شعبنا العزيز، يا أمتنا الإسلامية، إن هذه المناسبة المباركة فرصةٌ مهمة لمراجعة وتقييم واقع أمتنا الإسلامية، في مرحلةٍ من أهم وأخطر المراحل، التي تعاني فيها من انقساماتٍ حادة، وصراعاتٍ عنيفة، ومشاكل كبيرة، ليكون منطلقنا جميعاً في هذه المراجعة والتقييم: إعادة تصويب مسار الأمة، الذي بقدر ما ينحرف؛ بقدر ما تتداعى التبعات الكبيرة لذلك الانحراف في واقع الأمة، ويلحق بها خسائر كبيرة، تدفع الثمن من قيمها وأخلاقها، وتتراجع عن مبادئها، وينعكس ذلك على كل شؤون حياتها، ويجب أن يكون الأساس لهذا التصويب هو تعزيز الهوية الإسلامية، بمفاهيمها الصحيحة: من نحن، وما هي مبادئنا وقيمنا، وما هو مشروعنا كأمة، وما هي معالم هذا المشروع، ومن هو المعلم والملهم والقدوة والقائد، الذي يجب أن نستحضره بقوةٍ إلى حاضرنا وواقعنا، والذي هو بلا شك- بموجب هويتنا الإيمانية وانتمائنا الإسلامي- رسول الله محمد “صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين”.
إن واقع الأمة اليوم متأثرٌ إما بالانحراف الكبير، أو التقصير الكبير، وكلاهما نتاجهما وأثرهما سلبيٌ على الكثير من أبناء الأمة الذين لم يتحرجوا أبدًا أن يتحركوا اليوم- في الوقت الذي هم ينتمون إلى هذا الإسلام- تحت الراية الأمريكية والإسرائيلية، راية الطاغوت والاستكبار، راية الظلم والعدوان، راية الفساد والإجرام، وحملوا لواء النفاق والفتنة في داخل الأمة، ليقدموا للإسلام وللعروبة شكلًا نفاقيًا يدجِّن الأمة لأعدائها الحقيقيين الطامعين، وهذا المستوى من الانحراف المفضوح، المكشوف، الواضح، يستقطب إلى جانبه من كل فئات الأمة، كما أن البعض- أيضًا- لم يتحرجوا أن يصمتوا، وأن يقعدوا، وأن يداهنوا، وأن يتنصلوا عن المسؤولية، في مرحلةٍ نكبت فيها الأمة، وتعاظمت فيها المحنة، وكبرت فيها المظلمة، وتجلت فيها الحقيقة، وكأننا أمة ننتمي إلى دينٍ مبادؤه وقيمه وأخلاقه ورمزه وقدوته تسمح بالتجنّد في صف الطاغوت، أو تقبل بالظلم، وتتغاضى عن الجريمة والعدوان، وليس الدين الذي يقوم على القسط والعدل والحق، والدين الذي هو مسؤولية، وكل ما فيه يعزز هذه المسؤولية، مبادئه، وقيمه، وأخلاقه، وتعاليمه، كما أنَّه يقدم أعظم وأرقى قدوة في تحمل المسؤولية والنهوض بها والتحرك بها وهو رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” والمرتكزات الأساسية لهويتنا وانتمائنا؛ واحدٌ منها ومن أهمها: هو الإيمان الصادق برسول الله محمد “صلى الله عليه وعلى آله”، إيمان التصديق والولاء، إيمان المحبة والاهتداء، إيمان الإتِّباع والاقتداء، إيمان من يستشعرون عظمته، ويعرفون قدره، ويدركون نعمة الله علينا به.
الخطاب الجماهيري للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف12 ربيع الأول 1439هـ
*نقلا عن : موقع أنصار الله