> عن أمريكا وقفازاتها أتحدث
كان لينين يرفض الإرهاب الفردي ،لكنه في كتابه (من أين نبدأ ) يرى أن خلق الرعب واستخدام سلاح الحرب السايكولوجية من أدوات العنف الثوري وجه من وجوه الحرب ،ومرحلة من مراحل المعركة ولا يمكن الاستغناء عنه في بعض الظروف ،بل سوغ العنف حين قال في 8آذار 1981م : إن العنف يلازم الانهيار الكامل للرأسمالية وولادة المجتمع الاشتراكي ” .
تأثر لينين بمذبحة الأحد الدامي التي راح ضحيتها مئات العمال وآلاف الجرحى في 22كانون الثاني 1905م ،وحين أرسل له الرفاق بتصوراتهم وخططهم الثورية أجابهم برسالة حاسمة ،قائلا لهم ” …في ظروف كهذه إن المخططات والمناقشات والجدال حول وظائف وحقوق لجنة القتال كلها أمور في غير أوانها …أرى والخوف ينتابني أنكم تتكلمون عن القنابل منذ أكثر من سنة أشهر دون أن تصنعوا منها واحدة …دونكم الشباب ،شكلوا على الفور وفي كل مكان مجموعات قتالية ،شكلوا منها بين صفوف الطلاب وخاصة العمال ،فلنشكل فورا فصائل من 30،10،3رجلا وليتسلحوا فورا بأنفسهم ،منهم بالمسدس ومنهم بالسكين …يجب على جماعة الإعلام أن يتولوا إعطاء كل فصيلة تعليمات عن القنابل السهلة الصنع ،وإيضاحات أولية عن نوع العمل ،وأن يطلقوا بعدئذ أيديهم للعمل .
ثم يجب على الفصائل أن تبدأ فورا تدريباتها العسكرية بعمليات قتالية …إن السوء الذي نعانيه اليوم هو في خمولنا ،في تصلبنا العقائدي ،في جمودنا العاقل وفي خوفنا من المبادرة ” لينين –المجلد التاسع .
تتراكم جرائم العدوان والغزو الأمريكي /السعودي بإصرار على تدمير المدن والقرى ،الأسواق والمستشفيات والموانئ وصالات العزاء والأعراس ،وآبار المياه والمزارع ، والمدارس وحافلات العمال والمصانع والجسور.وليس آخر تلك الجرائم ما حدث من جريمة قصف في مستشفى الثورة والميناء وسوق الصيادين .وما خلفته هذه المذبحة من عشرات القتلى ومئات الجرحى ،فلقد سبق أن قصفت بصواريخها سوق مستبأ في حجة وآبار مياه في نجد قسيم بتعز ، وحافلة عمال في حوبان تعز ومحطة كهرباء المخا وصالة عزاء قتل فيها مئات المعزين في مدينة صنعاء ، وصالات أعراس الخ .
لكثافة جرائم العدوان والاحتلال وبرودة العالم الغربي تجاهها أصبح واجبا على اليمنيين الأحرار أن يواجهوا القسوة بالقسوة والعنف بما هو أعنف منه (إنهم بلا رحمة فلنكن بلا رحمة ) فالعدوان لن يرعوي إلاَّ إن واجهنا إرهابه بعنف ثوري فثورة روسيا كادت أن تجهض عام 1918م لوا أن لينين شرع العمل للعنف الثوري أن ينطلق من لجامه فكان نجاح الثورة .
وثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي لم تنتصر إلا باستخدامها لحرب العصابات والعنف الثوري والحروب المنظمة .
لن يلجم قبح وظمأ العدوان لدماء اليمنيين إلاَّ إذا انطلق العنف الثوري في عمق الكيان السعودي والإماراتي وتضررت أمريكا بشكل مباشر ،دون ذلك سنظل نقدم أكفان الموتى وسيل الدماء ،آملين أن نغرق السعودية بوحل اليمن ،لكنها في الحقيقة ليست وحلا وإنما سيل من دماء اليمنيين وركام من أشلائهم .
إنهم بلا رحمة فلنكن بلا رحمة . هذا هو قانون الثورات وميزان الديانات وبوصلة الحرية والكرامة . فلنواجه الرعب بالرعب والإرهاب بالإرهاب والعنف بما هو أعنف ،هذه هي لغة الإنسان الثوري الحر في الأرض ،ولغة السماء في العدل .
لاشك أن ضبط النفس ومواجهة العدوان باستنزاف طويل المدى سيتحول في النهاية إلى نصر ،لكن كلفة ذلك باهظة ،فالعدوان والاحتلال لم يترك للعقل متسعا ،وكأنه لا يريد سوى أن نبادله وفق منطق السن بالسن والبادئ أظلم.
استخدام العنف الثوري كإجراء تكتيكي من ضمن خطط عسكرية وسياسية شاملة في مواجهة العدوان الأمريكي وقفازاته بالمنطقة يحتوي على عناصر استراتيجية في النضال الوطني ،فالعنف سيرغم العدو على الدفاع وتحمل العواقب على أرضه ومواقعه الاستراتيجية والاقتصادية ،وسيجبره على الدخول في حرب استنزاف على جبهات مفتوحة ،مما يستهلكه ماديا وبشريا بإجراءات احترازية عديدة وكثيرة .
يعمل العنف الثوري على جعل العدو في حالة عدم استقرار أمني ،ويجعله يشعر أنه سيكون هدفا في أي وقت ،فالعنف الثوري يعتمد على السلاح السايكولوجي الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من أساليبه .
هي حرب شاملة ينبغي أن يتكامل فيها العنف الثوري مع حرب العصابات الذي يقع على عاتق المتطوعين ،ويتكامل مع الحرب النظامية التي يقودها الجيش ،بهذا تتكامل الجهود الثورية في استنزاف العدو في كل مكان يتواجد فيه .
لا شك أن وسائل العنف الثوري قد تطورت ويمكن القول بأن الطائرات المسيرة والحرب الاليكترونية تدخل ضمن هذه الممكنات الثورية في خلق الرعب النفسي بين أوساط العدو .