأرجاءجزيرةالعرب، دخلتالدعوةفيإطارالتنفيذونجحتشيئاًفشيئاًودخلالناسفيدعوةالتوحيدودخلأتباعالشيخمكةوأرادواأنيخلصواالدينمنالبدعفهدمواكثيراًمنالقبابالأثريةفيمكةكقبةأمالمؤمنينخديجةبنتخويلدوقبةكانتعلىالمكانالذيولدفيهالنبيوقبةمولدأبيبكروالإمام علي. وفيالمدينةنهبواالحليوالزينةالموضوعةعلىقبررسولاللهمماأثارغضبكثيرمنالناسوبررغضبهمرغبةمنهؤلاءالناسفيالحفاظعلىمعالمالتاريخولأنَّقبرالرسولرمزللعاطفةالإسلاميةوقوةدولةالمسلمين. في المقابل فإنهيُمنعمنعاًباتاًالاقترابمنحصن (كعبالأشرف- رأساليهود) إذوضعآلسعودلوحةتحملمرسوماًملكياًبحفظهذهالآثاروتحذرمنالتعديعليها،ومنتجرأفسيكونتحتطائلةالعقوباتالواردةبنظامالآثاربالمرسومالملكيرقم (و/26) بتاريخ (12/6/1392هـ).
أما الجيل الثاني فيقول عنه ابن خلدون:" تحول حالهم بالملك والترف من البداوة إلى الحضارة، ومن الاشتراك بالمجد إلى الانفراد الواحد به، فتنكسر فيهم سورة العصبية بعض الشيء" ولا يخفى علينا ما حققته الطفرة النفطية من ترف للمملكة السعودية وبالخصوص أسرة آل سعود جعلتها تعيث في الأرض فساداً ، ليزول هذا الكيان/ الدولة تماماً في الجيل الثالث، جيل السقوط، والترف ونسيان البداوة وشظف العيش، فيصيرون عيالاً على الدولة، ومن جملة النساء والولدان المحتاجين للمدافعة عنهم، إذ يتزايد عوائد الترف لديهم مما يؤدي إلى ضعف الدولة وانقراضها، وهذا الجيل هو جيل محمد بن سلمان الرأس المدبر والمنفذ للعدوان الغاشم على اليمن في 26/آذار/2015م. ولا يخفى علينا أيضاً ما يتمتع به هذا الجيل من الفساد الأخلاقي والديني، والترف المادي الهائل الذي كان من آثاره حرمان شعبنا العربي في نجد والحجاز من أبسط حقوقه المعيشية، وقد غلب على أمراء هذا الجيل تعاطي المخدرات، والشذوذ الجنسي، والفساد المالي والإداري، استدعى هذا الجيل قرابة أربعة عشر دولة بل العالم بأكمله ليشن عدوانه على اليمن، وبمعنى قول ابن خلدون أيضاً: وهم في الأكثر أجبن من النسوان على ظهور الخيل، فإذا جاء المطالب لهم لم يقاوموا مدافعته فيحتاج صاحب الدولة [الملك سلمان وابنه] حينئذٍ إلى الاستظهار بسواهم من أهل النجدة [قوى الاستعمار العالمية والمرتزقة من أنحاء العالم] ويستكثر بالموالي [ الخونة ومؤيدي العدوان وعصابات عمر البشير] ويصطنع من يغني عن الدولة بعض الغناء [مثل القنوات الإعلامية الخليجية كالجزيرة والعربية والحدث وغيرها] حتى يتأذن بانقراضها فتذهب الدولة بما حملت.
ولسقوط كيان آل سعود عاملان رئيسان الأول داخليتمثل في كبت الحريات، والقمع، والتمييز بين المواطنين من أبناء نجد والحجاز ولنأخذ مثالاً على ذلك سكان منطقة نجران الذين يعانون من تمييز عنصري على اعتبار بأنَّهم أقرب إلى الثقافة والبيئة والطبيعة اليمنية بل إنَّ نجران عبر تاريخها يمنية الأصل، كما يعاني أهل نجران من تمييز مذهبي لكونهم إسماعيليين، فيتم النظر إلى مساجدهم على أنَّها معابد، كما قال مشعل بن عبدالعزيز أمير نجران في مقابلة أجراها مع صحيفة الحياة المملوكة لأسرته في 4/يناير/2005م. وحسب التقارير الحقوقية لاسيما منظمة (هيومنرايتسووتش) فإنَّ الإسماعيليين في نجران مواطنون سعوديون من الدرجة الثانية، كما قال (جو ستورك) نائب شؤون الشرق الأوسط في المنطقة أنَّ السعودية تدعو للتسامح الديني في الخارج ولكنَّها تُعاقب بصورة منهجية أبناءها المنتمين للطائفة الإسماعيلية بسبب معتقداتهم الدينية. كما أنَّ سكان نجران وجيزان وعسير محرومون منذ عقود من دخول الجامعات والمعاهد ومراكز التدريب العسكري. وليس الأمر ببعيد عن منطقة القطيف التي يمارس ضدها القمع والتمييز كان آخرها إعدام المرجع الديني للشيعة في القطيف (نمر باقر النمر) في 2/يناير/2016م على خلفية مذهبية وسياسيةغطاها النظام القمعي السعودي بذرائعية الإرهاب والتحريض. كلُّ هذا سيؤدي بالضرورة إلى زعزعة النسيج الاجتماعي في نجد والحجاز/السعودية، وسيضر بالأمن العام، وتضطرب معه الحياة، تدخل المملكة على إثره في فوضة وثورة شعبية تسقط ملك آل سعود.
أما العامل الثانيفهو العامل الخارجي، المتمثل فيما تمارسه مملكة آل سعود من سياسات تعسفية وغير أخلاقية بدأته منذ نشأتها بالوقف في وجه المشروع القومي العربي، وتخليها عن أرض فلسطين، والمساعدة على احتلال العراق، وتدمير سوريا، وتمزيق السودان، والتدخل في عدم استقرار الصومال، ومساعدة إسرائيل في حرب لبنان في تموز2006م، وزعزعة الأمن في ليبيا، وإثارة الفوضى في مصر، وقمع شعب البحرين، والتدخل في شؤون اليمن لأكثر من خمسة عقود، وقتلالزعيماليمنيإبراهيمالحمديفي 11/أكتوبر/1977م والوقوف في وجه مشروع الوحدة اليمنية عام 1990م،والسطوعلىخيراتاليمنبطريقةغيرمباشرةمنخلالشراء الذمم، ومنع النهوض باليمن اقتصادياً وسياحياً وثقافياً واجتماعياً وعسكرياً، لتستخدم آخر ورقة لديها وهي إعلان الحرب على اليمن في 26/آذار/2015م بذرائعية مكشوفة ومفضوحة تمثلت في: إعادة الشرعية عبدربه وحكومته، ومساعدة الشعب اليمني وتخليصه من المد الرافضي/المجوسي/الإيراني. وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال: هل يستحق هادي وحكومته أن تبذل مملكة آل سعود كلَّ هذه المليارات لإعادة شرعيته؟ هل فعلاً تحبُّ السعودية الشعب اليمني إلى هذا الحدّ الذي يجعلها تقوم بضربه بالطائرات؟. لاندريإلىأيِّحدوصلالعملالتآمريضدالأمةومكتسباتهامنقبلالنظام في الرياض، الذيجعل منالسيفشعاراًلدولتهالقمعيةوالرجعية. إنشعارالتوحيدالمكتوبعلىالرايةالوطنيةلآلسعودلميمنعهممنارتكابمايخالفذلكالشعارمنقمعوتنكيلبأبناءوطنهموالعبثوالتخريببالأوطانالأخرىساعدهمفيذلكالنفطوالأموالالطائلةالتيجعلتلعاببعضالقادةالعربالمرتزقةوالأغبياءيسيللإرضاءالكيانالصهيونيوالولاياتالمتحدةوتنفيذ مشروع القوى الاستعمارية المعاصرة وتنفيذاً لفلسفتها الذرائعية، منذقيامالمملكةالسعوديةوهيفيقمقمالتبعيةلقوىالاستكبارالعالمي،تبعيةشملتْكافةالمستوياتالفلسفية والثقافيةوالأخلاقيةوالاقتصاديةوالسياسية. فعلىالمستوى الفلسفي وبالرغم من محاربتها للفلسفة إلاَّ أنَّها قائمة على الذرائعية الغربية، أماالثقافيفقد سقطتْالمملكةوملوكهافيأحضانثقافةهشةغيرقادرةعلىصنعحضارةأوبناءمستقبل،هذهالثقافةلاتقدمأكثرمنالمظاهرالاستهلاكيةوناطحاتالسحاب،ومظاهرالترفالتيأفقدتْالملوكإيمانهمبذواتهم،واعتدادهمبإنسانيتهم،لدرجةجعلتْالفكرالثقافيوالدينيوالعلميللملكةقائماًعلىالرجعيةوالتخلفوالجمود،يستأثربكلِّشيء،ويلغيماعداه،أماعلىالمستوىالأخلاقيفالمملكةلاتمتلكأيبُعدٍإنسانيمنخلالتعاملهاعلىمستويين: الأولتعاملهامعشعبالجزيرةالعربيةفي (نجدوالحجاز) علىأنَّهتابعٌتملكهوتملككلَّمواردهوخيراتهلدرجةأنَّهاطمستْهويتهوأسمتهبالشعب (السعودي) مجردةًإيَّاهمنأهمحقوقه: حقالهوية. أماعلىالمستوىالخارجيفهيلاتحترمحقالجوار،ولاتلتزمبالأعرافالدولية،ولاتنصاعللقوانينالعالميةوالمتفقعليهافتدخلتْفيشئؤونكثيرمنالدولالعربيةوالإسلاميةفأفسدتهاوأقلقتالسكينةالعامةوأحدثتْاضطراباتومشكلاتعجزالعالمعنمعالجتها. ويُعدعدوانهاالسافرعلىاليمنجزءاًمنإفلاسهاالأخلاقي،وسوءالجوارالذيتفتقدفيه إلىأبسطثقافة. أماالمستوىالاقتصاديفلايخفىعليناعائداتالنفطالتيتصبُّفيبنوكالغربفيحينأنَّالعالمالعربيوالإسلامييرزحتحتالجهلوالفقروالمرض،ليبنيالغربُكلَّمقوماتهوحضارته،وينطلقبتكنولوجياالعصربأموالالشعوبالعربيةالتياستأثربهاملوكالجوروالطغيان،معالعلمأنَّالملكأوالأميرلايستطيعسحبأيِّمبلغٍنقداًبلعليهالاستمتاعبهذاالمبالغُفيفنادقأوروبيةومنتجعاتسياحيةأمريكية،وأخذمايُريدمنمظاهرالترف،والبذخ،والترويحعنالنفسفيالباراتالفرنسية،ولابأسفيسحبمبالغلدعمالإرهابوالقوىالرجعية،واستخدامهافيتنفيذمشاريعتفتيتوتقسيمالمنطقة،وتدميرحضارتهاوتاريخها،وتأمينإسرائيلوالسهرعلىراحتها. أماعلىالمستوىالسياسيفلايستطيعونالاستقلالالسياسيعنتوجهاتقوىالاستكبار،فهمأذنابقوىالاستعمارفيالمنطقة،وأداةمنأدواتها،لايرونإلاماتراه، وفكرةالحربعلىاليمنضاربةبجذورهافيوعيقوىالاستكبارالعالميعبرأدواتهافيالخليجلاسيمابعدأنخرجاليمنعنمشروعهاالتآمري،وتحررمنالوصايةوالتبعيةوالارتهان،واستقلَّبقرارهالسياسي،وحسبناأننتتبعخيوطالمؤامرةعلىمُقدَّراتهذاالبلدمنذالاحتلالالبريطانيعام 1839م،وظهورآلسعودعلىمسرحالأحداث،حيثعملتبريطانياعلىتمزيقاليمنوتقسيمهإلىسلطناتصغيرةمتناحرةلتستفردبثرواتهوخيراته،فكُتبلهذاالمشروعالاستعماريالسقوطوالفشلعلىيدأبناءالشعباليمنيالذيعبَّرعنرفضهللغزاةالمحتلينبكفاحهعلىكافةالمستويات،وبإمكانياتبسيطةمقارنةبإمكانياتالعدوالغازي،فاستطاعالشعباليمنيإسقاطهبثورتهالمباركةالتياندلعتْفي 14/أكتوبر/1963م. وإخراجآخرجنديبريطانيفي 30/نوفمبر/1967ممنأرضالوطن،إلاَّأنَّمشروعالقوىالاستعمارية -وعلىرأسهابريطانيا- لميعرفالكلل،فسلَّمإلىالقوىالسياسيةالعميلةفياليمنمشروعالتقسيمتحتعنوانأكثرجاذبية(تقسيماليمنإلىستةأقاليم)،لتقومقوىالعمالةوالارتهانبمحاولةتمريرهذاالمشروعوتنفيذهليُكتبلهالسقوطوالفشل-أيضاً- علىيدأبناءالشعباليمنيالمقاومفيثورة 21/سبتمبر/2014م.
ومهما كانت درجة عدالة أيُّ قضية فإنّها لا تبرر اللجوء إلى الحرب، لاسيما وأنَّ اليمن لم يعتد بأيِّ حالٍ من الأحوال على المملكة السعودية، إلاَّ إنَّ هذا الإجرام سيساعد في تسريع سقوط المملكة.
قائمة المراجع
1-ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد. المقدمة. تحقيق: هيثم جمعة هلال. مؤسسة المعارف. بيروت- لبنان. الطبعة الأولى: 1428هـ- 2007م.
2-الإبراهيم، بدر. حديث الممانعة والحرية. المركز الثقافي العربي. الطبعة الأولى:2012م.
3-أدبياتمؤتمرالحقفيالمواطنةالمتساويةالأقلياتفياليمن (الإسماعيليونأنموذجاً). الدار المحمدية الهمدانية للدراسات والبحوث. فندق إسكاي هوم. اليمن- صنعاء. 7-8/أبريل/2012م.
4-أدونيس. الثابت والمتحول. دار الساقي. بيروت-لبنان. الطبعة العاشرة: 2011م.
5-البازعي،سعد. وآخرون. أوراقفلسفية. المركزالثقافيالعربي،والناديالأدبيبالرياض. الطبعةالأولى:2012م.
6-الجابري، علي حسين. الحضارة المعاصرة من الضرورة إلى الصيرورة. دار الفرقد. سورة-دمشق. الطبعة الأولى: 2010م.
7-الحوثي، السيد حسين بدر الدين. خطر دخول أمريكا اليمن. محاضره ألقاها في 3/2/2002م. اليمن- صعدة.
8-القوطاري، ثابت. قادرون على الصمود وصناعة الانتصار. مجموع مقالات حول العدوان نشر بعضها في الصحف. مسودة. 2015م.
9-الهاجري، يوسف. البقيع، قصة تدمير آل سعود للآثار الإسلامية في الحجاز. مؤسسة البقيع لإحياء التراث. لبنان- بيروت. الطبعة الأولى: 1411هـ- 1990م.
10-الوقيان، شائع. قراءات في الخطاب الفلسفي. مؤسسة الانتشار العربي، والنادي الأدبي بحائل. بيروت-لبنان. الطبعة الأولى: 2011م.
11-النملة، علي إبراهيم. الموسوعات الفردية المسيري أنموذجاً. سلسلة كتاب المجلة العربية174. السعودية. جمادى الآخرة 1432هـ - مايو 2011م.
12-أمريكا في فكر الإمام الخميني. دار الولاية للثقافة والإعلام.
13-بورادوري، جيوفانا. الفلسفة في زمن الإرهاب، حوارات مع يورغنهابرماس وجاك دريدا. ترجمة وتقديم: خلدون النبواني. مراجعة: فايز الصيّاغ. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. بيروت. الطبعة الأولى: حزيران/يونيو 2013م.
14-بيتر، تشارلز آر. فكرة حقوق الإنسان. ترجمة: شوقي جلال. كتاب سلسلة عالم العرفة (421). دولة الكويت. فبراير 2015م.
15-خاليبوف، زوباريف. الدفاع عن الوطن قضية شعبية عامة. دار التقدم موسكو. 1982م.
16-ديورنت، ول. قصة الفلسفة. ترجمة: فتح الله محمد المشعشع. مكتبة المعارف- بيروت. الطبعة الخامسة: 1405هـ-1985م.
17-رسل، برتراند. حكمة الغرب. ترجمة: فؤاد زكريا. كتاب سلسلة عالم المعرفة(363). دولة الكويت. يوليو 2009م.
18-صحيفة (لاء)العدد(13). الأحد، 17/يناير/2016م.
19-فيشر، ديفيد. الأخلاقيات والحرب. ترجمة: عماد عواد. كتابسلسلةعالمالمعرفة(414)دولةالكويت. يوليو 2014م.
20-كار، وليام غاي. أحجار على رقعة الشطرنج. ترجمة: سعيد جزائري. دار النفائس. الطبعة الثامنة عشر:1434هـ- 2013م.
21-وافي، علي عبدالواحد. اليهودية واليهود. نهضة مصر. الطبعة السادسة: 2008م.
22-يتيم، محمد. في منهج التغيير الحضاري. مؤسسة دار الانتشار العربي، ومركز صناعة الفكر. الطبعة الأولى: 2012م.
الباحث في سطور
- ثابتمحمدصالحالقوطاري، منمواليدمديريةصعفان 1986م.
- بكالوريُوسفيالأدبالعربي.
- عضوالاتحادالعاملشباباليَمن .
- عضوناديالقصةاليمنية (إلـمقه).
- عضومستشارمؤسسةبيتالشعراليمني.
- عضو مستشار مؤسسة شهرزاد الثقافية.
- عضومؤسسللجبهةالثقافيةلمواجهةالعدوان.
- المسئولالثقافيلجمعيةحياتناللثقافةالبيئيةوالتنمية.
- مسئولالأنشطةوالبرامجلمؤسسةالهمدانيللدراساتوالبحوث (الدارالمحمدية).
- عضولجنةتحكيمالقصةلمسابقةمكتبالثقافةبأمانةالعاصمةلعام 2012م.
- عضولجنةتحكيمالقصةلمسابقةناديالقصة (إلمقه) للفصلالثاني 2013م.
- عضولجنةتحكيمالقصةلمسابقةالمولدالنبويالشريف،الذكرىالسنويةالثانية 1437هـ.
- شاركفيالعديدمنالفعالياتالأدبيةوالثقافية،والدوراتالتدريبية.
- لهعددمنالدراساتالنقدية،والمقالاتالفكريةوالاجتماعيةوالثقافيةوالسياسية،نشرتبعضهافيالصحف،والمواقعالإلكترونية.
- عملأستاذاًللغةالعربيةبمدرسةاللغاتالنموذجية.
•صُدر له:
-القصيدة المفيدة في إيضاح ملغز القصيدة. تحقيق وتقديم.
• تحت الطبع:
-مجدلية الياسمين (رواية سيرية).
•العنوان:
الجمهوريةاليمنية – صنعاء
T- 733205994
thabt.alqwtary.comF-
E- thabet52@hotmail.com