عام من العدوان بين الصبر و النصر.. بين الآلام و الآمال .. بين من غَدرّوا و من غُدِرُوا .. بين التعدي و التحدي.. بين الأشرار و الأحرار....... و رغم كل شيء انتصرنا و هم خَسِروا الرهان.،،
مر عام على وطني الحبيب لكنه ليس كأي عام، عامٌ من الدمار، عامٌ أُجريت فيه الدماء كالأنهار.. دماء طاهرة زكية ليس لها ذنب سوى أنها تاقت إلى الحرية.. عام هو الأسوأ في تاريخ البشرية، عام جعل العالم يرتدي ثوب الحزن و الحِداد حتى لو ادّعى الصمت و غض الطرف عن الإجرام و الفساد..
كانت الصدمة في بدايتها قوية كوحشية العدوان و دمويته ، ففي يوم السادس والعشرين من آذار قبل سنة تفاجأ الشعب اليمني المسلم المسالم بما يُسمى بعاصفة الحزم و التي بدأت أولى جرائمها على الأحياء السكنية و سقط أول الضحايا من المدنيين في حالة من الذهول مما حصل؛ لكن توالت بعدها الصدمات سِراعاً لِتُأكد أن هناك أشخاصا قد باعوا أنفسهم و إنسانيتهم من أرباب التكبُر و الإستعمار و هم أيضاً من دفعوا ثمن العمّالةِ و الصَغار ،و لكن للأسف تحت مُسمى الدين و الإنسانية،
و أعتقد أرباب المال أنه بإستطاعتهم إسكات العالم و شراء الذمم و هذا ما حصل فعلاً و لِأجل أموالهم التي كانت تُدفع بسخّاء تسابق الكثيرون و هم يلهثون وراءها ليبيعوا إنسانيتهم في سوق النخاسة و لا عزاء على الجبناء؛
و هكذا أصبح أولائك البعران من حكام الخليج و من تحالف تحت لوائهم مطية و أداة قذرة بيد أمريكا تستخدمها للقتل و الإجرام و تحقيق أهدافها التدميرية و الإستعمارية لشعوب المنطقة ابتداءً من سوريا و ليبيا و العراق و ليس انتهاءاً في اليمن تحت مخطط الشرق الأوسط الجديد،
فقد ابتعد أولائك الملوك و الأمراء و من تحالف معهم من الأعراب الذين هم أشدُّ كُفراً و نفاقاً عن نهج الإيمان و عن عبادةِ الديّان إلى عبادة الأمريكان و من ورائهم من الصهاينة يقدمون لهم دماء المسلمين قرابين و يضعون تحت أقدامهم أموال شعوبهم صاغرين علَّهُم يرضون عنهم و عن عمالتهم و خيانتهم لله و لدينه و لأوطانهم و أوطان المسلمين..
بِأموالهم أخرسوا العالم و منظماته المُتشدِّقة بإسم الإنسان و الحرية و جاوزوا كل الحدود بأبشع الجرائم على مرِّ التاريخ و التي يندى لها جبين الإنسانية، لكنهم لم يقدِروا بكل ما يملكون من أموال و من تواطأ العالم معهم أن يُركِّعوا شعب الحكمة و الإيمان، الذي أعلن التوحّد و الصمود، و الصبر حتى النصر و حطَّم بإرادة الله و إرادته كل القيود..
بأعتى و أفتك الأسلحة المحرمة دولياً تم قصف محافظات اليمن كلها بدون استثناء و هم يخيفون الآمنين في مدنهم و قراهم و يحصدون أرواح الأبرياء من أطفال و شيوخ و نساء ليل نهار و يدمِرون بيوتهم و مساكنهم فوق رؤوسهم، و بكل حقد استهدفوا المساجد و الأسواق و الأعراس و حتى الصيادين في البحر ليتحول من لونه الأزرق إلى اللون الأحمر القاني و ليشهد إلى جانب الأرض التي قُصِفَ كل شيء فيها و السماء التي تئن من طائراتهم و وحشيتهم في كل وقتٍ و حين على أبشع عدوان عرفه الإنسان،
قصفوا و دمروا كل شيء و لم يتركوا بنياناً قديماً و لا حديثاً إلا أحالوه إلى نيران مشتعلة كتلك التي تضطرم بداخل نفوسهم الخبيثة و عمدوا إلى تدمير آثار عمرها مئات و آلاف السنيين من لا تاريخ لهم و لا حضارةً..
و هكذا طوال عام حتى دمروا البنية التحتية لليمن بشكل كامل و بلغ عدد الشهداء و الجرحى إلى الآلاف جُلهُم من الأطفال والنساء، و حاصروا شعباً بأكمله جواً و براً و بحراً على مرأى و مسمع من العالم، و إلى جانب هذه الحرب الضروس التي شنوها كانت ولا تزال هناك حرب إعلامية لا تقل شراسةً ولا ضراوة عن آلتهم العسكرية اعتمدوا فيها على الزيف و التضليل و الكذب و تزييف الحقائق و التعتيم على جرائمهم التي تتبرأ منها حتى الشياطين..
لكن و على الرغم من كل تلك الجراح و الآهات كانت هنالك الأفراح و المسرات التي أثلج بها الأحرار من رجال الرجال الشرفاء من أبناء الشعب اليمني من الجيش و اللجان الشعبية قلوب المكلومين و الذين توجهوا إلى كل ميادين الفداء و التضحية و جبهات العزة والكرامة ليسطروا بأسلحتهم البسيطة و الشخصية أروع آيات النصر و أعظم معاني الشموخ و الفخر أمام أعتى الأسلحة و أفتكها و أمام تحالف عالمي و تكالب أممي، صمدوا أمامه أيما صمود و حققوا بطولات لن تُنسى في تاريخ الوجود،
ستذهب أمم و تأتي أمم و التاريخ لا يزال يكتب عنهم و عن أمجادهم و بطولاتهم،
ستجف الأقلام و ستمتلأ الدنيا كُتباً و كتابات و لَمَّا ينتهي الحديث عنهم،
وستنتهي كل الحضارات إلا حضارةً صنعوها بدمائهم و سطروها ببطولاتهم هؤلاء هم
رجال الله الذين بهم انتصرنا و عليهم بعد الله نراهن.
و بعد عام من العدوان البربري الوحشي الذي فاق كل الوصف في الإجرام و جاوز كل الحدود في الإنحطاط البشري و بعد عام من الصبر المكلل بالنصر كان العالم على موعد مع اليمانيين الذين خرجوا إلى ساحة العز والكرامة عصر يوم السبت الموافق السادس و العشرين من آذار، خرجوا جميعاً على قلب رجل واحد كطوفانٍ بشري هادرٍ مُزلزل، خرجوا رجالاً و شيوخاً و نساء و أطفال حاملين معهم آلام سنةٍ كاملة رافعين صور شهدائهم الأماجد الأبطال ، و صور القصف و الدمار، لكنهم لم يأتوا ليعلنوه حِداداً ولا عزاء بل يوم عيد ٍ و مجد قهروا فيه طواغيت العالم و انتصروا فيه على الأعداء.
جاؤوا من محافظات و مناطق مختلفة بمختلف أعمارهم و أجناسهم و انتمائاتهم و مكوناتهم إلى عاصمة الصمود ليس ليقولوا أيها العالم أما يكفيك قتلاً فينا و دمار و تجويعاً فينا و حصارفقد تعبنا،
بل احتشدوا جميعاً في منظرٍ مهيب يعجز اللسان عن وصفه ترتج له الأرض و تهتز له السماء ليقولوا أيها العالم سواءاً علينا أنطقت أم كنت من الذين لا ينطقون انظر إلينا فقد انتصرنا.
نعم صبرنا و تحدينا و صمدنا و واجهنا و انتصرنا و ها هي أرواح الشهداء تملأ السماء و دمائهم الزكية تُعطِر الأرجاء و تقول لنا أن بُورِكتُم و بُورِكَ سعيكُم إنه كان مشكوراً، و نحن نرد عليهم و نقول ناموا أقراء الأعين فإن دِمائكُم الطاهرة لن تذهب هدراً و لن يسلم من ظلمكم و أزهق أنفسكم الطاهرة طُغياناً و كِبراً.
جئنا بعد عام من العدوان لنقول لكَ أيها العالم أنت تعرف حجم مظلوميتنا و لو سكت عنها، و تعرف حجم صمودنا و لتعرِفه أكثر من خلال هذا الخروج المُشرِّف لليمن و اليمنيين، جئنا بحجم اليمن و بحجم الصبر و بحجم النصر لنجدد العهد للوطن و للشهداء بأنَّا قد انتصرنا فلتسمع و أنَّا لغير ِ الله لن نركع؛؛؛