لم يكن اغتيال المخرج العالمي السوري مصطفى العقاد (مخرج فِلم الرسالة) إلا دليلا على أن أعماله السينمائية قامت بتوصيل الكثير من الحقائق إلى الشعوب بشكل فني بديع و سلس إستطاع به أن يُقْنِعَ كل من تقززوا و نفروا من دعاة الصراخ المتنطع و اللحى البشعة ، فكان العقاد هو الداعية الأعظم بعمله الجبار فِلم (الرسالة) الذي يحكي جوانبا من سيرة الإسلام و حياة الرسول الأعظم صلوات الله عليه و آله ، لهذا قام أعداء الحق و السلام و الحرية بقتلِ العقّاد ،
و كانت أغنية (حاميها حراميها) للمطربة التونسية ذكرى موجعة للغاية للظالم و سببا كافيا لاغتيالها و تلفيق الفضائح لها حتى بعد استشهادها ، و كانت رسوم الفنان الفلسطيني ناجي العلي التي انتقد فيها المحتل الصهيوني و امريكا و النظام السعودي ، هي السبب الذي حكم على العظيم ناجي العلي بأن يرتقي شهيدا و تخلد روحه و رسوماته ، و ها هو المخرج السوري إسماعيل نجدت أنزور يجعل آل سعود يدفعون مئات الملايين من الدولارات لشركة يوتيوب كي تَحذفَ و ترفض تنزيل فِلم أنزور السينمائي (مَلِكُ الرّمال) و الذي يحكي سيرة القتل و الإجرام لعبد العزيز آل سعود و ما ارتكب من جرائم بحق قبائل شعب الجزيرة العربية و كيف تحالف مع البريطانيين ، ذلك العمل الفني الذي ما زال كابوسا قاتلا يؤرق منامات أبناء و ذرية عبد العزيز بن سعود ، و ما هذه إلا أمثلة حقيقية و تاريخية تترجم جدوى و أهمية الفن و السينما الذي لم يفكر بها أحد من أصحاب القرار في بلادنا حتى في هذه الفترة التي نواجه فيها غطرسة أمريكا و بعران الخليج و صمت المجتمع الدولي .
للمرةِ الألف سأقولها : يجب علينا أن نخدم قضيتنا بالفن الذي بدوره سيخدمها و يوصلها إلى كافة الشعوب ، يجب علينا أن نهتم بـ و نتجه إلى الشعوب في أوروبا و آسياااا بأعمال فنية بسيطة جدا و غير مكلفة يا جماعة.
سنعي جيدا إذا ما تأملنا بأنّ فن السينما هو الأسرع في توصيل القضايا إلى العالم ، إلى الشعوب و إلى القلوب ، بغض النظر عن الإيدلوجيات و الأهداف و اختلافاتها ، في الأخير تصل الفكرة إلى أكبر عدد من الناس .
و أمام قضيتنا و ما يتعرض له شعبنا و وطننا من عدوان سعودي أمريكي ، رأينا كيف كان للفن وجود جزئي أضاف صمودا إلى الصمود ، فالزاملُ و النشيد و الاشتغالات الأوسع كالأوبريتات الغنائية شكلت جبهة فنية قوية في وجه العدوان و الغزو فاضحةً الكثير من جرائمهم و هزائمهم التي يحاول إعلام المعتدين و مالهم طمسها .
الصورة و المقالة و الإنترنت و التقارير الإخبارية التلفزيونية كلها تتحدث و تَفضحُ و توثق و لكنها لا تصل إلا في محيط و إطار محدد ، و دورها ضروري للغاية ، لكننا رأينا كيف أن حملات التويتر و الهاشتاجات المُواجِهة للعدوان تلعب دورا أكبر من الوسائل الاعلامية و الصحفية بالنسبة لتوصيل مأساة الشعب اليمني و إجرام حلف المعتدين إلى كافة شعوب الأرض .
إذن ، ماذا لو بدأنا بتفعيل خيار استراتيجي جديد و هو اشتغال و عمل أفلام سينمائية تمثيلية قصيرة ، تحكي الواقع و تتبنى القضايا بكل نواحيها و جوانبها ، عمل بأبسط الوسائل المتاحة و الممكنة و بإستيفاء لشروط المهرجانات السينمائية العالمية بحيث يتم المشاركة بها في تلك المهرجانات و مجرد المشاركة تكفي لعرضها بشكل مستمر في عدة مدن .
لن نحتاجُ هنا إلى كاميرات سينمائية .. هناك كاميرات احترافية تفي بالغرض ، و هناك برامج مونتاج تحول الصورة إلى صورة سينمائية ، نحتاج فقط إلى سيناريوهات تتبنى القضية و تعرضها بقالبٍ درامي تمثيلي و صورة سينمائية تؤهل الأعمال لأن تكون مُنافِسة ، نحتاجُ أيضا إلى وعي بدور الفن و فاعليته - بالمناسبة .. الدول المنتجة للسينما توظفها لخدمة ما تشاء إما الشعوب أو الجيوش و الحروب أو السياسات ، و مثال على ذلك دعم البنتاجون الأمريكي لهوليوود التي بدورها تقوم بتزييف الحقائق لمصلحة مؤسسات الإرهاب الصهيوأمريكية - ، كما نحتاجُ إلى لجنة فنية من الكفاءات للبدء بالعمل المنظم و الاستفادة من خبرات و مهارات و إبداعات الشباب الذي يتعطش لخدمة الوطن .