فجراً، يتسلل جندي مصري إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعمق كيلومتر ونصف. يقتل جنديين صهيونيين (جندياً ومجندة). يبقى في المكان أربع ساعات. بعد وصول تعزيزات صهيونية إلى المنطقة لتفقد الجنديين بعد انقطاع الاتصال معهما، يعود الجندي المصري إلى فتح النار من جديد، فيقتل جندياً ثالثاً، ويشتبك مع قوة صهيونية قبل أن يرتقي شهيداً.
في كيان العدو إجماع على أن ما جرى ضربة موجعة، بغض النظر عن خلفية العملية، فعين المؤسسة الأمنية والجيش على الحدود، حيث يتحدثون عن أمنها وأمانها. لكن ما جرى يبين أنها هشة وعرضة لتسلل أي فدائي وتنفيذ عملية أخرى.
في مصر، رواية الجيش غير مقنعة للجمهور، حتى العدو لم يقبلها، تحدثت عن مطاردة عناصر أمنية لمهربي مخدرات واشتبكت معهم، وخلال الحادث قُتل ثلاثة جنود صهاينة.
بغض النظر عما قاله جيش العدو، الذي لم يحدد حتى الساعة وخلفية العملية، وبغض النظر عن الراوية المصرية، فإن مؤشرات العملية تدل على أنها فدائية.
ليس منطقياً أن يكون الجندي المصري يطارد مهربي مخدرات منفرداً. وإن كان ضمن قوة، فلماذا يعبر إلى داخل الأراضي المحتلة ويقبع هناك ساعات وينفذ ثلاث عمليات إطلاق نار؟!
والأهم: هل يمكن تنفيذ عملية مطاردة مهربي مخدرات يريدون العبور إلى الأراضي المحتلة، دون تنسيق بين الجانبين المصري و»الإسرائيلي»؟!
لا شك أن في «تل أبيب» والقاهرة، ومن خلال إعلان التنسيق وفتح تحقيق مشترك لكشف ملابسات ما جرى، ثمة ما لا يريد الطرفان إخفاءه أو نفيه أو العبور عليه.
ما يمكن ملاحظته وفق التقييم الأولي أن تلك العملية كشفت التالي: هشاشة حدود اعتبرها كيان العدو آمنة، وسوء تنسيق بين الطرفين في منع أي عمل فدائي يعبر من «الحدود»، وفشل في تقديرات العدو حول الوضع على الحدود الفاصلة بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن اهتمام العدو منصب على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ويركز جهده هناك.
إضافة إلى ذلك، فإن عملية الحدود فتحت أمام كيان العدو تحدياً أمنياً جديداً، وهو أمر سيكون له حساباته أمام المآزق الأمنية التي يعبر عنها في مواجهة حركات المقاومة ومحورها في المنطقة.
وحول العملية، مهما حاول «الإسرائيليون» أو حتى المصريون صياغة رواية ما جرى، أو الإخراج الذي يناسب الجانبين، إلا أننا في الواقع أمام عملية فدائية واضحة، نفذها فدائي مصري، ضرب وبشكل موجع ما يسمى «الأمن القومي الإسرائيلي».
كاتب لبناني
* نقلا عن : لا ميديا